لم يكن صدور امر إلقاء القبض على أربعة من أبرز فريق رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، يوم 3 آذار2023، حدثا مفاجئا. فمنذ انتهاء اعمال الحكومة السابقة والاقاويل تتوالى عن تهم فساد وسوء استخدام للسلطة من قبل فريق الكاظمي، وحتى وضع رئيس الوزراء نفسه في دائرة الشك.
الامر القضائي شمل أسماء مهمة، ويبدو ان تهمة الفساد ستطال آخرين في الحكومة السابقة. وبغض النظر عن صحة المعلومات التي استند اليها الامر القضائي، حيث ان القضاء النزيه هو صاحب الكلمة الفصل في ذلك، فان هذه الاتهامات ستزيد من فجوة عدم الثقة بين المسؤول والمواطن. كما سيزداد الشعور بالإحباط ازاء قدرات الفساد وتسلقه الى قمة السلطة واستغلاله اياها لنهب ثروات البلد، ما يجعل المواطن فاقد الامل بالإصلاح.
وليس الخطاب الرسمي للمتنفذين حول محاربة الفساد وادعاء النزاهة، هو ما يثير السخرية، وانما كل ادعاءاتهم التمسك بالمبادئ والقيم واحترام الدولة ومؤسساتها. حيث تجدهم على سبيل المثال يمجدون القضاء ويطالبون باحترامه وتنفيذ قراراته، لكنهم ما ان يصدر قرار قضائي في غير مصلحة أحد منهم، حتى تسمع منهم كلام التشكيك والطعن. وفي هذا السياق جاء بيان رئيس مجلس الوزراء السابق، الذي رد به على قرار القاء القبض على فريقه المقرب.
تمنيت عليه ان لا يتناسى خطاباته السابقة، وان يقدم نموذجا لتطابق القول والفعل، فيحث زملاءه على المثول امام قاضي التحقيق، ما داموا أبرياء كما يعتقد، حيث يمكنهم ان يبرهنوا على احترامهم القضاء، وينفوا التهم الموجهة اليهم ويردوها بالدليل القاطع، فيثبوا نزاهتهم وبراءة ذممهم المالية، ويؤكدوا صدق تمسكهم بالقيم التي طالما تحدثوا عنها.
هذا هو الطريق الصحيح، وليس المطالبة “بإجراء تحقيق دولي شفاف وعادل يشمل كل القضية وشخوصها، بما يضع الجميع أمام مسؤوليته، ويوقف التلاعب والانتقائية والانتقام السياسي وانعدام الشفافية). علما انه بهذا يتناسى وقوفه مع فريقه ضد المطالبات باجراء تحقيق دولي في جرائم قتل المنتفضين، والمطالبات بإشراف دولي على الانتخابات!