شهدت السنوات الأخيرة مواصلة الإدارة الأمريكية وأبرز الحكومات الأوربية تعاميها عن إنتهاكات حقوق الإنسان في الدول الأخرى، وجعلت من نفسها تابع مطيع للصهيونية الفاشية، متعامية عما تقوم به الربيبة إسرائيل، وبلغ ذلك حد إنكار جرائم الإبادة الجماعية في غزة، وعدم الإعتراف بما إرتكبه ويرتكبه جيش الإحتلال الصهيوني يومياً من مجازر بشعة بحق الأبرياء، الذين بلغ عددهم أكثر من 50 ألف قتيل،أغلبهم من الأطفال ( قتل خلال الأيام العشرة التي سبقت عيد الفطر وأثناءه، أكثر من 1000 مدني، من بينهم 330 طفلآ)، أضافة لإصابة أكثر من 120 ألف مدنياً، إصابات غالبيتهم بليغة.
وعدا القتل الجماعي بالقصف وإستخدم أحدث أسلحة الفتك والدمار الأمريكية، يستخدم المحتل الصهيوني أساليب التهجير القسري، والتجويع، والعطش، ومنع معالجة المرضى، بل وقتل العديد منهم في المستشفيات، الخ.. وكل ما شاهده الملايين من البشر من جرائم بشعة " لا يُعد" إبادة جماعية بعُرف الحكومات الغربية الداعمة لحكومة المجرم الصهيوني الفاشي نتنياهو، متجاهلة بكل إستهتار الحكم المؤقت لـ (مجكمة العدل الدولية) في كانون الثاني 2024،التي وجدت إرتكاب إسرائيل أعمال الإبادة الجماعية. وأمرت حكومتها بمراعاة التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية من خلال اتخاذ جميع التدابير التي في حدود سلطتها لمنع ارتكاب هذه الأعمال، ومعاقبة التحريض على الإبادة الجماعية، والسماح بدخول الخدمات الإنسانية الأساسية.. مثلما تجاهلت إصدار (المحكمة الجنائية الدولية( في تشرين الثاني 2024 مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، متهمة إياخما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
ونتيجة لدعم الإدارة الأمريكية والحكومات الأوربية،غير المحدود، لإسرائيل، واصلت الأخيرة إرتكاب جرائم التطهير العرقي ومجازر القتل العمد الواحدة تلو الأخرى في غزة. وفي كل مرة تروّج لكذبٍ صار محفوظا عن "استهداف مقاتلين" !!، قبل أن ينقشع دخان قصفها البربري وتظهر أشلاء الأطفال والنساء والمرضى. وتتواصل حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، قتلآ وتجويعاً وحرماناً من السكن والأمن والأمان، مستخدمة القتل الجماعي للمدنيين وفواجعهم ومعاناتهم اليومية المريرة أداة ابتزاز وضغط لتحقيق الأهداف الصهيونية..وحكومات العالم الغربي والعربي والإسلامي تتفرج ولا تحرك ساكناً
والملفت ان ضمير الحكومات الغربية لم يتحرك لإدانة الجرائم البربرية ضد الفلسطينييين في غزة،. لكنه إستيقظ وتحرك ضد السيدة فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، المعينة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته التاسعة والأربعين المنعقدة في آذار 2022، وتسلمت مهامها في الأول من أيار من السنة نفسها.وهي اليوم تتعرض لحملة تحريض مسعورة ضدها لمنع التمديد لها في منصبها، حيث تنتهي فترة ولايتها، الممتدة ثلاث سنوات، هذا الأسبوع. ومن المقرر أن يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جلسة حول تجديد ولاية ألبانيز لمدة ثلاث سنوات أخرى، في الرابع من نيسان الحالي.وقد حشد اللوبي الصهيوني عدد غير قليل من الدول للتصويت ضد التجديد لها .. لماذا ؟!!
تقول ذريعتهم الواهية ضدها: " انتهاكها المستمر والصارخ لمدونة قواعد السلوك"(!!)، محرفين موقفها الجريء الى جانب الحق والعدالة بشأن القضية الفلسطينية، وتحذيراتها المتكررة في تقاريرها الأممية ومقابلاتها الصحافية، من التطهير العرقي، والإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، ومطالبتها المجتمع الدولي بالإيفاء بالتزاماته بحماية الفلسطينيين من الفناء،وإعتبارها ان السبيل الوحيد هو إنفاذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أقرّ بعدم قانونية الوجود الإسرائيلي المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأمرَ بإنهائه دون قيد أو شرط، وفرض تدابير مؤقتة ملزمة على إسرائيل لمنع ارتكاب إبادة جماعية في غزة.
وفي مقابلة لها مع القناة الرابعة البريطانية خلال زيارتها إلى لندن، قبل أسبوعين، تساءلت خلال المقابلة: " كيف ينظر القادة الغربيون، بمن فيهم البريطانيون، إلى أطفالهم هذه الأيام، ويتناولون وجباتهم، ويشترون أغراضهم من أمازون أو أي شيء آخر. كيف يُمكنك أن تُمضي حياتك مُعتقدًا أن لديك القدرة على إيقاف ذلك (الإبادة الجماعية في غزة) وأنت لا تفعل ذلك ؟ "
وهكذا، فأن الأسباب الحقيقية هي تأدية واجبها الأممي، ومواقفها المبدئية المؤكدة لضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق حلول عادلة للقضية الفلسطينية،الخ، هي التي جعلت من السيدة ألبانيز ان تتعرض لحملات تشويه وهجوم عدواني سافر من قبل الإدارة الأمريكية وحكومات أوربية لمنع التجديد لها لولاية ثانية..
بيد أنه رغم حملة الضغوط المكثفة من قبل حكومات ومنظمات موالية لإسرائيل لمنع تجديد ولايتها، مدد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مساء الجمعة 4/4/2025 ، ولاية فرانشيسكا ألبانيز، كمقررة خاصة للأمم المتحدة معنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة لثلاث سنوات إضافية-حتى عام 2028.
وفي أول تعليق لها بعد تمديد ولايتها كتبت ألبانيز في منشور على حسابها عبر إكس، إن "النور يجد طريقه دائمًا.. استمروا في التألق".
علماً بان المقررة الأممية السيدة فرانشيسكا البانيز هي - وفقاً لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة - أكاديمية حقوقية إيطالية، ومدافعة بارزة عن حقوق الإنسان، على الصعيد الدولي. وهي باحثة أكاديمية في معهد دراسة الهجرة الدولية في جامعة جورج تاون، بالولايات المتحدة الأميركية، وكبيرة المستشارين المعنية بالهجرة والتشريد القسري في مركز بحوث متخصص تابع لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية، وشاركت في تأسيس الشبكة العالمية المعنية بالقضية الفلسطينية (تحالف يضمّ علماء ومحترفين معروفين منخرطين بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية).
وأصدرت العديد من المنشورات والمؤلفات عن الوضع القانوني في إسرائيل وفلسطين. واَخر كتبها عنوانه : " اللاجئون الفلسطينيون في القانون الدولي"، صادر عن دار طباعة جامعة أكسفورد، 2020، يعرض تحليلًا قانونيًا شاملاً عن حالة اللاجئين الفلسطينيين، منذ اليوم الأوّل للاحتلال وحتّى اليوم.
وتلقي المحاضرات بشكل منتظم بشأن القانون الدولي والتشريد القسري، في جامعات أوروبا والمنطقة العربية، وغالبًا ما تشارك كمتحدّثة في المؤتمرات والفعاليات العامة حيث تتناول الوضع القانوني لدولة فلسطين.
وعملت مدّة عقد من الزمن كخبيرة في مجال حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، بما في ذلك لدى مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.
وبصفتها هذه، قدمت المشورة إلى الأمم المتحدة والحكومات والمجتمع المدني في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ، بشأن تطبيق معايير حقوق الإنسان، لاسيّما بالنسبة إلى الفئات الضعيفة، ومنها اللاجئون والمهاجرون.
وهي حائزة على إجازة في الحقوق (بإمتياز وبرتبة شرف) من جامعة بيزا، ونالت الماجستير في حقوق الإنسان من جامعة SOAS في لندن. وتكمل حاليًا الدكتوراه في القانون الدولي للاجئين في كلية الحقوق بجامعة أمستردام.