ليس جديداً ان تصطدم أحلام الفتيات بجدار الموروث الاجتماعي من عادات وتقاليد شأنها شأن مجالات كثيرة تراجع فيها حضور المرأة نتيجة التهميش المقصود والذي انسحب على واحدة من أهم المجالات التي كانت تأخذ حيزها الطبيعي وضمن الدروس الأساسية في التربية والتعليم، وكثيراً ما كانت تقام المسابقات التنافسية بين المدارس بمادة التربية الرياضية في كل عامٍ دراسي، ولم تقتصر على الذكور بل كان للفتيات النصيب الأكبر في المشاركة وحصد الجوائز التي كانت تزين مداخل الإدارات المدرسية.
أما اليوم تواجه الرياضة النسوية تحديات ومعوقات فرضتها السياسات الخاطئة والممنهجة، والتي تسببت في اغتيال احلام الكثير وتبديدها عندما كرست مفاهيم مغلوطة ومشوهة أدت لفرض قيود اجتماعية، مما ولدَّ نظرة دونية ومبتذلة داخل المجتمع، تجعل الأهالي رافضين أن تنخرط بناتهم بهذا المجال، بالإضافة إلى المعوقات المادية والقانونية التي من شأنها أن توفر الدعم الذي يشجع الأهالي على دعم بناتهم لممارسة الرياضة.
رغم المعيقات إلا ان العراق يمتلك طاقات كبيرة وكثيرة، هناك لاعبات ورياضيات متمكنات في كرة التنس والطائرة والسلة وحتى كرة القدم والساحة والميدان والملاكمة والفنون القتالية ورفع الاثقال وغيرها داخل وخارج الكليات الرياضية، بالإضافة إلى مجال التحكيم، مما يفرض على الجهات المعنية أخذ هذا الجانب بنظر الاعتبار خصوصا مع وجود حصاد دولي وإقليمي تحققه الرياضة النسوية، إلا أنها ورغم النجاحات التي تحققها وهي ترفع اسم العراق وتتوشح بعلمه متباهية متفاخرة تقابل بالتسويف والإهمال ولا تأخذ حتى حقها في الإعلام.
في أدراج مكاتب وزارة الرياضة والشباب هناك إستراتيجية وطنية للارتقاء بالرياضة النسوية بهدف دعم صحة ونفسية المرأة، ورعاية رياضة الموهوبات وذوات الهمم والرياضة المدرسية والجامعية والتثقيف الإعلامي، لكنها معطلة تواجه عائق عدم توفر التمويل الخاص بالأنشطة النسوية، ولكي تكون للعراق استراتيجيات حقيقية تنهض بالمرأة الرياضية يجب الاستماع إلى مقترحاتهن ووضعها على طاولة العمل والتنفيذ، ومنها فتح مراكز تخصصية خاصة بالرياضة النسوية، وإنشاء أكاديمية نسوية بإشراف مدربين اختصاص، والزام الأندية بتأسيس فرق نسوية وإدخال المدربات في دورات تطويرية من أجل الإشراف على التدريب، وتخصيص قاعات أو ملاعب خاصة بالرياضة النسوية، وتوفير وسائل نقل للاعبات أثناء التدريب، وإقامة دورات تحكيمية للحكام النساء، وتفعيل درس الرياضة في مدارس الإناث، واستقطاب الطاقات منهن وزجهن في فرق الأندية النسوية، ليكون للرياضة النسوية العراقية قيمتها وحضورها الوطني والاقليمي والدولي.