يقول المثل الذي تعودنا على الاستشهاد به حين نتذكر تأريخ الحزب الشيوعي منذ بداية الـتأسيس وما سبقه وإلى يومنا هذا حيث يقول المثل:
العودة إلى الأصل أصل. وهذا ليس مثلا عابرا ودون جدوى من ذكره، بل يحفل بمعانيه الكبيرة والواسعة والمتجذرة في الوجدان العراقي، ونحن هنا نخص حزبنا الشيوعي العراقي الذي كم أبهرنا نحن الشيوعيين تاريخه العتيد وما قدمه ويقدمه من تضحيات، كم راهن الأعداء والحاقدون على القضاء عليه ومحوه من المشهد السياسي العراقي، إنما المبهر والباعث على الاعجاب والمدهش حقاً، أنه كلما تكاثرت عليه أحقاد الناصبين له ولتاريخه المجيد، تتجدد مسيرته العطرة وبوضع أقوى وأمضى مما كان عليه.
فما السر إذن في هذه المعجزة التي ينبغي التوقف عندها طويلا والتفكير في محتواها الوطني الأصيل؟
لم يكن مسعى الحزب في بناء بيت للشيوعيين والعراقيين كافة مجرد مواد بناء وأيدٍ عاملة تشيّد مقرا مستحقا لبيت المناضلين الحقيقيين الذين بذلوا الغالي والنفيس وقدموا خيرة مريديهم وقادتهم قرابين تلو القرابين من أجل المبادئ النبيلة، إنما كان الفداء والإصرار عليه أبعد من ذلك بكثير، فعاصرنا ونحن صبية صغار وشباب يافعون الحضور الوطني والقيادة الأصيلة بالتشبث بالمبادئ حتى وإن كلف ذلك حياة المناضل والتضحية بأسرته وأبنائه وأعز ما يملك، من أجل أن يشتد كيان الحزب ويقاوم الرياح الصفراء التي نذر الحاقدون كل ما بوسعهم من أجل إيقاف ذلك الزحف المبارك من أجل وضع الأسس الحقيقية للتشبث بالمباديْ الوطنية، فكان الثمن غاليا حتى يثبت المناضلون أنهم ليسوا طلاب مناصب أو امتيازات كما نلاحظ ذلك في يومنا الأغبر وما سبقه من سياسات هوجاء كان كل هدفها السعي للقضاء مسيرة الحزب واستهداف مناضليه الذين قدموا أمثلة اسطورية في التشبث بالمبادئ والقيم الشيوعية التي لم تتمكن شتى صنوف حالات الإبادة والاستهدافات الجبانة المجرمة من القضاء عليها أو الحد منها، والأسماء الخالدة ما زالت شاخصة في أذهان الجميع، حتى أن المراقبين لتلك المسيرة المظفرة رغم شراسة الحاقدين عليها لم تنل مطلقا من تنفيذ مخططاتهم الحاقدة، رغم أنهم وظفوا كل ما يستطيعون من الاستهدافات الجبانة ولم يفلحوا.
نحن هنا نريد أن نذكّر الشباب الشيوعي الناهض والوريث لتلك التضحيات الجسيمة وما قدمه الحزب من قرابين لا تعد ولا تحصى ليتبينوا مسيرة الحزب الخالدة المتجذرة في الأرض العراقية والتي كم حاول القتلة والحاقدون من النيل من تلك الآصرة وأخفقوا خائبين، منذ جريمتهم النكراء بإعدام قادة الحزب الخالدين وما لحقتها من سلسلة تصفيات من العسير عدّها، ورغم ذلك بقي الحزب صامدا متمثلا بطائر العنقاء الذي يخرج من ترابه ويعيد تشكيله من جديد، في حين أن كل الطارئين ذهبوا لمزبلة التاريخ.
إنها دروس وطنية في التضحية من أجل المبادئ الوطنية العتيدة، لنأتي إلى مشروع بيت الحزب المزمع إنشاؤه ليوجه رسالة لكل الموتورين والخونة واللصوص والانتهازيين، بأنهم مهما تحاملوا وتعاظمت احقادهم ومساعيهم الخبيثة بالوقوف بوجه المد الشيوعي المؤزر، ها هي الرسالة تصفعهم وتلجمهم والحزب الشيوعي العراقي يسعى لإنشاء بيت العراقيين وهو عبارة عن وشيجة ودرس لا يفهمه المغفلون، ونحن بانتظار تتمة البناء لتكتمل الفرحة وتوجه رسالة لهؤلاء الموتورين، بأنه ليس بيتا بمعناه المباشر، بل تجذرا أعمق وتشبثا أبعد بتراب العراق ونخيله وناسه الطيبين.