لكل انتخابات حيتانها، او، لها ابطال يتطبعون بطباع فصيل شرس من قبيلة الحيتان، ويقول عالم الحيوان المعروف كمال الدين الدميري عن تلك الطباع انها من بعض طباع الضباع التي “لايهمها الجود ومكارم الاخلاق” بل “عظم فخد فريسة تُرك ليتعفن ويفسد” ويخص نوعا من الحيتان (نعنيه هنا) بالقول “انه دابة عظيمة تمنع المراكب الكبار عن السير” وعلى ذلك نصح الجاحظ بتجنب الحيتان الشرهة التي تعودت اكل العنبر، وهو نوع من السمك اللؤلوئي، وكأنه ينصحنا ايضا ان لا نثق باغواء جلد الحوت الذي يتسم بالنعومة والانزلاق، واحسب ان الحوت الذي قطع رجل بطل رواية هيرمان ملفيل الشهيرة (موبي ديك)ينتسب الى هذا النوع الغادر من الحيتان.
ولا تختلف حيتاننا، في طبعتها وطباعها عن تلك الحيتان التي “تتنفس من منخرتها الموجودة في اعلى الرأس” وتتخاطب في ما بينها بواسطة الصفير، والنحيب، والصراخ “من على الشاشات الملونة” وهي جميعا، ومن غير استثناء، رموز لكل مهووس بالتضخم المادي، ومن ذوي الجشع والجهل والسير المجهولة، ولدى الصيادين ورواد البحار قصص مروعة عن تلك الحيتان الغادرة، لكني لا اعرف مدى صحة القول بان هذه الحيتان لا تقرب من أي مركب يقل امرأة حائض، وأشك بالرواية القائلة بان الحيتان لم تكن لتهاجم البواخر الامريكية التي كانت تقل في القرن الثامن عشر نساء سجينات يجري نقلهن الى جزر نائية لزجهن في اعمال السخرة الهمجية.
حيتان الانتخابات المقبلة يزدحمون هذه الايام في فنادق العواصم المجاورة، ليديروا من هناك خطوط التجارة الرابحة، في رفع مناسيب التصويت لهذا او ذاك، ولشراء حظوات ومشايخ واقدار، ثم بيعها في سوق الخردة، وبحسب اسعار السوق، ويجري الحديث عن مليارات من الدنانير، تنقل بين هذا وذاك على ظهور البعران، وسطور المحمول، وتنشر الصحافة ونشرات الاخبار نتفا مما يسمح به عن اتصالات واموال وصرفيات باذخة يتولاها حيتان من العيار الثقيل، كانت الى وقت قريب تعيش في المياه الراكدة، وتنصرف الى شؤونها الصحية والعائلية، قبل ان تدخل في جوقة الكواسر الجديدة، وعملية التحويت.
اقول: عملية التحويت.
ــــــــــــــــ
كلام مفيد:
“ ليست الفضيلة في أن تتجنب الرذيلة بل في ألا تشتهيها”
همنغواي
كتب بتأريخ : الأحد 31-01-2010
عدد القراء : 2340
عدد التعليقات : 0