«المقاومون» والسيادة والمرض الهولندي
بقلم : جاسم الحلفي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لعل مبدأ السيادة هو ما بالغت طغمة الحكم في ادعاء التمسك به تبجحا، باعتبار ان متنفذيها “مقاومين”، ولو انني لا اعرف الجهة التي يقاومونها تحديدا، ولا أظنها الولايات المتحدة الامريكية كما يزعمون.

ففي الوقت الذي كانت فيه صواريخهم تنطلق ليلا في اتجاه السفارة الامريكية لتسقط على بيوت العراقيين الآمنين، كان نوابهم في البرلمان يصوّتون علنا، عاما بعد عام، لمصلحة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عند تشريع قوانين الموازنات السنوية.  ولا احد يجهل ان هاتين المؤسستين الماليتين تعدان ذراعين للإمبريالية الأمريكية.

في 21 تموز الجاري، بعد اكثر من تسعة اشهر على العقوبات الامريكية ضد المصارف الأربعة، جاءت العقوبات الجديدة التي شملت أربعة عشر مصرفا يحمل اغلبها صفة “إسلامي” ويمتلكها متنفذو طغمة الحكم واتباعها. وهي جميعا متهمة مرة بتهريب الدولار وأخرى بغسيل الأموال.

وجاءت العقوبات في فترة حكومة الإطار وحلفائه، وفور اعلانها تهاوت قيمة عملتنا الوطنية - الدينار العراقي امام الدولار الأمريكي في السوق الموازية، ويتوقع المزيد من تراجع هذه القيمة، وتفاقم تأثيره في غلاء الأسعار وفي التداعيات المرة الاخرى على الوضع المعيشي لغالبية المواطنين، خاصة منهم أصحاب الدخل المحدود والقابعين على خط الفقر ودونه وملايين المهمشين غيرهم.  

وخلال ذلك لم تظهر منهم ممانعة لحماية الدينار، بل ان منهم من اصابه الذهول بفعل صدمة العقوبة التي لحقت بمصرفه، ولم يبد أية مقاومة لحماية الاقتصاد العراقي الذي أمعن فيه “المرض الهولندي” نهشا، وهو المرض الذي يسببه الاقتصاد الريعي، وتتجلى اعراضه في الفساد، والترهل الوظيفي، والتلاعب باموال الدولة، وغياب العدالة الاجتماعية، والكسل والجمود الإبداعي، واستنزاف وتبذير  الثروة النفطية هباءا منثورا في صفقات فساد لا طائل وراءها، وبلغت صلافة الفاسدين في بعضها ان أطلقت على جريمتها تسمية “سرقة القرن”.

من الواضح اليوم اننا متوجهون بخطى ثابتة صوب الاقتصاد الأحادي، مهملين الاقتصاد الحقيقي بقطاعاته الصناعية والزراعية والخدمية، وان هذا انتج اقتصادا مشوها، وأختلالا هيكليا في التصدير والاستيراد، وإشاعة للنزعة الاستهلاكية، واغراقا للسوق بنفايات دول الجوار من سلع ومواد.

وان خلف كل ذلك فجوة طبقية هائلة الاتساع، طرفها الأول طغمة الحكم والمرابون والعصابات المالية المتلاعبة بسوق العملة والمهربون وسماسرة العملة الصعبة، وغاسلو الأموال وازلام الصفقات واللجان الاقتصادية لأحزاب السلطة، وبكلمة أشمل: الفاسدون برمتهم. اما طرف هذه الفجوة الطبقية الآخر فهم ملايين الكادحين وأصحاب الدخل المحدود ومنتسبي القطاع الاقتصادي غير المنظم والعاطلين عن العمل والمهمشين، بضمنهم ارامل الحروب العبثية والصراعات الطائفية وضحاياها الآخرون.

ولم يلاحظ بالطبع ان أحدا من طغمة الحكم قد فكر في هذا الاختلال، الذي يعد احد عوامل الازمة المستفحلة التي لا يعيرها فكر السلطة اهتماما ولا يحسب لها سياسيوها حسابا. وفي النهاية وكما هو حال الشعوب الحية التي لا ترضخ لظلم ولا ترضى بطغيان، سيقول شعبنا كلمته وبطريقة تضع حدا لهذا لاستهتار بمصير العراقيين والعراق.

  كتب بتأريخ :  الخميس 27-07-2023     عدد القراء :  774       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced