ثلاث هنَّ من أقبح الصفات إذا أجتمت في أيِّ حاكمٍ لن تأمل منه خيراً(الغباء، الاستبداد، واللصوصية) ولكلِّ واحدة ملحقاتٌ بكل تأكيد، فقد يجتمع الحُمقُ مع الغباء، وتدخل الرعونة مع الاستبداد، وتستعين اللصوصية بآلة القتل، وكلنا، نحن في الشرق العربي عانينا، وما زلنا نعاني من الصفات هذه، فهي بحق امتياز عربيٌّ، ساد أزمنتنا منذ قرون، وسنبقى كذلك حتى يشاء الله، مالم نحظ بحاكم يتخلى عنها كاملةً.
فلا يستعين الحاكم العربي -إلّا ما ندر- بمستشارين شجعان، حقيقيين، علماء، حكماء، مخلصين وصادقين... إنّما بحاشية من الكذبة والمنافقين، وكان لنا في صدام حسين المثال الاوضح، حين وصفته إحدى التقارير الاوربية بأنه دكتاتور، يجمع حوله مجموعة من المنافقين الجبناء، الذين يزيّنون له كلَّ أمر، لذا، فهو مستبدُّ برأيه لأنَّ (خبراءه) أوهموه بأنَّ ما يقوم به هو عين الصواب، وحين استمرأ ما يسمع صار الامر يتكرر عنده، ولم يعد يرجع اليهم، لقد كبرت وتضخمت بذرة الاستبداد فيه، فصار لا يرى أحداً منهم، وهكذا، سيولد الاستبدادُ من رحم الغباء، ويولد القتلُ من رحم اللصوصية.
تسري عدوى السلوك الحكومي على الشعب بطريقة وبأخرى، فالصفات القبيحات الثلاث لن تكون حكراً على المسؤول الحكومي، إنّما سيجد الشخص الغبيُّ؛ والآخرُ الذي قُمعت في روحه بذرة الاستبداد، وكذلك سيجدُ اللصُّ الفسحةَ مناسبة لتطبيق صفاته تلك، وممارسة دوره، وبذلك سيكون لنا منتجٌ، يصدَّرُ بوصفه ثقافةً، وما نشاهده من مقاطع جرمية وجنائية عن اشخاص يقومون باستعراض أفعالهم في التكبر؛ والنيل من الاخر المختلف؛ والقتل والسرقة ما هو إلا نتاج صفات وأفعال الحاكم الأول. هناك جملة قيم اجتماعية، شكلت بمجملها روح المجتمع العراقي على وجه التحديد، مثل الشجاعة والكرم والنبل والأمانة... الخ لكنَّ كثيراً منها مُسخَ بأفعالٍ، زحزحت عن معانيها الأولى، ثم شيئاً فشيئاً ابتلعتها، وهكذا نجدُ الحماقة قضت على الشجاعة، وصار التبذير كرما، وظنَّ الغبيُّ بأنَّ المشورةَ هواناً وضعفاً.
قد لا نجدُ توصيفاً مقنعاً لممارسة مثل عمل الرجل العراقي، المعروف بذكورته كفريق حماية أو حارس شخصي لشخصية سياسية برلمانية نسوية! والهتاف باسمها، والرفع من شأنها، فهذه لا تندرج ضمن أخلاقه، ولا يتخطى استمراؤها من قبله حدود الحمق والنفاق والمصلحة واللصوصية، بل فهو على أتم الاستعداد للقتل من أجلها، لا لأنها تستحق، إنّما لأنَّه سيختصر شجاعته مع لصوصيته، واستبداده مع المشورة، ونفاقه مع المصلحة ووو. يقف سياسيٌّ أمام الكاميرات والعشرات من لواقط الفضائيات ليعلن بأنهُ ومجموعته أساس خراب البلاد، وهم آلة اللصوصية والقتل والتخلف، وأنَّ كل ما أصاب الفرد العراقي من تجويع وأمراض وتخريب في البنى هو من أفعالهم، ويصم نفسه ومجموعته بأقذع الصفات، وحتى هنا لا نجد مندوحةً في ذلك، لكنَّ المندوحة تكمن في قبول الجمهور بهم، والركض خلفهم، وانتظار الفرج يطلُّ بين أيديهم.
نحن بحاجة الى مراجعة لتوصيف المسلمات في تأريخنا، الذي كُذِّبَ علينا فيه الكثير، فالشخصية العربية مع ما تحمله من صفات الخير إلا أنها لا تستقرُّ عليه، وغير آمنة عليها، ومع ما هي عليه من الشجاعة والكرم والنبل والمروءة ووو لكنها تحملُ ضدِّها المهيأ للانفجار في أيِّ لحظة، وعبارة مثل العربي (سلّابٌ وهَّابٌ) التي تطلق عليه بعامة هي خير توصيف.