عن \"سرقة القرن\" ومآلها
بقلم : جاسم الحلفي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

اثار قرار إطلاق سراح نور زهير بكفالة مالية ، وهو أحد حيتان الفساد والمتهم بسرقة مبالغ الأمانات الضريبية والجمركية، موجة استهجان واستنكار شعبيين. فلم يكن متوقعا إطلاق سراحه بهذه السرعة وهذه الطريقة المباغتة، ومنحه الحرية، بعد إلقاء القبض عليه في آخر لحظات استعداده للفرار خارج العراق في طائرته الخاصة. وجاء هذا معاكسا لما كان الناس يتطلعون اليه، من قرارات صارمة وإجراءات رادعة بحقه وحق كل من ساعده واشترك معه في سرقة قوت ملايين الفقراء والمعوزين والمهمشين.

بالعجالة نفسها، التي اطلق بها بصيص امل للمواطنين في الاقتصاص من ناهبي ثروات الشعب، أطلق سراح "ارهابي مالي"، بذريعة إبدائه الاستعداد لاعادة المبالغ المالية الطائلة التي بذمته، والتي تصل الى تريليون وستمئة مليار دينار.

ويدفعنا هذا التراخي في تعامل السلطات مع من يلاحقه القانون ويقع في قبضته، الى التذكير بالخلاصة التي استنتجها العقل العراقي، والقائلة ان (الفساد هو الوجه الآخر للإرهاب)، وذلك بعد دراسة الأثر التدميري للفساد على المجتمع، والذي لا يقل أذى عن تأثير الإرهاب. بل الواقع انه أخطر وبإقرار المختصين، فالإرهاب ينفذه ارهابيون من خارج مؤسسات الدولة، اما الفساد فيمارسه متنفذ ذو موقع حكومي وسلطة قرار في مؤسسات الدولة ومفاصلها. وبهذا يتساوى الإرهابي مع الفاسد في الخطورة والدوره التدميري. وبهذا ايضا لا ينبغي تخفيف الإجراءات الرادعة ضد حيتان الفساد، بل ان المطلوب هو تشديدها لتصل مستوى التدابير ضد اشد الإرهابيين خطرا وفتكا.

لقد ردد المتنفذون الاستنتاج آنف الذكر في كل خطاب يخص الفساد وخطره على المجتمع، لكننا لم نلحظ انعكاسا ملموسا لما يرددون، في الإجراءات المتخذة بحق كل فاسد يقع بأيدي السلطة. ولهذا السبب لم يكترث المواطنون لتصريحات أيّة شخصية من طغمة الحكم، تدعي التصدي للفساد، بل اصحبت تصريحاتهم مصدر سخرية لاذعة، لان هذه الطغمة هي المتهمة بإشاعة الفساد، وهي المتبنية لاقتصاد الفساد، والمبتكرة لكل جديد في طرق نهب المال العام.  

ولطالما سخر المواطنون من الحكومات التي تدعي محاربة الفساد، وتزعم انها ستضربه بيد من حديد، وحتى تضعه ضمن أولويات منهاجها الوزاري. فهم خبروا عدم جدية المتصدين للمسؤولية وتراخيهم، ولم يروا إجراء ملموسا حقيقيا يذهب الى النهاية في الاقتصاص من حوت فساد واحد. بل ان محاربة الفساد عند هؤلاء المسؤولين لا تزيد على تأسيس لجان وهيئات جديدة يختارون لعضويتها الاتباع والمريدين، ويحولها بعضهم الى بؤر فساد جديدة.

ان المنظومة الحاكمة لا تنقصها القوانين التي تجرم الفساد بكل اشكاله، ولا تعوزها الهيئات ولجان الرصد والتحقق، وانما تنقصها الإرادة والعزم على مباشرة خطوات شجاعة ونزيهة، والانطلاق نحو محاسبة كل الحيتان، ومطالبتها بالرد على سؤال واحد لا اكثر: من اين لك هذا؟

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 30-11-2022     عدد القراء :  897       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced