«تردون الصدك كلهم حرامية»
بقلم : جاسم الحلفي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

علت أصوات جموع المحتجين المرددين شعار “تردون الصدك كلهم حرامية” في سياق موجة الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت البلاد يوم 25 شباط 2011. ورغم أن هذا الشعار يفتقر إلى الدقة ويعتمد تعميما غير منصف، إلا أنه يعبر عن حالة الغضب والإحباط الشعبية، التي أفرزتها موجات الفساد المستشري.

ولا غرابة في استغلال طغمة الفساد هذا التعميم لصالحها، بعد ان وجدت فيه ملاذًا آمنًا وهو يتهم الجميع. وبالتالي لا يشعر الفاسدون بالخزي أو التهديد، بعد ان شرعن النظام هذا الفساد وحمى الفاسدين، حتى باتت النزاهة عملة نادرة في اغلب مؤسسات الدولة.

أما من يحاول التصدي لهم، فيُواجه بحملة شرسة من التشويه والاتهام بالابتزاز، بغية خلط الأوراق وإبعاد الشبهات عن المجرمين الحقيقيين. وفي هذا السياق، تبرز قضية نور زهير كأحد أبرز الأمثلة على استغلال هذا التعميم. زهير، المتورط في ما يُعرف بـ”سرقة القرن”، لم يكتفِ بسرقة أموال الشعب، بل عمد إلى استخدام أساليب ملتوية لحماية نفسه وشركائه، من خلال توجيه التهم جزافًا لكل من يحاول مواجهته. وقد حاول التلاعب بالرأي العام وتسويق نفسه كحمل وديع مظلوم. يحترم القانون ويتمسك بسياقاته. وفي نفس الوقت، طالب بمحاكمة عادلة علنية. لكنه خلف هذا القناع أطلق تهديدات واضحة لكل من يقف في طريقه، محاولًا ترويع خصومه وحماية شركائه الفاسدين.

الجريمة التي ارتكبها زهير لم تكن مجرد سرقة، بل كانت استهتارا بالدولة وبنظامها السياسي. ومع ذلك، لم نشهد أي رد فعل جاد من جانب المسؤولين، الذين بدا وكأنهم غير مبالين بالتهم الموجهة إليهم من قبل الشعب الغاضب. وهذا الصمت المريب يثير الشكوك حول تورطهم أو على الأقل تواطؤهم مع نور زهير وشركائه في الجريمة.

وحينما تلاحظ  صمت المتنفذين وعدم مبالاتهم، تشعر ان شعار “تردون الصدك كلهم حرامية” قد تجاوز التعميم، وانه يشملهم بكل تخصيص ودقة بعيدا عن الاطلاق، حتى ليبدو ان المتنفذين اشتركوا بهذه السرقة  بشكل مباشر او غير مباشر.

ولربما اختارت طغمة الفساد الصمت لأن أي تصريح منها قد يشكل إدانة جديدة لها، كما حدث عندما صرح وزير المالية السابق علي علاوي للمركز الخبري العراقي، بأن “قاصة نور زهير في الإمارات تُعد الأكثر تحصينًا في الشرق الأوسط ولا يمكن كسرها... وان صهر جدارها يحتاج إلى درجة حرارة تفوق 2900 مئوية .. فدرعها الخارجي صُمم لصد جميع أنواع الضربات والقذائف، فهو لم يُبنَ بالطابوق، بل صُمم من صهير سبائك الشوبهم التي لا يمكن كسرها ولا ثقبها”. وذكر علاوي أن القاصة يُتوقع أن تحتوي على أكثر من ملياري دولار، و50 طنًا من الذهب الخالص، وانها تابعة لنور زهير ومجموعة سياسية بينها رئيس برلمان سابق.

والسؤال المطروح هو: كيف لم يكتشف الوزير السابق السرقة في حينه ويمنع حدوثها، مع علمه بهذه التفاصيل الدقيقة؟

وأسئلة كثيرة تحيط بسلوك نور زهير وشركائه وكفلائه، وبإمكانياته المالية، وإسرافه في نزعة الاستهلاك والتمظهر .. هذا السلوك الذي يشاركه فيه كل من ينطبق عليهم القول “تردون الصدك كلهم حرامية”!

طريق الشعب

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 28-08-2024     عدد القراء :  75       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced