لا حماية بعد اليوم، فقد تحولت قضايا النساء العراقيات إلى مشاريع مساومة بين المتنفذين في أروقة السلطات التشريعية والرقابية، وإلى التعامل معهن بالأعراف التي تبقيهن في خانة التنميط الذي يحرمهن من ممارسة دور فاعل في المجتمع كمواطن بكامل حقوقه الانسانية، في وقت هنّ بأمس الحاجة فيه لقوانين مدنية تحمي حقوقهن.
لقد صار مألوفاً تزامن اشتداد أزمات المجتمع العراقي بسبب الفساد أو الصراع على النفوذ والثروة، مع التضييق على النساء باعتبارهن عناصر ضغط وإزاحة يمكن استغلالها واخضاعها، بموجب الأنظمة الأبوية ذات النزعة القبلية، خاصة حين تتنصل الدولة عن المسؤولية المجتمعية وتتهاون أمام استقواء الثقافات القبلية التي تنظر للمرأة نظرة دونية.
إن حقوق المرأة هي حقوق الإنسان، وفق كل شرائع حقوق الإنسان الدولية ويجب أن تُعامل على قدم المساواة مع الرجل. بيد أن الوضع الهش الذي تعيشه اليوم يجعل تمتعها بحقوقها الآدمية وهماً، مما يُلقي بالمسؤولية على القانونيين والمدافعين عن الحريات والحقوق وهيئات الرصد الدولية، لرفع صوت الإحتجاج ضد ما يجري، إذا ما أُريد لحقوق الإنسان أن تصبح واقعـاً فـي المسـتقبل وتكرس مجتمعياً. لا بد من مواصلة بذل الجهود على كافة المستويات لتمكيـن المرأة من ممارسة حقوقها دون خوف من أن تتعرض للضرب أو القتل أو للرفض الاجتماعي في أفضل الأحوال.
قد يكون النظام القانوني متحيزا بشكل مجحف لصالح الرجل، ويحّمل المرأة أعباءً لا طاقة لها لمواجهتها، كالتعرض للعنف والاغتصاب والتهديد وحتى بالقتل، تلك الأعباء التي تتضاعف قسوتها إذا ما كانت المرأة مهاجرة أو لاجئة أو مشردة أو لمجرد انتمائها إلى أقلية إثنيـة أو عرقيـة، ولهذا وكي تتحرر المرأة من عذاب دائرة مفرغة اجتماعية وثقافية ودينية وسياسـية وقانونية، لا بد من تطوير النظام القانوني، بحيث تحصل المرأة الحماية المجتمعية، لتستطيع مواجهة كل التحديات مهما كانت.
وتبقى الدعوة ملحة للقضاة والمدعين العامين والمحامين للعب دور حاسم في التصدي للعنف الذي يقوم به أفراد أو مجاميع متطرفة أو تجيزه الأعراف أو تتسامح إزاءه الدولة، والبدء بتطبيق تشريعات مناهضة العنف الأسري والمساهمة في ردع السلوكيات غير المرغوب فيها أو تعزيز النواتج الإيجابية في تغيير المعايير والتقاليد الاجتماعية.
طريق الشعب