في قانون الأحوال الشخصية النافذ ثمة حقوق مكتسبة شملت بنطاق سريانها الطفولة والأمومة واستقرت أحكامها في النظام التشريعي العراقي وأضفى عليها الحماية الدستورية بموجب المبادئ الأساسية الواردة في الباب الثاني من الدستور وتحت عنوان الحقوق والحريات، إلا أن تعديل قانون الأحوال الشخصية المصادق عليه من قبل مجلس النواب المشكوك في شرعية جلسته سلبت من الأمومة والطفولة مكتسباتها تلك وأعادتهم إلى الأحكام الظنية المذهبية، ندرج أدناه خلاصتها:
أولا – زواج القاصرات – البلوغ في المذهب الجعفري خمسة عشر في الغلام وتسعة في البنت (كتاب محمد جواد مغنية – الأحوال الشخصية على المذاهب الخمسة –ص 16) وهذا الكتاب يعد تلخيصا لمسائل الأحوال الشخصية الجعفرية. يلاحظ أن أحدهم اقترح رفع سن البنت إلى الخمس عشرة سنة احتج البعض من رجال الدين بالقول إن هذا السن المقترح مخالف لأحكام المذهب.
ثانيا – البنت البالغة الرشيدة البكر يحق لها أن تتزوج بأذن من أبيها او جدها لأبيها، هذا هو الحكم الشرعي الذي سوف يرد في المدونة وبموجب هذا الحكم لم يعد عقد الزواج من العقود الرضائية ولا قيمة للإيجاب والقبول الذي ينص عليه قانون الأحوال الشخصية في المادة الرابعة من منه ما دامت إرادة البنت معلقة على اذن الولي.
ثالثا – حرمان الزوجة من فرضها الإرثي في الأراضي من تركة زوجها المتوفي، رغم صراحة ذلك الفرض في الآية 12 من سورة النساء: (ولهُنّ الرُبعُ ممّا تَركّتم إن لّم يكُن لّكم ولدُ فأن كَان لَكُم ولدُ فَلَهن الثُمُن مِمّا تَرَكتم). هذا النص القرآني مطلق وغير معلق على شرط أو استثناء رغم ذلك فان التعديل يذهب إلى حرمان الزوجة من إرثها في الاراضي على وفق التوصيف المذكور.
رابعا - النفقة – التعديل سوف يلغي حكم الفقرة (1) من المادة الثالثة والعشرين من القانون التي تنص على: (تجب النفقة للزوجة على الزوج من حين العقد الصحيح ولو كانت مقيمة في بيت اهلها..)، وفي التعديل تجب نفقة الزوجة على الزوج إذا مكنته من نفسها مستجيبة لفراش الزوجية وبخلافه لا نفقة لها.
خامسا – تحرم الزوجة من طلب التفريق الوارد في الفصل الثاني من الباب الرابع من قانون الأحوال الشخصية سواء كان الطلب بسبب الضرر او الخلاف المستحكم او لاي سبب اخر، وحرمان الزوجة من طلب التفريق مخالف لسنة الرسول الكريم الذي يعد أول قاض للأحوال الشخصية في الإسلام عندما فرق بين ليلى بنت أبيّ وزوجها ثابت بن قيس تطبيقا لحكم الآية: (فأِمساكُ بِمعرُوفِ أَو تَسريحُ بإحسانِ) البقرة 229.
ساسا – الحضانة – سوف يلغى مبدأ الحضانة وجودا وعدما مع مصلحة المحضون وستفقد الأم حضانة محضونها عند السابعة عشر من العمر وبذلك تعطل أحكام كفالة الدولة حماية الأمومة والطفولة الواردة في المادة 29 / اولا / ب من الدستور وتعطل الوظيفة الاجتماعية للأمومة التي نص عليها الدستور.
طريق الشعب
ثامنا – التعديل يعطل أحكام الإقرار بالنسب لمجهول النسب الواردة في الفصل الأول من الباب الخامس من قانون الأحوال الشخصية وكذلك أحكام الضم لمجهول النسب او يتيم الأبوين الواردة أحكامها في قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 على اعتبار أن الإقرار بالنسب لمجهول النسب والضم يدخلان ضمن احكام التبني.
تاسعا – سوف تلغى احكام الوصاية الواجبة الواردة في المادة الرابعة والسبعين وبذلك يشرد الأحفاد والأسباط جراء حرمانهم من تركة جدهم أو جدتهم إذ أن التعديل ينقل حصتهم إلى أعمامهم وعماتهم لأن المذاهب الإسلامية الخمسة لا تجيز الوصية الواجبة رغم انها منجز فقهي عادل لأبن حزم الظاهري وسعيد بن المسيب والحسن البصري.
عاشرا – تحرم الزوجة من التعويض عن الطلاق التعسفي ومهما كانت درجة التعسف كما تحرم الزوجة المطلقة من السكن في دار الزوجية بعد الطلاق على اعتبار أن الطلاق جواز شرعي، وان الجواز الشرعي ينافي الضمان، فضلا عن ان المطلقة تنتهي علاقتها بمطلقها فلا تستحق السكن في داره.
حادي عشر – عندما يتوفى أحد الزوجين ولم يكن لهما وارث سوى زوجه الآخر فتكون دار السكن الوحيدة للزوج الآخر ارثا كاملا (قرار مجلس قيادة الثورة 1170 لسنة 1977). التعديل يلغي هذا النص ويكون للزوج الاخر فرضه الشرعي والباقي يصار إلى امانة بغداد او المحافظة باعتبارهما بيت المال.
ثاني عشر – التعديل لا يعتد بالمواثيق والعهود الدولية المتعلقة بالأسرة وأحكامها المصادق عليها من قبل العراق والمنشورة نصوصها في الجريدة الرسمية ويخرجوها من التطبيق كونها ليست من الموروث الفقهي الذي ينظم أحكام الزواج والاثار المترتبة عليه.
خلاصة الحقوق المهدورة في تعديل قانون الأحوال الشخصية
