تمسح الدمع بهدوء عن وجنتيك، وأنت تشاهد رفيقك،يدلي بشهادته عبر جهاز التلفاز، عن جريمة حدثت قبل أكثر من عشرين عاما،مساء جاءت غربان النظام البائد،تنثر الموت على رؤؤس الأنصار الشيوعيين في (كَلي زيوه)،فأستشهد حينها شجرة لوز دوغات (أبو فؤاد)،وكرمة حب زاخو(أبو رزكَار)،وأكثر من مئة وأربعين نصيرا فقدوا بصرهم لحين.
تمسح الدمع عن وجنتيك،وأنت تستعرض وجوه رفاقك،حيث لازال الكثير منهم يعاني من تأثيرات غاز الخردل،على رئتيه وعينيه وبشرة الجلد،تستعرضهم واحدا واحدا،أطفالا ونساء ورجالا، لا شئ يجمعهم في ذاك الوادي،غير الحب لهذا الوطن،تستعرضهم ولما يزلْ في الذاكرة صراخ الأطفال مجد،سيفان،ندى، مشمش،سمسم، من الحرقة التي أحدثها الخردل في عيونهم.
تمسح الدمع عن وجنتيك بهدوء،وأنت تشاهد رفيقك الأخر،وهو يروي قصة التعذيب الذي تعرض له في مديرية الأمن العامة، كان ذلك قبل أكثر من ثلاثين عاما،يوم توهم النظام من أنه قادر على اقتلاع جذور الحزب الشيوعي من العراق،لهذا جهز كل قدراته للتعذيب،وأستحضر إلى مراكز التعذيب، أبشع أدوات التعذيب،من (كيبلات) الضغط العالي إلى القناني والصدمات الكهربائية،وجند المئات ممن باعوا ضمائرهم للقيام بهذا الدور.
تمسح الدمع بهدوء عن وجنتيك،وأنت تستعرض وجوه رفاقك، أولئك الذين غيبهم النظام في أقبيته،أو الذين زق لهم الثاليوم في العصير أو دسه لهم في الطعام،أو أولئك الذين أهان كرامتهم،في التوقيع على المادة 200،والتي تمنح الحق للسلطة في إعدام كل منْ يعود للعمل في صفوف الحزب الشيوعي.تستعرضهم وفي الروح حسرة حزن على من لم تره ثانية.
تمسح الدمع عن وجنتيك بهدوء،وذاكرتك تستعرض صور جميع رفاقك الشهداء،مثلما تستحضر في ذاكرتك حجم الاضطهاد الذي تعرض له الشيوعيون على يد النظام المقبور،لهذا فأن عمق الصدق في الشهادة يرتبط بحجم الاضطهاد.
كتب بتأريخ : الأحد 24-01-2010
عدد القراء : 2346
عدد التعليقات : 0