مشاهد التسول في بغداد والمحافظات من أبشع الصور الانسانية المؤلمة التي تراها يوميا وانت تجوب الطرقات أو تتنقل بين المدن العراقية، وحتى في بيتك لا يمر يوم دون ان يطرق بابك طفل أو عدد من الأطفال الذي يطلبون المال، اكثرهم يخرجون بثياب رثة ووسخة ووجوه حزينة شاحبة يجوبون الشوارع والتقاطعات ويفترشون مداخل الاسواق الكبيرة أو الدوائر الرسمية للحصول على أكبر قدر من المال.
ظاهرة تثير القلق والخوف لشدة انتشارها وتؤكد واقعا مريرا لابد من معالجته وأننا امام ازمة إنسانية، وهنا ليس الحديث فقط عن خطر الظاهرة بل عن معاناة الأطفال الذين يقعون ضحية لها، خصوصا تلك المجاميع التي تأتي بسيارات وتنتشر في مناطق محددة برفقة سيدة كبيرة أو متوسطة في العمر لتظهر وكأنها والدتهم وهو شكل واضح من أشكال الاتجار والاستغلال وامتهان لكرامتهم بنفس الوقت.
نعلم أن رعاية الأطفال مسؤولية مشتركة بين والديّ الطفل والدولة وفي حال أخفقت الأسرة بذلك يتوقع من الدولة أن تبادر لتوفير الحماية للطفل والوقاية من المخاطر التي تحيط به، واستنادا لنصوص الامم المتحدة كما جاء بالمادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل، إن على الدولة توفير الحماية من أشكال العنف أو الضرر أو الاساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال بما في ذلك الاساءة الجنسية.
هل العراق بحاجة لخطة تعمل لحماية الأطفال من التسول؟! نعم نحن بحاجة لتدابير تحدّ من ظاهرة التسوّل على اعتبار انها جريمة يُعاقب عليها القانون، وتقديم الرعاية من خلال إقامة مراكز للحماية والرعاية، ومراقبة الأشخاص الذين يتّخذون التسوّل كمهنة ومحاسبتهم، وتقديم الدعم بتوفير الوظائف والتدريب المهني المناسب ليتمكّنوا من إعالة أنفسهم وأسرهم، بالإضافة إلى دعم المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة مادياً لإبعادهم عن خطر التسوّل، إلى جانب ذلك لابد من الحملات التوعوية المجتمعية في الريف والمدينة بمخاطر ظاهرة التسول، وسيكون لهذه الخطوة تأثير أكبر بمشاركة مجتمعية واسعة وتنفيذها عبر جميع وسائل الإعلام المختلفة واعتبارها قضية رأي عام، والأهم وضع الخطط الناجعة للحدّ من الفقر الذي في الغالب ووفق الدراسات يعد السبب في تدنّي مستوى المعيشة مما يدفع الأشخاص بكافة أعمارهم للتسول، لذلك فلا بدّ من توفير الاستقرار المادي للعائلات الفقيرة من خلال إنشاء المشاريع التنمويّة، وتمويل الأسر المحتاجة وتقديم الضمانات التي تؤمن لهم العيش الكريم.