كانت قد انتهت منذ أشهر الضجة حول تعديل قانون الانتخابات ، وتمخضت بالوصول الى حل توفيقي بين الاطراف المختلفه وعلى العموم ، يمكن ان يعزى سبب الاختلافات بالرؤى تقاطع المصالح الانانيه ، وتجسيد المحاصصه الطائفيه ، بغية محاولة للاستحواذ على اكثر ما يمكن من المقاعد بشكل او باخر ، ولهذا فانها وقفت عند
امرين اساسيين ، عندما توصلت الى صيغه لتعديل قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 اولهما وكمطلب جماهيري ملح ، يتعلق بمسألة تبديل آلية الانتخابات وتغييرها من دوائر مغلقه الى دائره مفتوحه واحده على المساحة العراقيه بأكملها ، اما المطلب الثاني ، فهو الموقف من المقاعد التعويضيه وما يطلق عليها ب(الكوتا ) وكيفية توزيعها لمستحقيها ، ويدخل ضمن هذا المطلب الاخير مسألة المقاعد التعويضيه المخصصه للمكونات الصغيره التي نعتت بالاقليات حصرا
قيل ان قانون التعديل حقق المطاليب التي طالب بها واجمع عليها الشعب العراقي بكافة فصائله ، من احزاب وكيانات ومؤسسات المجتمع المدني وجميع وسائل الاعلام وحتى الجهات الدينيه ، وبالرجوع للصيغه التي اتى بها هذا القانون المعدل ، يتضح وبرأيي الشخصي عكس ذلك المطلب تماما ...! وارى ان التعديل جاء مبتورا وغير متكامل ، فلا هي قوائم مفتوحه على وجه ، كما يفهم من تسميتها ، ولا هي قوائم مغلقه واضحة المعالم، وبقراءة متأنيه لنظام المفوضيه المرقم 13 الخاص بالاقتراع والعد والفرز ، يظهر بوضوح تام التناقض بينها وبين ماجاء بنص التعديل المنوه عنه ، مما يقع مسؤولية ازالة هذا الغموض على مفوضية الانتخابات بالضروره ، للقيام باعطاء تفسيرا واضحا لهذه الحاله المطروحه ، اذ ليس من العدل والانصاف تجيير اصوات الكيانات غير الفائزه الى الكيانات الكبيره الفائزه دون وجه حق ، وحرمان اصحابها من حقهم القانوني ، لأنتخاب الشخص المرشح او الكيان المفضل لديهم الذي قاموا بالتصويت له لأعتبارات تخصهم وحدهم وفق قناعاتهم ، وليست كما كانت الحاله في الانتخابات السابقه لمجلس النواب ومجالس المحافظات ...
اما ما يلفت النظر بالوقت الحاضر بعد التعديل والذي يسمونه القائمة المفتوحه ، التي خصوا بها على انفراد كل محافظة من محافظات القطر ، لا يمكن ان تفسر هذه العمليه الا شكل من اشكال حالة التفاف على مفهوم القائمه المفتوحه ذاتها وإجهاضها ، إذ من خلال هذه الممارسه سيحرم العراقي من اعطاء صوته لمرشح اخر في محافظة اخرى يعتبره اكثر جدارة لأشغال هذا الكرسي النيابي من مرشح تلك المحافظه بالذات ، .. وبهذا تكون قد فقدنا الكفؤ والمؤهل لهذا الموقع ، ومن الممكن حتما ان رؤوساء العشائر ستتوفر لهم فرصة المجئ للمجلس ليس لكفائاتهم بل لمشيختهم ومركزهم العشائري ، ومن المحتمل ايضا ان تلعب امور الاخرى ضمن المحافظه مثل استخدام الضغوط الدينية والانتمائيه والمناطيقيه و الاغراء المالي وشراء الذمم وغيرها من قبل المتنفذين بالمحافظه .
هذا باختصارشديد قمت بطرحه كمقدمه لموضعي المعلن عن المقعد النيابي اليتيم للصابئه المندائيين ، وهو احد المقاعد التعويضيه التي اقرها قانون تعديل قانون الانتخابات المذكور للاقليات ، وكما وردت تفاصيلها نصا في القسم الرابع من قرارات المفوضيه المستقله العليا للانتخابات –
مقاعد المكونات
1-استنادا لقانون الانتخابات يكون عدد المقاعد التعويضيه للمكونات كالآتي
آ – المكون المسيحي : خمسة مقاعد توزع على محافظات بغداد ونينوى وكركوك ودهوك واربيل
ب – المكون الايزيدي مقعد واحد في محافظة نينوى
ج- المكون الصابئي المندائي مقعد واحد في محافظة بغداد
د – مكون الشبك مقعد واحد في محافظة نينوى
ومما جاء بقانون تعديل قانون الانتخابات المنوه عنه وبخصوص مقاعد تعويض للمكون المسيحي حصرا ، .. هو اعتبار العراق دائره انتخابيه واحده ، وبناء عليه فقد فتح باب المصادقه للأتلافات لهذا المكون ولجميع مسيحي العراق ، في حين ان المكون الصابئي المندائي استثنى من هذا التعديل ، وبالتالي على من يرشح له ان يحصل على قيمة المقعد وفق ما سيتقرر لكل محافظه من محافظات القطر منفردا ، وبكلمة اخرى ان المرشح للمكون المندائي عليه حصد اصوات تساوي ما يحصل عليه المرشح للكيانات الاخرى ضمن تلك المحافظه ..؟
ولما كان المفروض ان حرية التصويت لأي مرشح يعود للناخب وخياراته ، وحسب مشيئته باعتبار الانتخابات بعيده عن الطائفيه والمذهبية ، وعن النعره الضيقه ، والعراقيون متساون امام القانون ، اصبح الامر مفتوحا لأعطاء الاصوات لهذا المرشح او ذاك ضمن المحافظه ، وبكلمة اخرى يمكن لأي شخص من غير المندائيين اعطاء صوته للمرشح المندائي ، وهو امر يبدو ايجابيا ومقبولا كما يظهر ، الا انه وسيلة للتدخل بالشأن المندائي ، وهنا تلعب الايادي الخبيثه وذو الاطماع والنيات المبيته للأستحواذ على هذا المقعد الانتخابي اليتيم ، بما تملكه هذه الكيانات الكبيره من قدرات سلطويه وهيمنة ونفوذ مالي ، يمكنها ان تتدخل بشكل او باخر وتلعب دورا مؤثرا في العمليه السياسيه وفق شروطها التي قد تفرضها على المرشح المندائي سواء كان ترغيبا ام ترهيبا ، وعندها يخرج المندائيون عن الحلبه خاليّ الوفاظ غير مأسوف عليهم ..؟ ارى هكذا ستؤول عليها الامور ، وان الكرسي النيابي والحاله هذه ، اصبح عرضة للمساومة بين الاطراف ، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان تعداد الصابئه المندائيين اصبح ضئيلا داخل بغداد بعد الهجرة والتهجير ، وانتشارهم داخل العراق وخارجه ، مما لا يًمّكن المرشح من حصد الاصوات اللازمة ضمن الحدود الاداريه لمحافظه بغداد بشكل خاص كما هو محدد بمقتضى القانون ..!
من المعلوم ان الماده (2) من الدستور العراقي تنص صراحة ان المندائيين هم مكون اساس من مكونات الشعب العراقي ، وهو ما جاء ايضا نافذا بقانون تعديل قانون الانتخابات وعليه ، فهذان الدستور والقانون يؤكدان حق التمثيل النيابي للصابئة المندائيين ، ويقران لهم بالمقعد بغض النظرعن تعدادهم ، الا ان آلية التنفيذ والمعوقات التي وضعت امام تفعيل هذا المكسب كحق دستوري واخلاقي وانساني ويتفق وكل القوانين والمواثيق الدوليه ومبادئ حقوق الانسان ، كلها جعلت المندائيين تساورهم الشكوك بامر الحصول على هذا المطلب الأستحقاقي والعادل ....!
وثمة من يقول ان اي مرشح مندائي من المرشحين الاربعه سيمثل الطيف الصابئي المندائي دون اية مؤاخذه اوريبه بل هو حالة صحيه وترجمة حيه للديموقراطيه وحرية الترشيح والتصويت ...! ، وقد يبدو هذا الامر صحيحا ، ولكنه وبالآليه المذكورة وشروطها التي طرحت اعلاه ، يكون النائب المنتخب القادم لا يرضي الطموح ، بسبب إختلاف الكفاءآت بينهم كما انه يتعارض مع موقف طائفة الصابئه المندائيه التي اجمعت مؤسساتها الدينية والاداريه على مرشح معين، كما ان تعدد المرشحين الذي بلغ الاربعه سيفرط باصوات الناخبين ويضعفها ، والتي هي ضروريه جدا للوصول الى القيمة البرلمانيه بمحافظة بغداد ، مع التأكيد ان المرشحين جميعهم هم موضع الاعتزاز والاحترام من قبل المندائيين كافة
يبقى السؤال ذات السؤال موجه للمفوضيه المستقله العليا للانتخابات ..، لماذا هذ ا التمايز بين اطياف الشعب العراقي الواحد ؟ وتبقى المطالبه قائمة ومشروعه بحق مساواة المندائيين مع اخوتهم المسيحيين بالاستحقاقات والواجبات امام القانون
حيث العدل اساس الملك
كتب بتأريخ : الثلاثاء 26-01-2010
عدد القراء : 2504
عدد التعليقات : 0