لماذا تتخلى (سلمى) عن مورد رزقها؟ هل تبحث عن بيئة عمل آمنة، أم تريد تفادي المشكلات والوصم بالفضيحة، كوننا نعيش في بيئة اجتماعية تظلم ضحايا الانتهاكات والعنف، واخطرها التحرّش الجنسي في مواقع العمل، وتلومهن لأنهن يلبسن ثياباً لا تعجبها أو يعملن في مواقع مثل الفنادق والمطاعم. ولهذه الاسباب وغيرها يتأخرن في التحدث والابلاغ والتقدّم بشكوى، لأنهن يفتقدن إلى مرجعية قانونية تحميهن عند التعرض للتحرّش.
لم تحدّد القوانين العراقية (قانونا العقوبات والعمل) تدابير تنفيذية وتأديبية واضحة وقابلة للتطبيق. فكيف لو تعرضت الضحية للتحرش من قبل رب العمل أو مديرها؟ هل ستبلغ دون خوف وقلق، علما ان القانون لم يحدد أين تبلّغ الضحية، وأي أدلّة يجب تقديمها لدعم شكواها، وما هو مسار الدعوى القضائية؟
المادة (402) من قانون العقوبات العراقي نصت على: (1- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على3 أشهر وبغرامة لا تزيد على 30 ديناراً أو بإحدى هاتين العقوبتين: أ- من طلب أموراً مخالفة للآداب من آخر ذكرا كان أو أنثى، ب- من تعرض لأنثى في محل عام بأقوال أو أفعال أو إشارات على وجهٍ يخدش). واشار قانون العمل العراقي رقم 37 لسنة 2015 النافذ في الفقرة 2 من المادة (11) منه على أن (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وبغرامة لا تزيد على مليون دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام المواد الواردة في هذا الفصل والمتعلقة بتشغيل الأطفال والتمييز والعمل القسري والتحرش الجنسي وفق كل حالة). الا أن قانون العمل يستثني العاملين بدوام جزئي والمزارعين والعاملات الأجنبيات الأكثر عرضة للتحرش. وقد صادق العراق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190، إلا أن التعامل مع قضايا التحرّش ظلّ كالدخول إلى وكر دبابير نتيجة للثغرات القانونية.
هنا تلعب المسؤولية الجماعية دورها، خصوصاً المؤسسات الثقافية والتعليمية والاقتصادية والاعلامية ومنظمات المجتمع المدني، ومن الواجب كذلك العمل على وضع سياسات في الأنظمة الداخلية، لمنع ومكافحة التحرّش الجنسي وتوفير بيئة عمل آمنة وخالية من العنف وقوانين عادلة.
طريق الشعب
إجراءات ضرورية لمنع التحرش في العمل
