ان الرئيس الامريكي العائد ليس بعملة صعبة محتاجة الى صرّاف ليحولها الى نقد محلي، بغية تحسين معاشات الناس او يساهم في تنمية البلد. انما حاله حال دولاره الذي لا ياتي الا بدفع ثمنه . والرئيس البزنز مان العائد لم يتوان عن الافصاح بنواياه حينما قال " من يريد الحماية ليدفع !! " قالها ويبدو انه على يقين بان بعض الذين فرحوا بفوزه، على مستوى مرتفع من الاستجابة لطلبه ـ شرّاية ـ خواردة.. وبذات الوقت على مستوى هابط من الخضوع.. لقد تاكد لنا ذلك حيث تصاعد رصيد التهاني في بورصة العلاقة مع الادارة الامريكية. ان اللافت للنظر هو ذهاب هذا الرصيد الى صوب خصوم امريكا ايضاً. وان كان بصيغة مواربة مزوقة ومغلفة بغطاء سميّ بـ " العقلانية " .. حقاً كان امراً جديداً ومستحدثاً في الصراعات السياسية الدامية التي تخوضها القوى الوطنية. التي كانت متميزة بالصلابة، ولم تخضع للمساومات على حساب قضاياها الوطنية الكبيرة..
ان الرصد السياسي لم يسبق له ان اخبرنا بحصول متغيرات في المواقف السياسية من دون مقدمات معينة، على الاقل بمستوى جس النبض، ولكن المريب في هذه المرة، قد حصلت " العقلانية " سابقة لأوانها وقبل ان يلمس شيئاً من سياسة " ترمب " ازاء الاوضاع في الشرق الاوسط الاكثر التهاباً، انما توجه الى الصراع الروسي الاوكراني واللقاء بالرئيس بوتين.. مفهوم ان هذا الصراع مكلف لامريكا ولا جدوى منه انما حروب غزة ولبنان مهما تكلفت واشنطن سيسترجع لها اضعاف الكلفة المصروفة، التي سبق ان اشار اليها " ترامب " بقوله: من يريد الدفاع ليدفع .. ومنها تأجلت جهود الوساطة القطرية لحين اناطة اللثام عن شروط امريكا المدثرة حالياً في حقائب منهج الرئيس الامريكي العائد.
وعندما لا توضع مخاطر العدوان الصهيوني على غزة ولبنان في صدارة السياسة الجديدة للبيت الابيض، لايعني ذلك سوى اعطاء فرصة اكبر لاسرائيل لذبح الشعب الفلسطيني، ومزيداً من اخضاع الدول العربية، وفي بعدها الاخر تكريس حالة الانصياع للقبول باخطر مفهوم سياسي انطلق في بداية الحرب، وهو ربط ايقاف الحرب مقابل " التطبيع الشامل ".. فهل هو هذا المنتظر من التأجيل للاتيان بحل عاجل لهذه الكارثة ؟ ، لا سيما وان بوادر اطلاق هذا المتنفس جاء من لدن المطبعين العرب للاسف.. كما ويبدو قد لاح في صدارة الاحاديث في الكواليس متسرباً للعلن. لا ينبغي ان لا تدفع قضيانا العربية الاساسية " قضية الشعب الفلسطيني " تحديداً، وفي ظل عدوان صهيوني مكلوب ومدعوم امريكاً الى شبه ميدان سباق الخيل وتجري المراهنات على هذا الحصان الابيض او على ذاك الحصان الاسود ..و اخيراً نقولها : لتخرج عن اطار مصالح الحكومات المرهونة مسبقاً لارادة القوى المهيمنة الامبريالية المتوحشة . فمتى سيكون ذلك ؟ هل يكون كما قال احد المدعين بالتدين " اننا سنطرد اليهود في الاخر من الجنة " !!!