تحررت الشام من الدكتاتورية وحكم حزب البعث، وحلت محله تنظيمات متنوعة ومختلفة، ويبدو من تدقيق شعارات وأهداف تلك التنظيمات أن من بينها من كان يضع هدفا اخيرا لعمله مثل هيئة تحرير الشام، وهي منظمة يقودها أبو محمد الجولاني واسمه أحمد الشرع، ويطرح نفسه على أساس أنه القائد العسكري والمهيمن على مقاليد الحكم الجديد، وبعد أن تحقق الهدف النهائي لتنظيمه في تحرير الشام ماذا سيرفع تنظيمه من هدف آخر بعد ان انتهت مرحلة التحرير وإسقاط سلطة بشار الاسد بالسهولة التي شاهدناها على شاشات الفضائيات، وفي تحول لافت يحاول الشرع أن ينقلب على تصريحاته وأفكاره التي سبق وأن صرح بها في مقاتلة الشيعة والعلويين في سوريا، بعد أن قاتل العراقيين ضمن تنظيم القاعدة الإرهابي والذي انشق عنه لاحقا، وأمام مواقف وتصريحات تتعارض مع جميع شعارات وأفعال الشرع وتنظيمه، والزعم بالتزامات وطنية وإنسانية تدفع الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت قد صنفته كإرهابي دولي، وخصصت جائزة مقدارها عشرة ملايين دولار لرأسه، وأن تعيد التفكير بإلغاء تصنيفه كإرهابي وبانتظار ما تنتجه المواقف والأحداث القادمة، بعد أن أصبحت سوريا عاجزة عسكريا عن حماية نفسها أو أن تجعل دولة الكيان الصهيوني تقلق وتتخوف من مواقفها، بعد ان تم القضاء على كل القوة الجوية والبحرية والتسليحية، ونحن اليوم أمام خارطة مربكة وغير واضحة المعالم دوليا واقليميا، مع وجود قوات أمريكية وروسية وتركية على الساحة السورية، وأمام تبدل في مواقف اللاعب الدولي، وأمام سلطة تعهدت بسلوك طريق القانون في سلوكها وقراراتها.
وسيكشف لنا الغد مواقف لا تكون بالحسبان أمام تعدد قوى مسلحة مختلفة لها أهدافها وشعاراتها، وأمام متغيرات لا يمكن ان تكون عفوية او دون أسباب، والمهم في كل هذا ان يكون بلدنا في منأى عن كل تلك المتغيرات ما دمنا نلتزم بالدستور، وان لا نتدخل في شؤون جيراننا وان لا نسمح ان تكون بلادنا ساحة للتصفيات والاختلافات.