الحرب الإعلامية على الهوية الدينية: المدونة الشيعية انموذجاً
بقلم : د. علي الخالدي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

المجتمعات من وسائل تعريف بعضها للآخر، يمكن بواسطة ما تمتلك من تاريخ وإرث حضاري، تجذر وتراكم فيها لقرون عديدة، في طباع الجمهور، ليكون انعكاسا له على سياسته، كفرد ومجتمع ومحيط.

العراق مجتمع عربي إسلامي، تأثر فيما خلفه فيه السلف الصالح، الذي حرره من الشرك والكفر، بفتح حققه أمير المؤمنين علي “عليه السلام” إذ اصل فيه التشيع، فانصهر فيه فكان الخلق الكريم، ليكون هذا الشعب الكوفي، هو انبعاثا للإسلام العلوي المحمدي الاصيل، من الكوفة نحو باقي بقاع الجزيرة العربية، ثم إشراق الأرض ومغاربها، فكانوا يعرفون انفسهم بالعلوية والجعفرية والمهدوية، وغيرها من مسميات، غزلتها خيوط الولاية الحيدرية.

كان العراق هو البلد الأول في العالم، صبغته شيعية، لكن السلطات التي توالت على حكم ارضه، منذ قتل أمير المؤمنين علي “عليه السلام” واسقاط دولته، كان اول نواياهم, ازالت النفس الشيعي من صدارة سياسات الدولة، والقضاء على اي أمر، يذكر بعلي “عليه السلام” لأنه كان سببا في منع وصول الظالمين لرقاب الناس، ومن هنا بدأت تعطيل قوانين الله، وكان ابسطها الزواج على سنة رسول الله “صلى الله عليه وآله” التي تمثلت بقلم علي، فتبدل الاقتران بالعوائل الإسلامية، عبر مذاهب وضعها الحكام والمماليك، على مدى ١٤٠٠ عام، لا وجود لها في الإسلام، تحت مسميات الحرية والعلمانية واللبرالية وغيرها.

بعد ان تحرر العراق 2003 قرر غالبية الشعب العراقي، الذي يمثله الطائفة الشيعية الاكبر، ان يكون لها مدونه تنظم عقود زواجها، بالرجوع لأمير المؤمنين عليه السلام، وذلك بالعودة لمن هو أعلم، بفقه علي وأهل بيته عليهم السلام، ولا نشك بامتدادهم في زمن الغيبة، وهم الفقهاء العدول، مراجع الدين العظام، وبعد اخذ ودفع دام لعشرين عام! رأت المدونة الشيعية الخاصة باحكام الزواج والطلاق وحضانة الأطفال النور، بعد اقرارها بالبرلمان العراقي، الممثل للشعب.

إلا أننا شهدنا هجمة إعلامية مسعورة، صاحبت مراحل مناقشة هذا القانون، قبل اقراره في البرلمان، وحتى بعد التصويت عليه، ولا نجد تفسيراً، لهذا الرعب الاعلامي، الذي تقوده منظمات ووسائل إعلام تابعة لسفارات اجنبية، من قانون الأحوال الشخصية الجعفري، إلا للأسباب التالية، التي يعبر فيها الإعلاميين، عن خطورة الحرب الإعلامية ضد الهوية الوطنية الشيعية:

♦️ استهداف الهوية والانتماء: المدونة الشيعية للأحوال الشخصية ليست مجرد قانون مدني، بل هي إطار لحماية الهوية العقدية والفقهية للمجتمع الشيعي. ولذلك، خصوم هذه الهوية يسعون إلى تصويرها كأنها غريبة أو مثيرة للجدل، حتى ينفصل الجمهور عنها تدريجيًا.

♦️ ازدواجية الإعلام:

عندما يظهر الزواج على المذهب الحنفي أو غيره، يُقدَّم في الإعلام بوصفه تنوعًا أو حرية شخصية. بينما إذا تعلق الأمر بالمدونة الشيعية، تُستَخدم لغة “الطائفية” و”التمييز” و”الرجعية”. هذا يعكس تحيزًا سياسيًا وإعلاميًا مقصودًا ضد أي مشروع شيعي مستقل.

♦️ الخوف من ترسيخ المرجعية الفقهية:

المجتمع الشيعي معروف بارتباطه بالمرجعية الدينية، وإذا ثبت قانونيًا هذا الارتباط عبر “المدونة”، فإن ذلك يعني بقاء تأثير المرجعية قويًا في الحياة العامة، وهو ما يقلق خصوم المذهب، وخاصة أن الكثير من بصمات المرجعية الدينية العليا، حاضرة في كثير من مفاصل ومؤسسات الدولة، الذي كان معدوما قبل ٢٠٠٣.

♦️ محاولات خلق فجوة داخلية: الإعلام يسعى لتغذية فكرة أن هذه المدونة ستضر المرأة أو تقيدها، ليُحدث فجوة بين المرأة الشيعية وهويتها المذهبية، في حين يُسكت عن قضايا حقيقية تمسّ حقوق النساء في مجتمعات أخرى.

الملاحظ ان كل قانون يحمل بصمة المذهب الجعفري، يُقرأ إقليميًا كإثبات لوجود الشيعة كقوة متماسكة، لذلك تُشن ضده حملات شيطنة لتقليل أثره الرمزي والسياسي.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 05-09-2025     عدد القراء :  51       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced