في كل عام يأتي آذار الربيع والحياة، وفي القلب غصة. فأمامكِ تتناثر حقوقك ومكتسباتك البسيطة كالرماد من بين الاصابع، وكأننا نحن النساء خلقنا لنعاقب ونُمتهن، ونواجه سياط العنف التي تهدد الحاضر والمستقبل، وتسلخ الجلد لتُبقى جسداً ينخره البؤس والمرض. لمجرد كوننا نساء ننتمي لبلدٍ ابتلي بالاحقاد والسياسات الذكورية، التي تقتل الشغف والابداع وكل حركة نحو التقدم والتنوير.
قبل مئة عام واكثر ولد اليوم العالمي للمرأة من رحم الحركة العمالية، ليصبح حدثا سنويا تعترف به الأمم المتحدة، وتقام بمناسبته آلاف الفعاليات على مستوى العالم، وتقام الاحتفالات وتطرح قضايا تشجيع الاندماج والمشاركة في كسر الحواجز، وتحدّي الصور النمطية، والتهيئة لاحترام وتقدير كل النساء وحماية حقوقهن، كذلك لرفض الحروب ومظاهر العنف وتغيير السياسات وتطويرها.
ورغم الخطابات الرسمية والاشادة بالتقدّم، ما زالت النساء والفتيات يدفعن الثمن مضاعفا، بسبب الحروب والعنف والتحرش الجنسي، ويقعن ضحية الأتجار والابتزاز الالكتروني، ويواجهن السياسات التي تنمّط الدور الحقيقي للمرأة، وتصادر حقها بالمشاركة في كافة المجالات.
ويعتبر اليوم العالمي للمرأة عطلة رسمية في بعض البلدان، لكن هل نكتفي باحتفالات تزوّق الازمات وتتجاهل خطورتها؟ وهل سيتم الاعتراف بالنساء وقدرتهن على الصمود في الظروف الصعبة؟ وهل ستتحول الاقوال والخطط والاستراتيجيات عندنا الى أفعال تدعمهن وتمكنهن من مواجهة التحديات، وتعزز دورهن ومساهمتهن في بناء عالم يكرس العدالة والسلام؟
في ظل هذا الواقع تبرز النساء كقوة دافعة للتغيير والتنمية، فهنّ يتحملن المسؤوليات لتحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي لأنفسهن ولمجتمعاتهن. فهن قوة لا تقاس بالأرقام، بل بتأثيرها العميق داخل المجتمع.
في آذار لا تهدونا الازهار الحمراء والارجوانية، بل قدموا للمرأة ما يشيد بإنجازاتها. فالمرأة تستحق دورا وفرصا واحتراما أكبر، وعملا لائقا يحفظ كرامتها وانسانيتها.
المصدر.. طريق الشعب