صعد الدولار نزل الدولار
بقلم : جاسم الحلفي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

انشغل العراقيون طوال الفترة الماضية بسعر الدولار، بعد ان فاجأ صعوده السريع السوق المحلية بمعدلات عالية خلفت ارباكا حادا، وجعلت أسعار البضائع ترتفع عاليا  بنسبة تراوحت بين 25 بالمئة وأكثر من 100 بالمئة. وهذه معدلات لا تتحملها دخول حتى الطبقة الوسطى من المجتمع، وقد جاءت كارثية على الطبقات والشرائح الاجتماعية الفقيرة والمهمشة.

وكان اهتمام المواطنين بهبوط قيمة الدينار وما زال امرا طبيعيا، ونحن هنا نعنيهم بجميع طبقاتهم الاجتماعية، بمن فيهم مــن لم تمسك يداه دولارا في يوم من الايام. وهو اهتمام واضح للعيان واستثنائي، ولقد أصبح الموضوع حديث ربات البيوت، اللاتي لم تبصر اعينهن يوما ورقة الدولار. كما لم يقتنيه الغالب الاعم من الشباب الذين انخرطوا في الاحتجاجات الشعبية العفوية منها والمنظمة، التي انطلقت في الأيام الفائتة انتصارا لقيمة العملة الوطنية.

وتعد ردود الفعل على تراجع قيمة الدينار امرا طبيعيا، له ما يبرره نظرا لارتباط قيمة أي بضاعة في الأسواق العراقية بالدولار الأمريكي، كونها مستوردة من الخارج. والمفارقة العجيبة ان اقتصادنا الوطني ذو طابع استهلاكي غير منتج للبضائع التي نستهلكها، بما فيها المواد الأساسية للمعيشة، بعد ان عزز مفكرو طغمة الحكم نهجا اقتصاديا ريعيا احاديا، تربع فيه الفساد منتجا فكريا وسياسيا واخلاقيا رثا، مكّن المتنفذين وحلفائهم حيتان الفساد من الانتفاع من المال العام والتطاول عليه، وحوّلهم الى طبقة طفيلية غير منتجة وفاحشة الثراء.

ويفسر ما تقدم الارتياح الشعبي العام لقرار البنك المركزي ومصادقة مجلس الوزراء في جلسته يوم الثلاثاء، على تحديد السعر الرسمي لصرف الدولار بـ 1300 دينار مقابل الدولار الواحد. هذا القرار الذي ترقبناه طويلا، وطالبنا به ولم نكف عن المطالبة، وبيّنا مرارا وتكرارا الآثار الوخيمة لتجاهل الوضع المعيشي للمواطنين، ولم نكف عن المطالبة منذ اليوم الذي تجاوزت فيه حكومة الكاظمي على سعر الصرف، وجعلته 1470 دينارا بعد ان كان 1190 فقط، وذلك تطبيقا منها للورقة البيضاء الكارثية، وهي المنتج الفكري لصقور الليبرالية الجديدة المتوحشة، التي لا ترحم سياساتها الظالمة الفقراء والمعوزين والعاملين في القطاع الاقتصادي غير المنظم.

ان السوق المحلية تتأثر بارتفاع قيمة الدولار فترتفع أسعار البضائع فورا، ويتضرر الجميع تبعا لذلك. ويستثنى من الضرر المرابون والمتلاعبون بالعملة والمراهنون في مزادها، فهؤلاء هم المستفيدون من تقلبات سعر الصرف، سواء صعد الدولار او انخفض، وذلك بفضل حساسيتهم العالية جدا للعرض والطلب، والتي جعلت فعلهم مثل فعل المنشار، يأكل الخشب صاعدا ونازلا. ولهذا تبقى الخشية قائمة من ان تنحصر الاستفادة من هذه الخطوة التي طال انتظارها، بالمرابين الذين سيحصلون على الدولار بالسعر الرسمي، ويسرّبوه في السوق الموازي ويبيعوه بسعر اعلى، ما يجعل الفرق بين السعرين عاليا.

وهذا هو أحد أسباب التضخم الذي يضر بالقدرة الشرائية للمواطنين.

  كتب بتأريخ :  الخميس 09-02-2023     عدد القراء :  936       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced