امتلأ الاسبوع الفائت بحركة ساخنة كان "مرجلها الساخن" زيارة السيد مسعود البرزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الى بغداد، بعد انقطاع اخذ من الزمن ست سنوات. حيث استقبل بحفاوة تبدو عالية، حيث احتضن برحابة من قبل الاطار التنسيقي طرف الاختلاف الاساسي. وبدا التلاقي وكأنه لم يكن حصول ذلك الجفاء والخلافات التي نشبت على اثر النكوث باسس الاتفاق الذي تشكلت بموجبه الحكومة. بهذه الصورة حظيت الزيارة برضا الجميع املاً ان تكون نتائجها لصالح الجميع. غير انها منذ بواكيرها الاولى عكست بكل وضوح انها لغرض ترميم العلاقات الفئوية والحزبية الضيقة ليس الا.
اقتصر تحرك السيد البرزاني بخارطة زيارات مضغوطة مع أطراف معينين، دون غيرهم من احزاب وشخصيات وطنية صديقة مخلصة لقضية الشعب الكردي أكثر من غيرها من رجال السياسة في العراق. واقل ما توصف به ان الزيارة كانت تنضح بقلة الثقة المتبادلة بين شخصيات واحزاب رجالات الطغمة الحاكمة، وتؤكد من خلال وقتها القصير ما ذهبنا اليه، ففي يومين فقط جرى 17 لقاءً سريعاً، لقد تبين غرضها واضحاً مكرساً كما يبدو لتبليغ موقف او رسالة تفرض عجالتها ظروف مستجدة لا تقبل التأجيل، ولسنا هنا نلقي بتساؤلاتنا جزافاً حيال ما اتسمت به الزيارة، بقدر ما نلفت الانتباه الى كونها غير متناسبة مع طيلة غيابها في السنوات الماضية.. من هنا تتولد التكهنات والتي عززها انعدام صدور اي اعلان عن خلاصة ما تناولته من ملفات عكرة، تخص العلاقة بين الحكومة المركزية والاقليم، او حتى من دون بيان برتكولي يذكر.
تنشطر اهداف الزيارة الى أكثر من مربع كما اسفرت عنه، إذا جاز هذا التعبير. يأتي في مقدمتها اعلان رضا الكرد عن مواقف الرئيس السوداني مع قناعتهم بضرورة فرزه عن مواقف الإطار التنسيقي. واستدراكاً من " المعزبين " دعي السيد البرزاني الى جلسة خاصة حضرها كافة اركان الاطار، بمن فيهم الطرف الاشد اختلافاً مع الاقليم، وذلك للاستماع والاسماع لما اراده السيد مسعود البرزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني تبليغه للقاصي والداني، والى الذين قابضين على عتلات الحكم.. الجدير ذكره ان حزب البارتي قد عودنا على قدرته في اقتناص الفرص والاستفادة من ثغرات الحكم.. ذلك ما يعكس فطنة بالاداء السياسي .. وعليه وبما ان وضع ادارة الحكم القائم في حالة عاصفة وامست تشهد خلافات بينية شديدة حول المناصب والنفوذ بعد غياب المعارضة، قد وفر ذلك فرصة مناسبة لتحديث طرح مطالب الكرد، التي اصابها الصدأ والتجاهل المتواصل وكادت تغدو فاقدة لجوهرها، ماعدا المتنفس الاخير من قبل السيد السوداني رئيس مجلس الوزراء. وفي هذا المنحى صار من المناسب ان يتلاقى الكبار لترميم العلاقات " المخلبصة " بين الاطار التنسيقي وحكومة الاقليم ولكن باي معيار يا ترى ؟ ..
لا شك ان الغزل منفرد ولكن الحياكة حصرياً في " فابريكة " المحاصصة، التي انتجت ذات الخلافات الدائرة حول المكاسب والاسهم من وليمة العراق المنهوب. لم تشهد اللوحة السياسية في العراق منذ 2003 وسقوط النظام الدكتاتوري الى يومنا هذا، حصول اي صراع او اختلاف قد نشب بين اقطاب الحكم، حول عملية بناء واعادة الدولة العراقية ذات السيادة الكاملة والنمو الاقتصادي، او توفير حياة كريمة للشعب العراقي . انما الحال تشكي امرها المتردي، والناس يعيشون عوزاً وكمداً مريرين، ولا من يئبه من الجالسين فوق بيادر المال المنهوب وينظر خارج حدود ضيعته .. هؤلاء يحسبون انفسهم بملوك الطوائف والقوميات. الذين ابتلي شعبنا العراقي بهم. ويخدعون انفسهم بان العراق هو مملكتهم الموروثة.