لا يقتصر تعليم الفتيات على مجرد الوصول إلى المدرسة، بل يشمل شعورهن بالأمان في الصفوف الدراسية، وبالدعم لما يخترنه من المسارات المهنية والمجالات. وبجانب الشواهد على أهمية تعلم الفتيات في عملية تحقيق التنمية، فانه حق أساسي بغض النظر عن الجنس والهوية، ومحمي بنص المادة ٢٦ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما انه عندنا مكفول دستوريا ووفقا لقانون إلزامية التعليم الذي ينص على اكمال الدراسة الابتدائية. لكن ذلك غير كافٍ كما يبدو، إذ لاتزال التفاوتات بين الجنسين في التعليم قائمة.
وفقا لليونسكو، هناك نحو 130 مليون فتاة تتراوح أعمارهن بين 6 و17 عاما خارج المدرسة، واغلب المنتميات إلى أفقر الأسر هن الأكثر عرضة للبقاء خارج المدرسة مقارنة بأقرانهم من المجتمعات الأكثر ثراء. ويتسع عدم المساواة في التعليم في البيئة المتأثرة باالنزاعات والحروب والتغيرالمناخي.
والأسباب عديدة ومختلفة منها الفقر والاعراف وزواج الأطفال والعنف القائم على التمييز. وفي بعض الأماكن لا تُلبّي المدارس احتياجات الفتيات المتعلقة بالسلامة والنظافة والصرف الصحي. فيما لا تُراعي ممارسات التدريس الفوارق بين الجنسين، مما يُؤدي إلى فجوات في التعلّم وتنمية المهارات، علما ان أي توقف أو تراجع في تعليم الفتيات هو تراجع عن التقدم.
فبدون التعليم تُحرم الفتيات من فرصة اكتساب مهارات تُمكّنهن من تولي زمام الأمور، ليس فقط في منازلهن ومسيرتهن المهنية وحياتهن، بل أيضًا في مجتمعاتهن وبلدهن. حيث بإمكانهن تعليم أطفالهن بفعالية أكبر، مما يُسهم في بناء جيل بأكمله. وبتعليمهن نمنحهن فرصة الارتقاء وتحقيق أقصى إمكاناتهن القيادية.
أن تعليم الفتاة استثمار في مستقبلها، وفي بناء مستقبل بلد مزدهر وسلمي، وهو أداة فعّالة في تعزيز التفاهم والاحترام بين افراد المجتمع، وله دور رئيسي في التصدي للتحديات البيئية والاجتماعية، وتحسين سبل العيش وزيادة الدخل,
ان التعليم الجيد هدف أساسي من اهداف التنمية المستدامة. والحصول على تعليم جيد للفتيات خصوصاً، يكسر دائرة الفقر ويخفف من حدته، لذا فمن الضروري مطالبة حكومتنا اليوم بوضع التعليم كأولوية في السياسات والممارسات، والضغط على الجهات ذات العلاقة لتوفير التعليم الابتدائي المجاني للجميع، بما في ذلك الفئات الضعيفة والمهمشة، وتعديل قانون الزامية التعليم ليشمل حتى اتمام الدراسة الثانوية. فالحاجة ماسة إلى التزام مستمر بضمان التعليم الشامل والمنصف، وخاصةً للفتيات، كونه يوفر الاستقرار للحاضر والفرص للمستقبل. فعندما تواصل الفتاة الدراسة يصبح مستقبلها أكثر إشراقًا ويُمكّنها من بناء حياة أفضل لنفسها، كما يُسهم في صحة وسلامة وازدهار أسرتها ومجتمعها.
المصدر: طريق الشعب