رغم المكانة التي تشغلها المرأة في ميدان العمل، إلا أنها ما زالت تتعرض للمضايقة والابتزاز المادي أو المعنويأ الذي يمس كرامتها وحريتها وحتى شرفها، ويتجسد تحت تسمية التحرش الجنسي. ورغم الحديث عن اتّفاقيّات عمل جديدة تتصدّى للعنف ضدّ المرأة في مكان العمل، وعن وجود قوانين وطنية اخرى، فان هذه الأحكام والنصوص لا تحمي المرأة دائما من استغلال السلطة في محيط العمل، وتؤثر سلبا على سلامتها الجسمانية والنفسية. ولكن غالباً ما يتم التقليل من شأن هذه المشكلة وتفرعاتها.
تتضمن المواثيق الدولية نصوصا عديدة تكفل حقوق المرأة وتصونها في مختلف المجالات، كما عنيت الاتفاقيات الدولية بعمل المرأة منذ الاعلان العالمي لحقوق الانسان، مروراً بالعهدين الدوليين لحقوق الانسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاعلان عن القضاء على التمييز بكافة أشكاله ضد المرأة، كذلك حقوق المرأة المنصوص عليها في اتفاقيات منظمة العمل الدولية.
لكننا في العراق نبتعد كثيرا عن سن قوانين شاملة تحظر العنف ضد المرأة، ونحتاج الى آليات حماية أقوى لمنع العنف والتحرش والتهديدات، والتخويف والتمييز ضد النساء العاملات في القطاعين العام والخاص ومجالات سوق العمل المختلفة.
فالنساء يشكلن رقماً مؤثراً في صفوف القوى العاملة، ويمكن ان يساهمن بدرجة كبيرة في تحقيق نتائج اقتصاديّة واجتماعيّة جبّارة، اذا ما تم استثمارها بشكل صحيح مع تهيئة بيئة عمل ملائمة وخالية من العنف والاستغلال. فواقعنا يؤكد أنّه يمكن للمرأة أن تشارك في سوق العمل بشكل مختلف يتميز بالابتكار والتطوير، لذا فنحن بأمس الحاجة الى حلول تبدأ بالمشاكل الهيكلية وتتيح للمرأة المزيد من الفرص لتبوء مواقع عمل قيادية، تدعمها آليات اخرى مثل نظم اجازات لا تؤثر على مستوى ترقية النساء، ونظام رعاية لأطفالهن، لتحقيق العدالة من جهة ولضمان فرص اكبر وانتاجية افضل، تساعد قي تطوير الاقتصاد العراقي وتنويعه وتنميته.
ان من شأن تعزيز الاطر القانونية وضمان حماية المرأة في سوق العمل لزيادة مشاركتها الاقتصادية من الاولويات، مع زيادة الوعي والارشاد بقوة النساء وقدرتهن على رفع الانتاجية، ان يقلل من التحديات والفجوات التي تؤخر تقدم العراق كبلد ، وان يرفع من القيمة الانسانية للمرأة، كونها عامل قوة في مواجهة الازمات ولتحقيق التنمية.
طريق الشعب