القضاء الطائفي للاحوال الشخصية نكوص الى ما قبل الحداثة
بقلم : هادي عزيز علي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

القضاء الطائفي هو نظام قضائي يعني بتطبيق الاحكام الظنية للمذاهب الناظمة للاسرة كالزواج والطلاق والنفقة والحضانة والمواريث وسواها من الاحكام الاخرى ذات الصلة بهذا الموضوع وينأى بالنفس عما سواها من النظم التشريعية الاخرى المتعلقة بالاسرة، النظام هذا لم يكتف بالنأي عما سواها بل انه يخاصم القوانين الوضعية (لبنان نموذجا). القضاء الطائفي امتداد لاحكام الحسبة المفضية الى النواهي والاوامر المعبأ بالمضامين والغايات التي يتطلبها الدين حسب اعتقادهم وان تشابكت احكامهما او خالفت النص المؤسس وهي باقية على وجه التأبيد لقناعتهم ان الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي نشأت بها لا زالت قائمة ولم تتغير فضلا عن كونها معبأة في الحس المقدس وحيث ان الامر كذلك فان ما يخالف هذا الموروث لا يصح ان محلا للتطبيق ولا يجوز التعامل معه شرعا. ادناه بعض المواضيع المحظور التعامل او الاستعانة بها في للقضاء الطائفي نورده على سبيل المثال.

اولا – الثقافة القانونية – لا تعامل مع الثقافة القانونية لانها تدخل في المختلف عليه المحظور اصلا وهنا يقول كتاب اكسفورد للقانون المقارن: (ان الدراسات القانونية المقارنة ينبغي ان تدفع باهتمام الى اكتشاف وتقدير الاختلافات عوض المتشابهات بين الافكار القانونية والنظم القانونية والتقاليد القانونية وان التصنيفات المختلفة للتفكير تدعم الثقافة القانونية وترسم الحدود المعرفية المهمة وينمي احساس التعاطف مع البديل المختلف بغية الافادة من الاختلافات في التجربة القانونية في البيئات الثقافية المختلفة. الثقافة القانونية تدعو الى تعلم حقيقة متابعة الخلاف وفهمه وتقديره). في حين ان القضاء الطائفي منغلق فكريا على احكامه الظنية ويحول دون التعامل مع نصوص الاخر ومتجاهلا المبدأ القائل: (ان صناع القوانين في مجتمع معين يشتركون في الواقع وبدرجة كبيرة في الثقافة القانونية ذاتها مع صناع القانون في مجتمعات اخرى). هنا تم غلق هذا الباب.

ثانيا – اقصاء المسيرة الفكرية لفلسفة القانون – النظام القانوني الطائفي يقصي المنجز البشري للقانون وفلسفته ومهما علت قامة رواده فالقضاء الطائفي غير معني بـ (فلاطون) والعدالة في جمهوريته او مسعى (ارسطو) المكمل لاستاذه ولا بالرواقية وقانونها الطبيعي ولا حتى بالمنجز القانوني الروماني وارث (شيشرون) ولا بالفلسفة المسيحية والجهد اللافت الذي قام به (توما الاكويني) وتمييزه بين القواعد الدينية والقواعد القانونية. هو غير مهتم ايضا في الازمنة القريبة الى زماننا التي انجبت الفكر القانوني لدى (هوبز) وهو يلوح بـ (الليفياتان) او جون لوك وروسو والعقد الاجتماعي ولا بالقانون الطبيعي بشقيه الكلاسيكي والحديث وجهد (ميشال تروبير) او (كانط) مع طغيان حسه الفلسفي على الحس القانوني ولا المحطة الثرة عند (هيجل) ورؤى الدولة والفرد و(كارل ماركس) ونمط الانتاج الراسمالي. ولم يألوا جهدا للوقوف عند (اوستن)وعقلانية القواعد القانونية او (كلسن) ونظريته المحضة في القانون او التوسيروالقانون المشارك للبرجوازية وصولا الى العميد (روسكو باوند) و (جون رولز) وعدالته المنصفه فالكل يخضع للاقصاء.

ثالثا – الغالب من الفقهاء المسلمين يعتبرون المواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الانسان منتج من منتجات الحضارة الغربية المغرقة في المادية والانحلال التي لا تقيم أي وزن لواقع العالم الاسلامي وان منتجهم هذا ما هو الا اداة للتغريب والتبشير من الضروري استبعاده لانه ينطوي على اهداف الغرض منها النيل من الحضارة الاسلامية ومنجزها الفكري، هذا من جهة اما من جهة ثانية فان المبادىء العامة التي تحكم الاحوال الشخصية لها مرجعيتها الشرعية سواء كانت احكاما قطعية ام احكاما ظنية وليس من بين تلك المصادر العهود والمواثيق الدولية كما يقول الفقهاء لذا فانها لا تصلح مرجعية شرعية لاحكام الاسرة حتى وان صادق عليها العراق ونشرت في الجريدة الرسمية وعدت قانونا عراقيا بموجب قانون المعاهدات فهي مقصية من التطبيق ما دامت لا تقرها ولا تعترف بها المبادىء التي سطرها السلف وتبنتها الطائفة ولو افضى ذلك الى الانحياز الى الهوية الجزئية على حساب الهوية الوطنية. القضاء الطائفي دعوة للجلوس في مرحلة ما قبل الحداثة فعلا.

  كتب بتأريخ :  الخميس 17-07-2025     عدد القراء :  57       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

المهرجان العربي والكلداني
 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced