تعمل القيادات النسائية بشكل مباشر وغير مباشر في الخطوط الأمامية، أثناء الأزمات والصراعات والتهديدات الداخلية والخارجية، التي تعصف بالبلد منذ سنوات، وذلك للاستجابة العاجلة للمحتاجين والمساعدة في التخفيف من المخاطر السياسية والاجتماعية المرتبطة بكل هذه الأزمات.
كما تسعى لحماية المكاسب التي تحققت في عقود سابقة، وتلك التي تتعرض للتهديد، وخاصة ما يتعلق منها بمشاركة المرأة وتمكينها وما يرتبط بالأحوال الشخصية، بسبب تأثير ذلك أيضاً على الأسرة والطفل وبالتالي على المجتمع كله. ويشتد هذا التأثير خطورة مع تعرض الأسرة العراقية لمشاكل الفقر والبطالة وغياب الخدمات والسكن الملائم والأمية، إضافة إلى العنف الأسري والجنسي، الذي سجلت معدلاته ارتفاعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة.
ومع أنه قد تم تحقيق مكاسب متعددة لتعزيز مشاركة المرأة بالفعل، مثل الكوتا التي تضمنها الدستور العراقي وعدد من النصوص الاخرى التي تدعم المساواة بين العراقيين دون تمييز، إلا أنه وبعد مرور 20 عاماً ، لا يزال هنالك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.
ولهذا، تواصل القيادات النسائية عبر الشبكات والمنظمات، السعي لحل الازمات ومنها محاولات ضرب المكتسبات التي تعزز التماسك الاجتماعي لكل العراقيين، وبذل جهود مضاعفة للتصدي إلى هذه المحاولات التي تريد ان تغتال قوانين توفر الكثير من الحماية، إذا ما طبقت بشكل جدي، ووفق آليات وأجراءات لينة تساعد في حل الكثير من العقد مثل المادة 57 من قانون الاحوال الشخصية، والتي حولتها بعض الأطراف إلى مادة جدلية وحملتها كمعول لتهديم أفضل قانون أحوال شخصية في المنطقة وليس في العراق فقط.
نحن على مفترق طرق إذن، إما أن نفقد المكاسب التي تم تحقيقها بشق الأنفس في مجال حقوق المرأة والأحوال الشخصية، أو أن نناضل من أجل تحقيق المساواة التي كفلها الدستور في المادة 14، ونعمل بصمود أكبر للوصول إلى حلول حقيقية تحمي هذه المكتسبات وتؤمن ضمانات أكثر وتوفر تشريعات أهم مثل قانون الحماية من العنف الأسري، ولإجهاض مساعي اللجوء إلى نسف قوانين رصينة مثل قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959.
إن حماية قانون الاحوال الشخصية باتت قضية ملحة تتطلب تدخل الأطراف المعنية مثل مجلس القضاء الاعلى ونقابة المحامين واتحاد الحقوقيين وكل القوى والحركات التي يجب ان تقف صفاً واحداً بوجه أي إخلال من شأنه تهديد وحدة العراقيين.
وإذ تقف القيادات النسائية اليوم على الخطوط الأمامية في هذه المعركة ويشكلن جزءاً لا يتجزأ من رفض المجتمع العراقي للتراجع عن الحقوق الدستورية المكتسبة، رغم التشويهات التي تنال منهن وتحاول أضعاف عزيمتهن في ظل القيود الحالية والتي بمضمونها تشكل تهديداً صارخاً للديمقراطية والمدنية في العراق، تطالب بأعلى صوت لإتخاذ جميع التدابير الاحترازية والتحرك المدروس لمنع مثل هذه التجاوزات على الدستور أولاً والقانون ثانياً ولخلق عراق أفضل وأكثر أمانا.
طريق الشعب