بدأت الرياضة النسوية في العراق منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وكانت آنذاك مؤثرة وفاعلة؛ إذ مارست فتياتنا الرياضة في المدارس أولاً، ثم انطلقت النشاطات الرياضية في الأندية المتخصصة للبنات، وكانت الألعاب الرياضية حينها مشتركة بين البنين والبنات. وقد أثار دخول الفتيات إلى الميدان الرياضي إعجابًا واسعًا وحماسًا كبيرًا.
وزادت أهمية الرياضة النسوية من خلال المشاركات الفاعلة والمؤثرة في الأنشطة الرياضية، خصوصًا خلال فترة بدأت فيها فتياتنا باكتساب الوعي بأهمية مشاركتهن في الحياة الاجتماعية العامة، ودفاعهن عن حقوقهن ومكتسباتهن، التي تحققت بفضل ثورة تموز المجيدة.
وشهدت الرياضة النسوية خلال تلك المرحلة انتعاشًا كبيرًا، وبرزت فرق قدّمت مستويات عالية في ألعاب كرة السلة، والكرة الطائرة، وكرة اليد، إضافة إلى مشاركة الفتيات في مسابقات الساحة والميدان. وكانت مرحلة السبعينيات بمثابة الفترة الذهبية لنشاطات المرأة الرياضية.
لكن هذا الزخم بدأ في التراجع مع مطلع الثمانينيات، نتيجة انشغال البلاد بالحروب العدوانية، ما أدى إلى تراجع النشاط الرياضي النسوي وانحساره في نطاقات ضيقة، رغم تحقيق الرياضة النسوية العديد من النجاحات اللافتة، ومنها تألق العديد من البطلات في الألعاب الرياضية، وحصولهن على شهادات دراسات عليا (ماجستير ودكتوراه)، فضلاً عن افتتاح كليات جديدة للتربية الرياضية، وبروز مساهمات رياضية عالية المستوى قادتها نساء تفوقن وحققن بطولات وإنجازات مشرفة.
لكن اليوم؟!
نجد أن الرياضة النسوية قد تراجعت وانكفأت، على الرغم من بعض المحاولات الجادة التي يبذلها عدد من المختصين في الرياضة – من الجنسين – لإحياء هذا القطاع الحيوي، الذي يعاني من إهمال كبير وتقصير واضح.
إن الرياضة باتت ضرورية وأساسية لكل الناس، لما لها من فوائد صحية ونفسية، ونحن – كإعلام رياضي – مطالبون بدعم هذا الجانب الحيوي، وخاصة فيما يتعلق بالفتيات والنساء، حفاظًا على صحتهن ونشاطهن، وتحفيزًا لتألقهن في مختلف المحافل، المحلية والدولية، لتحقيق الإنجازات والتفوق.
الرياضة النسوية يمكن أن تكون منبعًا للإنجاز والنجاح، إذا ما توفرت لها الرعاية الجادة والدعم المطلوب. فإهمال هذا القطاع يعني خسارة نصف المجتمع، كما هو حاصل اليوم، ومن هنا، فإن الواجب يحتم علينا إعادة الاعتبار للرياضة النسوية ومنحها حجمها الحقيقي ودورها المركزي، لما لها من أثر مباشر في تحقيق المكاسب والفوز.
أما إذا تم حرمان بناتنا وسيداتنا من المشاركة في النشاطات الرياضية تحت ذرائع ومبررات لا أساس لها، فإننا بذلك نحرم المجتمع من نصف طاقاته في مسيرة إصلاحه وبنائه.
لقد كان لبطلات الرياضة في العراق دور بارز في الحياة الرياضية، في وقت كانت فيه دول كثيرة في المنطقة والجوار تغط في سبات عميق. واليوم نرى نساءنا وفتياتنا يخرجن بشجاعة لممارسة حياتهن وأنشطتهن، ومنها الرياضة، وقد حققت العديد منهن مراتب عليا وبطولات مشرفة.
فلا تحرموا بناتنا من ممارسة الرياضة، ودعوهن لتحقيق الإنجاز العالي.
ويكفي أن نذكر على سبيل المثال الرياضية العراقية المحترفة في صفوف نادي الهلال السعودي، شوخان نورالدين، اللاعبة في صفوف منتخبنا النسوي لكرة الصالات، والتي تُعد من أبرز اللاعبات العراقيات والعربيات. فقد انضمت إلى فريق الهلال وأسهمت معه في تحقيق مركز الوصافة في الدوري الممتاز، وسجّلت 43 هدفًا من أصل 76 هدفًا أحرزها الهلال في البطولة، لتكون هدافة الفريق.
هكذا هي المرأة العراقية: مبدعة في كل المجالات، ومنها الرياضة.
طريق الشعب