نصب/ تمثال للجواهري على ضفاف دجلة !… لماذا، ولمـن ؟
بقلم : رواء الجصاني
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

في ضوء ما افادت به المصادر الرسمية عن التوجيهات الاخيرة لدولة السيد رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، بتوفير المتطلبات اللازمة لتنفيذ نصب للجواهري الكبير على ضفاف دجلة ببغداد، وفي شارع ابي نؤاس تحديدا، عنّت لي ملاحظات بصدد تلك اللفتة المميزة، المعبرة، خاصة وانها تأتي في مثل هذه الاوقات والظروف، بالغة التعقيد والتجاذبات المتقابلة التي تمر بها البلاد والامة العراقية..

وخلاصة ما يتصل بهذا الشأن من ملاحظات: هو طموحٌ بان يكون التنفيذ متناسب مع اهمية صاحب العلاقة، الوطنية والثقافية، الجواهري، وما تتجمع عنده من سمات وعلائم وعوالم وتاريخ، ونبوغ، عراقي وعربي، وانساني استثنائي، وبأجماع او يكاد، من مختلف الاوساط المعنية، العامة والخاصة، التي تحترم، وتستوعب، وتقدر التاريخ والرموزية والعبقرية، والوعي والمعرفة وشؤون الادب والفكر، وما عليّنا – هنا على الاقل – بغيـرهم ..

وفي ضوء ذلك، وبرغم صعوبة التفاؤل بان يكون الطموح والمرتجى متكامل الاركان، فنيا وموقعا واهتماما وتميزا، لعلّنا نسهم عبر الفقرات اللاحقة بما يفيد على تلكم الطريق، لا سيّما وان القرار اللافت والمعبر والمهم يأتي متأخرا، ولكنه من جهة اخرى، تبرز من ضمن دلالاته، ان ثمة مؤشرات اخرى جديدة تقود للتفاؤل بعافية للعراق الذي يستحق بعد تداعيات انظمة الحروب والاستبداد والمعاناة والخيبات والعوق والاحتراب لعقود طويلة.. نقول ذلك ونستبق من “سيتأفأف” ولا نقول اكثر، فنوثق: ان الامر ليس نصبا او تمثالا جماليا، ولكنه اعتراف من القادرين باهمية التنوير في دفع عجلة الاستقرار والتقدم المرتجاة لعراق عريق، كما اسلفنا القول .. وهكذا يعلمنا التاريخ، والحاضر، في البلدان الطموحة، ولدى الشعوب المتطلعة، ونعني الاهتمام والتقدير لعظمائها ورموزها ونبغائها: شعراء وعلماء وفلاسفة ومفكرين..

لقد طالت المقدمة، فلنعد لجوهر الغاية من هذه الكتابة، ووجهات النظر التي قد تفيد في الاتمام الافضل لهذا القرار الوطني بامتياز، ونبدأ من التقدير اولا والاعتراف باهمية ودأب ومبادرة الفنان القدير، البارع، نداء كاظم، الذى رسى العمل على عاتقه كما يتبيّن، فنقول، وبعيدا عن التدخل برؤاه وكفاءاته: أن العمل الذي سيخلّـد الرمز، والمبادرين له، ومنجزيه، موجهٌ للمتلقين العامة، وليس للنخبة او قطاع محدد، ومن هنا تأتي ملاحظتنا الاولى والاهم، وهو ان يكون ذلك الحال مأخوذا بعيّـن الاعتبار في تنفيذ التمثال/ النصب..

وبتوضيح اكثر – وعذرا مرة اخرى فلسنا من المتخصصين بمجالات الابداع الفني، ومدارسه – نظـنّ بان “الكلاسيكية” و”الواقعية” هي الاكثر قدرة على انجاز العمل لاظهار “كارزمية” الجواهري، وتقريبه للمتلقين العامين، وهم الاغلبية التي راح الجواهري منبرا لهم وصوتاً انسانيا نابضا بحبهم، وتبني حقوقهم وتطلعاتهم، والدفاع عنها واعلائها: شعرا نابضا، ورؤى ومواقف وطنية، ومعاناة متعددة الاشكال والازمنة..

وبايجاز اكثر نرى بأن الاكثر تفضيلا برأينا عبر هذه الملاحظات، نموذجا تمثالي الشاعرين الكبيرين ببغداد: المتنبي للنحات المبدع محمد غني حكمت، ورديفه، اسماعيل فتاح الترك، صاحب تمثال الرصافي، وللمزيد نرفق في نهاية هذه الكتابة صورتي ذينك التمثالين.. ونستبق من جديد فنقول انها ليست دعوة باية حال من الاحوال للتقليد او الاستنساخ، ولكن اثارةً وتوضيحا لما نتمنى ان يكون مفيدا امام المبدع نداء كاظم، وهو مقبل على انجاز العمل المميز والمجهد في آن واحد..

وبالارتباط مع الفقرة السابقة نقول ان هناك في مدينتي اربيل والسليمانية انجاز ابداعي مشهود له للفنان البارز سليم عبد الله، ايضا للجواهري الكبير، بنسختين، أقيمتا ونُصبتا هناك منذ ربع قرن بالتمام والكمال، ولكن ثمة وتقييمات اخرى حامت وتحوم حوله، وخلاصتها هي ان تلك الرؤية الابداعية لمنجز العمل لم تأخذ بعين الاعتبار الجمهور المعني في التعرف على الجواهري، صاحب “انا العراق” و” افروديت” و”اتعلم ام انت لا تعلم” ويا “آبن الفراتيّن” “آمنت بالحسين” و”قلبي لكرستان” و”المقصورة” و”فلسطين الدامية” و”سجى البحر” .. مع اشهار رمزيته وشخصيته واستثنائيته، وبعض افكاره، وعوالمه، كما سبق القول.. وللتوضيح الاكثر نرفق ايضا صورة لذلك الانجاز الابداعي لسليم عبد الله في نهاية هذه الكتابة ..

ومن جديد ومرة اخرى واخرى، واحترازا ممن قد يلوم او يعتب، او “يعيب” التدخل في شؤون يختص بها موهوبون كبار، نحاتون مميزون بشهادات قريبين وبعيدين، نستبق ذلك فنقول انها وجهات نظر ربما تعكس وتنقل اراء شعبية على الاقل، لاغلبية مجتمعية، متعلمين وغيرهم، تريد ان تعرف الجواهري الاقرب لهم:عراقيا وطنيا، شاعرا، عبقريا، عبر “الواقعية” وليس “التجريدية” او”الرومانسية” .. فالعمل المعني – التمثال – وطني بامتياز، و”الجمالية” هنا يبــرع في انعكاساتها، وتشابك ادائها وابهارها الفنانون الكفـؤ، لا غيرهم..

ان من المؤكد بزعمي ثمة صعوبة، بل وصعوبات، في التمكن من ارضاء الكثيرين بوجهه النظر هذه، في اتمام عمل قادر على جمع رموزية الجواهري الخالد، الوطنية والشعرية والثقافية والفنية والجمالية، كلها في تمثال او نصب واحد، وهنا تكمن الابداعية والكفاءة المشهود لها للفنان نداء كاظم، والذي ربما هو آخــذٌ اصلا بعين الاهتمام ما تتضمنه الكتابة هذه، ويقينا انه سيعنى بها بما لا يخــلّ برؤيته الجمالية واسلوبه الفني البارع والسائد عنده من عقود..

وباختصار جديد نقول باننا توخيّنا، ونتوخى، في وجهة، او وجهات، النظر هذه، التأكيد بأن العمل المقبل ليس ابداعا خاصاً، وشخصيا فقط، انما هو اضافة لذلك: شأن عام موجه لمختلف المتلقيـن، من ابسطهم وعيا ومعرفة، الى أوسطهم، وحتى النخب الثقافية والسياسية، وهم فئات متفاوتة الاحجام والاعداد، وهنا نميل الى اهمية الاغلبية منهم.. فالنصب والتمثال لن يكون لفترة زمنية بهدف الاطلاع، بل لا بــدّ وان تؤخذ بنظر الاعتبار انه سيرسخُ في الذاكرة الجمعية، الاحاسيس الجتماعية، ولازمنة مديدة كما هو مُراد ومطلوبٌ ان لم نكن خاطئين في تقديرنا.. ونعتمد في هذا التقدير على التفاؤل بمسار الاستقرار الوطني والتوجه الحضاري المأمول..

اخيرا هناك تفصيلات اخرى ذات صلة سنؤجل الحديث عنها الى فترة قادمة، لانها تتحمل التأجيل المؤقت، ومنها حجم التمثال الذي نتوقع ان يكون بقياسات الجواهري، وقاعدة النص، ولوحة التعريف، فضلا عن الموقع المانسب على ضفاف “دجلة الخير”.. نؤجل الحدث عن ذلك لكتابة قادمة، لأن الملحّ الان هو محور العمل الابداعي، رمزا وطنيا وثقافيا عراقيا اصيلا، جامعا، وذلك هـو الاهم، ولكل قاعدة استثناء كما هو شائع ومعروف ..

————* رواء الجصاني، رئيس مركز الجواهري للثقافة والتوثيق/ 2025.9.3

* ملاحظة:

بكل تقدير، تم توجيه، نسخة من هذه المادة الى:

– مكتب دولة الاخ، السيد رئيس الحكومة المحترم..

– سعادة الاخ، د. عارف الساعدي المحترم، المستشار الثقافي لدولة رئيس الوزراء..

– الاخوة، الذوات المحترمين في الهيئة الادارية لاتحاد الادباء والكتاب..

– الفنان القدير، النحات، نداء كاظم المحترم..

– الاستاذ د. كفاح الجواهري المحترم، نجل الشاعر العظيم، والممثل الرسمي لاسرته، مشيرا الى مداولاتنا السابقة بهذا الشأن..

* مرفقـــات لمزيــد من التوضيــح:

1/ صورة لنصب المتنبي ببغداد، اتمام الفنان البارع محمد غني حكمت..

2/ صورة لنصب الرصافي، اتمام الفنان البارع اسماعيل فتاح الترك..

3/ صورة لنصب الجواهري في مدينتي اربيل والسليمانية، اتمام الفنان البارع سليم عبد الله..

  كتب بتأريخ :  الجمعة 05-09-2025     عدد القراء :  48       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced