الملف برس
شهدت حقبة التسعينيات من القرن الماضي ظهور عدد من الظواهر السلبية بسبب ظروف الحرب والحصار الذي كان يمر به البلد في ذلك الحين , وشهدت الفلوجة وقتها ظهور ماكان يعرف بــ (سوق الحرامية ) الذي يقع وسط المدينة قرب الحديقة العامة ويرتاده الناس من داخل المدينة وخارجها من اجل البيع او الشراء ويزداد الحضور يوم الجمعة مما دفع البعض لتسميته احيانا (سوق الجمعة ) , لكن تغيير التسمية لم يمنع احتواء هذا السوق لاعداد كبيرة من الحاجات المسروقة ولاسيما قناني الغاز واطارات السيارات وحديد الخردة القديم وبعض الاجهزة الكهربائية المستعملة.
لكن العام 2003 جاء ليحدث تغييرا في هذا السوق الذي شهد هجرة جماعية بسبب انصراف اغلب رواده الى ( الفرهود ) الذي جاءت به ايام الحواسم حيث تغيرت احوال كثير من الناس الذين اصبحوا اغنياء بين ليلة وضحاها بعد ان كانوا باعة متجولين على الشوارع والارصفة
وشهدت الفلوجة عودة هذا السوق الذي ابرز معالمه ساحة بيع الموبايلات ومواقف بيع طيور الحمام خلال الاشهر الاخيرة لاسباب قد تتعلق بنفاد الاموال التي جناها اصحاب ( الحواسم ) او الانتعاش الاقتصادي الذي سببه الزيادة في رواتب الموظفين واقبال الالاف من ابناء المدينة للانخراط في الجيش والشرطة والصحوات.
يقول (عباس الجميلي) الذي يعرض عشرات الموبايلات على بساط صغير في ارض السوق انه من اقدم العاملين في هذا السوق منذ نشاته في اواسط التسعينيات "حيث كنا نبيع ( السكراب ) الذي يتضمن ادوات السيارات القديمة واجزاء المحركات وانواع المفاتيح والبراغي فضلا عن انواع مختلفة من الحاجات المنزلية من تلفزيون وراديو ومدفأة وقناني الغاز وماشابه ذلك" واضاف "لكن الطلب قل اليوم وقد يكون انعدم بسبب انفتاح العراق على دول العالم واستيراد انواع البضائع وبيعها باسعار مناسبة سواء كان بصورة مباشرة او عن طريق الجمعيات واسواق البيع بالتقسيط مما دفعنا للبحث عن وسيلة اخرى للعيش في هذا السوق الذي يشهد اقبالا كثيرا يوم الجمعة بسبب كونه يوم عطلة مما يوفر فرصة للطلبة والموظفين للقدوم الى السوق وشراء مايعجبهم" , وعن مصادر تلك الموبايلات التي يعرضها يؤكد الجميلي انه غير ملزم بان يبحث ويدقق عن كيفية وصول الموبايل الى السوق بل هدفه هو الحصول عليه باقل سعر ثم بيعه بالربح المناسب وقد تكون بعضها مسروقة كما يحدث احيانا كثيرة ,ويضيف "مع اني لم امر بهكذا مشكلة لكن السوق يشهد مشكلات تمتد احيانا لتصل الى حد العراك بين صاحب الموبايل الاصلي وسارقه او مع اخر قد يكون اشتراه من دون ان يعلم انه مسروق والمشكلة تزداد كلما كان سعر ذلك الموبايل غاليا مثل n79 او n73 لان اسعارها تتجاوز 300000 دينار وهو مبلغ كبير اما اذا كانت المشكلة تتعلق بموبايل صيني مثلا فاننا نتدخل لحلها بان يقسم سعره وتوزع الخسارة على المتخاصمين او ان نقوم بجمع تبرعات تكفي لفض النزاع قبل مجي الشرطة التي تمنعنا من البيع في ذلك المكان لكننا سرعان مانعود بعد ان تغادر الشرطة المكان".
وبالقرب من سوق الموبايلات توجد ( البراجة ) وهي تجمع يضم عددا كبيرا من المحال والبسطات والباعة المتجولين يمتهنون بيع وشراء ( الحمام ) وهنا تكثر السرقات حيث يقوم البعض من ( المطيرجية ) بسرقة بعض الطيور وبيعها في هذا السوق المزدحمة يوم الجمعة من كل اسبوع واحيانا تكون السرقة باقتناص البعض للطيور المارة من فوق منازلهم وتنزيلها بحركات واصوات يتقنونها , هذا ما اكده الشاب (فراس العلواني) الذي اشار الى "ان الاهتمام بالطيور يكون حسب صنفها فاذا كان الطير نوع ( ايطالي او ارفلي او زاجل ) فانه يستحق المطاردة لانه يباع بسعر جيد واحيانا يتجاوز 120000 دينار كما هي الحال بالنسبة للايطالي اما اذا كان من صنف ( الابرص او الايراني) فانه لايستحق العناء لان اسعاره منخفضة" , واضاف "لكن كثير من الوافدين الى السوق يتجنبون شراء الطيور التي نبيعها في الشارع ويلجأون الى المحال التي تتوفر فيها انواع الطيور التي يتم جلبها من سوق الغزل فضلا عن شيء من الضمان يقدمه صاحب المحل الذي يتعهد بان الطيور التي يبيعها غير مسروقة".
من جانبه بين (علي عبدالرحمن) انه ياتي خصيصا كل اسبوع لاختيار بعض الطيور التي تباع باسعار مناسبة تقل كثيرا عن اسعار المحال لكن ذلك لايعني ان تكون تلك الطيور بالضرورة مسروقة فقد يكون بائعها محتاج للمال او قد يواجه رفض الاهل لوجود الطيور في بيوتهم مما يدفعه الى بيعها باسعار تقل عن قيمتها.
وفي الجانب الاخر من السوق توجد ( بسطات ) كبيرة تحتوي على انواع مختلفة من الاجهزة الكهربائية والمنزلية التي تباع باسعار متناقضة لايشبه بعضها البعض الاخر الى درجة اتهام البائعين لبعضهم بالسرقة , وهذا ماحدث مع (حسين غافل) الذي كان يعرض اجهزة كهربائية مستعملة عند السؤال عن سبب بيعه لتلفزيون بسعر 100000 دينار اجاب ( قابل اني بايكة ؟) في اشارة الى ان الاسعار المخفضة التي يبيع بها الاخرون قد تكون لاجهزة مسروقة واضاف "كل شي وارد في هذا السوق لان الفوضى التي يعاني منها البلد قدمت اجواء مناسبة لانتشار هذه الظواهر السلبية التي تخلصنا منها قبل سنتين او ثلاثة لكن الاشهر الاخيرة شهدت عودة كثير من الباعة الذين غادروا السوق بسبب انصرافهم الى عالم ( الحواسم) بعد 2003 لكن كثير منهم عاد اليوم لسبب ربما يكون لان ( فلوسهم خلصت)"
وبين ان الوجود الدائم لدوريات الشرطة كان له اثر ايجابي في قلة ورود البضائع المسروقة مع ان السوق لايخلو منها لكنها اقل من السابق والشرطة لاتسمح لاحد ان يتجمع ويبيع في هذه المناطق لكن الباعة يعودون ليفترشوا ساحات السوق بعد مغادرة الشرطة.
مرات القراءة: 4066 - التعليقات: 0
نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ،
يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث
المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ