كانت كل الأبواب مفتوحة أمام العراقيين ليعيشوا في أمان واستقرار بعد عقود من الحروب والاستبداد، واعتقد المواطن العراقي أن سقوط تمثال صدام في ساحة الفردوس كان إيذاناً ببداية عهد جديد في العراق، لكن أحزاب الطوائف وجدت نفسها أمام مهمة جديدة، وهي إقامة تماثيل جديدة لساسة اعتبروا التغيير ماركة خاصة سجلت بأسمائهم..
وكان لابد من أن يضعوا القوانين التي تحمي مصالح أحزابهم وأن يشرعوا دستورا يفرق العراقيين لا يجمعهم.. تخيل جنابك دستور يكتبه عباس البياتي ويعاونه على المهمة صالح المطلك، مع رهط من "فقهاء" المحاصصة ونهازي الفرص. الآن وبعد 19 عاماً من الفشل اكتشف ساستنا "الافاضل" أن الدستور ملغوم وبحاجة إلى تعديلات، وأننا يجب أن نعيش سنواتنا القادمة مع دستور جديد ومُعدل تكتبه لنا عالية نصيف بمعاونة مثنى السامرائي.. شخصياً لم يفاجئني موقف البرلمان من موضوعة "السيرة والسلوك" التي تلوح بها مفوضية الانتخابات في وجه كل من ازعج السلطة في العراق، فلطالما استخدموا هذه القوانين للدفاع عن مصالح أحزابهم، واعتبروه تجسيدا لمبدأ المنفعة وتقاسم الغنائم، وظل المواطن الذي خرج ليقول نعم للتغيير والاصلاح ينتظر لفتة أو بادرة أو إيماءة من ساسة المحاصصة لكى يعبر إلى الضفة الأخرى، ضفة المستقبل، ويمكنك عزيزي القارئ أن تراجع قرارات مفوضية الانتخابات، وستجد أنها تتعامل مع المرشحين على مبدأ عادل أمام "خيار وفقوس"، فهي تختار المرشحين حسب ذائقة الساسة الكبار، فعالية نصيف "خيار" وسجاد سالم "فقوس"، ففي لفته ثورية بشرتنا النائبة عالية نصيف بانها ستجلس على كرسي مجلس النواب في الانتخابات القادمة، وقبلها اخبرنا القائمون على البرلمان أن الحكم القضائي الصادر بحق النائبة عالية نصيف جاسم لا يحرمها من حق الترشح مستقبلاً، فيما صمت البرلمان عندما قررت مفوضية الانتخابات استبعاد النائب سجاد سالم .
ربما سيعاتبي قارئ كريم وأنا أعيد وأصقل في قرارات مفوضية الانتخابات، ولكن ماذا يفعل مواطمن مثلي وهو يقرأ ويسمع هذه الأيام الدعوات الثورية لاجتثاث مرشحين مشكلتهم الوحيدة انهم شاكسوا السلطة السياسية، ماذا أكتب وأنا أرى الذين ساهموا في الخراب منذ سنوات يصرون على مواصلة الضحك على المواطن المسكين، فيخترعون له كل يوم قانونا جديداً.
وفي كل مرة يصر ممن تسلموا أمور البلاد والعباد أن يعيدوا عجلة الزمن إلى الوراء، الى زمن الوصاية والتضييق على الحريات الشخصية.
لقد أضعنا اكثر من عشرين عاماً في خطابات مقززة عن حقوق المواطن، وسلمنا قيادة البلاد إلى "الفاشلين" وأصحاب الحظوة، وكان في استطاعتنا أن ننافس دبي وسنغافورة، لكننا قررنا أن نضع العراق في خانة واحدة مع أفغانستان والصومال!