تعرضت ايران إلى هجمات إسرائيلية مدعومة بالكامل من امريكا وبريطانيا والهدف المعلن لها إنهاء قدراتها النووية ولكن طابع العملية العسكرية يستهدم النظام الأيراني ومؤسساته وكذلك مقدرات دولة ايران التي هي ملك الشعب الأيراني.
وبعيدا عن التفكير القطيعي الذي تحركه العديد من مجاميع وسائل التواصل الأجتماعي والقنوات الفضائية والذي يستند إلى الأنفعالات الضارة في فهم الأحداث والذي لا يفرق بين الدولة والنظام والمنسجم مع سلوكية الكيان الصهيوني لخلط الأوراق في الصراع الدائر بين إسرائيل وايران واضفاء مشاعر الفرح المرضي غير المشروع لما تتعرض له ايران من هجمة شرسة وتخريب منظم لبنيتها التحتية التي تستهدف إلى تحويل ايران إلى دولة فاشلة تسودها الفوضى والخراب والتفكك الداخلي
وبعيدا عن الموقف من النظام الأيراني وطبيعته واجندته المعروفة فأن المرء يحتاج في تلك المنعطفات الخطيرة التي تهم مستقبل المنطقة برمتها وتستهدف مستقبلها أن يتحلى برؤية نقدية للصراع وتفرد ذكي لفهم ما يجري وليست الأنسياق وراء سلوكيات القطيع وما تمليه وسائل الأعلام المنحازة والتي تضغط على المجموعات لتحويلها إلى كتل بشرية متلقية للأحداث ومنعها من تشكيل رأي مغاير لأجندتها.
ان دعاوى الكيان الصهيوني لشرق أوسط جديد ضمن اجندتها وحديثها عن الديمقراطية في المنطقة هو كلام يدغدغ سريعا بعض من المشاعر المحرومة لأضفاء الشرعية على حربه المستعرة ضد الدولة ايران وكسب مشاعر التعاطف معه وقد خلف ورائه خراب ودمار هائل في المنطقة إلى جانب سلب حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة. وعلينا أن نتخيل ديمقراطية وشرق أوسط جديد بقيادة الأمبراطور نتنياهو والزعيم الأوحد ترامب.
لنتعلم من التجارب التاريخية ان سقوط الأنظمة يمر عبر تفاعلات العوامل الموضوعية والذاتية من داخل المجتمعات وعندما تنضج تلك العوامل تبرز التناقضات على اشدها في صراعات تنتهي بسيطرة القوى الجديدة والتقدمية ويعاد بناء البلد في ضوء توافقات وانسجام نسبي بين قوى الأنتاج وعلاقتها وقد تكون العوامل الخارجية كالحروب والحصار وغيرها عوامل معجلة وليست حاسمة لأن الحسم للقوى الداخلية من احزاب وحركات معارضة يفترض ان تكون بمستوى الأحداث وعند غياب تلك المعادلة فأن البلد يدخل في متاهات تغير لا تحمد عقباه.
ان سقوط النظام الأيراني خارج منطق الصراع الأجتماعي وقوانينه وبقوة السلاح الصهيوني والأمريكي سيخلق من ايران دولة فاشلة بثقلها الجيوبولتيك وبتنوع بنيتها الأثنية والدينية وسيهدد أمن المنطقة وفي مقدمتها دول الخليج التي تدعي توقها للتنمية الاقتصادية والبشرية وستغرق المنطقة بصراعات يصعب احتوائها ومن هنا فأن الفرح بسقوط النظام الأيراني دون بدائل في الأفق سيؤسس لحالة فوضى لا تحمد عقباه.
الخزي والعار لنتنياهو والنصر للشعب الأيراني في طموحاته نحو نظام سياسي عادل أفضل.