إلى متى يستمر تبرير العنف داخل الأسرة؟
بقلم : انتصار الميالي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يعّد العنف الأسري، الذي تعاني منه کافة البلدان، من أکثر الظواهر والقضايا الاجتماعية التي تحتاج للبحث العميق، لما تحمله من مخاطر كبيرة على المجتمع، أبرزها ما تتركه من تأثير سلبي على شخصية الأبناء، فضمان تكوينهم النفسي في البيئة التي يعيشون فيها يعتمد على سلامة حياتهم العائلية، ثم في المدرسة والعمل، مع تمتع البيئة الأسرية بالخصوصية والأهمية الكبيرة.

إن إساءة الوالدين أو افراد العائلة والمحيطين بهم للأبناء، من الظواهر المرضية المنتشرة والمتنامية بسرعة مسببة المزيد من الضحايا من الجنسين. وجراء اختلاف أنماط الإساءة والآثار السلبية الناتجة عنها، ولأرتباط العنف الأسري بسلوك الوالدين والأوصياء كالأجداد، لا يرى مرتكبو الاعتداءات سلوكهم شاذاً بل يجدوه مقبولاً اجتماعيًا.

إن تعرض الأطفال للمعاملة الخشنة والضرب والتعذيب والاغتصاب، يشكل في أغلب الحالات تشوهات واضطرابات نفسية وجسدية، تؤدي أحيانا للإعاقة أو الموت، ويترك آثاراً خطيرة على شخصية الأطفال كالقلق المفرط أو البكاء والخوف وصعوبة النَّوم والتركيز والاكتئاب، وتدهور المستوى التعليمي، وبالتالي على أدائهم وسلوکياتهم في المدرسة والعمل والمجتمع.

ولا يكمن الخطر في ممارسة العنف فحسب بل وأيضا في الاستخفاف بمخاطره وتبريرها على حساب الضحايا، وإيجاد الأعذار لها، كأن يبرر العنف بما يتعرض له الآباء أو الأجداد من ضغط نفسي أو بسبب كبر السن والمرض، وهي ظروف لا تقلل جميعاً من أهمية الاعتراف بالعنف الأسري كجريمة، وتوفير التدابير والإجراءات الداعمة للضحايا والرادعة لمرتكبي الخطايا، ورسم خطط عملية لضمان سلامة الأطفال.

وتبدأ الخطط بتجريم مسببي ومرتكبي العنف ومحاسبتهم، والاهتمام بإعادة تأهيل الكوادر التعليمية، وبما يقدمونه في المدارس من تعاليم وإرشادات اجتماعية عن الاسرة، وتعريف الطلاب من بداية العام الدراسي بالحقوق والواجبات داخل المدرسة، والعناية الخاصة بالطلاب ذوي المشکلات الخاصة ومساعدتهم نفسيا واجتماعيا وحمايتهم، والتوعية عبر وسائل الإعلام بحقوق وواجبات الزوجين تجاه بعضهما ونحو الأبناء، فمثل هذه البرامج کفيلة بالحد من السلوکيات السلبية، بالإضافة لتنميتها للصفات الإيجابية، وتشجيع الأبناء على التعبير عن الذات وإبداء الرأي في المنزل، وأحترام تفکيرهم خاصة في وجود الآخرين، لأن ذلك من العوامل التي تنمي الثقة، وتعزيز الشراكة والتعاون مع منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال مكافحة العنف الاسري.

ولا يمكن إعفاء السلطة التشريعية من التقصير في هذا الجانب، حيث يرى الناس هذه الأيام، بأنه كان من الأجدر بها ان تذهب للتفكير بالأولويات ومنها العنف الاسري ومخاطره وأثاره السلبية، وان تبحث في وضع الحلول والعلاجات التي تحافظ على الأسرة وتحمي أفرادها عبر تشريع قانون الحماية من العنف الأسري، بدلا من الخوض في صراعات لشرعنة قوانين من شأنها أن تهدم الأسرة وتنسف المجتمع وتضرب الدستور عرض الحائط!

طريق الشعب

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 05-02-2025     عدد القراء :  60       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced