بعد قرن من الازدهار صالات السينما في البصرة يطويها النسيان
نشر بواسطة: Adminstrator
الأربعاء 10-02-2010
 
   
السومرية نيوز/البصرة
ينظر مدير صالة سينما أطلس في البصرة محمد محمود شاكر بحزن إلى شباك التذاكر، فقد كان عدد الرواد في ذلك اليوم لا يتجاوز 25 شخصاً، بينما كان العدد قبل العام 2003 لا يقل عن 800 شخص. فذلك مؤشر على انهيار ما كان يعرف بوسيلة الترفيه الوحيدة في العراق.
لقد شهدت السنوات الماضية تردياً في حياة دور السينما فتحولت إحداها إلى مخزن للبضائع، وأخرى إلى متجر للملابس المستوردة، والثالثة إلى مرآب للسيارات وذلك بعد عقود من الازدهار، ولكن في أواخر العام الماضي أعيد افتتاح صالة سينما أطلس في محافظة البصرة، نحو 590 كم جنوب بغداد، بإدارة محمد محمود شاكر.
وكانت جميع صالات السينما أُغلقت منذ عام 2003، فأصبحت سينما أطلس الصالة الوحيدة المتوفرة في المحافظة بعد إزالة عبارات التهديد التي خطت بالدهان على سياجها الخارجي، وتعتبر هذه الصالة، التي بنيت عام 1963، أكبر دار عرض سينمائية في جنوب العراق إذ تتكون من طابقين وتستوعب 950  شخصاً.
 
أقفال إضافية
يقول مدير سينما أطلس محمد محمود شاكر في حديث لـ "السومرية نيوز" إن "الصالة لم تسلم من العبث والتخريب حتى وهي مغلقة، إذ اقتحمها متطرفون مجهولون عام 2006 وحطموا أثاثها وسرقوا بعض محتوياتها، وقبل أن يغادروا وضعوا أقفالاً إضافية على بابها الخارجي في رسالة تفيد بأنه لا يمكن فتح الصالة مجدداً".
ويتابع شاكر (29 عاماً) "تمكنا من إعادة افتتاح الصالة بعد الحصول على قرض من أحد المصارف الأهلية التي تقدم خدمة تمويل المشاريع التجارية الصغيرة".
ويستدرك مدير سينما أطلس قائلاً "لكن الأموال المخصصة للمشروع لم تكن كافية لاستبدال المقاعد المتضررة بنسبة 85%، أو لصيانة أجهزة التبريد والتدفئة، أما بالنسبة إلى آلة العرض القديمة فقد اضطررنا إلى الاستغناء عنها لعدم توفر الأشرطة وارتفاع كلفة استيرادها من الخارج".
ويضيف شاكر "حالياً نعتمد في عرض الأفلام على مشغل الأقراص المدمجة (DVD) فضلاً عن جهاز آخر لعرض البيانات (Data Show)"، مشيراً إلى أن "استبدال آلة العرض القديمة بأجهزة أخرى أثار انزعاج الكثير من الذين ارتادوا الصالة بعد إعادة افتتاحها". 
ويعرب مدير سينما أطلس عن خيبة أمله من "ضعف إقبال المواطنين على ارتياد الصالة"، ويقول إن "عددهم لا يزيد عن 25 شخصاً في اليوم بينما كان عدد الرواد قبل عام 2003 لا يقل عن 800 شخص يومياً".
ويتابع شاكر وهو ينظر بحزن باتجاه شباك التذاكر "بعد ثلاثة أيام من افتتاح الصالة أبلغتنا مديرية بلدية البصرة بضرورة دفع ضريبة مقدارها 30% من قيمة التذاكر، وبعد أسبوع جاءت لجنة من هيئة السياحة تفقدت الصالة وطالبتنا بإعادة تأهيلها بشكل كامل وتوعدت باتخاذ قرار بإغلاقها في حال عدم تنفيذ ذلك في غضون ثلاثة أشهر".
ويضيف مدير سينما أطلس "حتى المفرزة العسكرية التي تولت حراسة الصالة في الأسبوع الأول من افتتاحها غادرت موقعها من دون سابق إنذار".
 
أطلال القرن الماضي
وفي ظل أجواء الخوف التي كانت سائدة في محافظة البصرة حتى عام 2008 فقد  غالبية أصحاب صالات السينما الأمل بإمكانية افتتاحها مجدداً، الأمر الذي أدى الى تحول صالة سينما الوطن إلى مخزن للبضائع، أما صالة سينما الرشيد التي أصبح مدخلها واجهة لعرض بضائع المحال التجارية المجاورة فإنها على وشك ان تغدو متجراً لبيع الملابس المستوردة.
ويقول التاجر عبد الله مجيد (40 عاما) إن "أعمال اقتلاع المقاعد وتجريد الصالة من محتوياتها شارفت على الانتهاء بهدف تحويل الصالة إلى متجر للملابس المستوردة".
وصالة سينما الكرنك في منطقة العشار تعرضت إلى الهدم بسبب قدمها وتحول موقعها الى مرآب للسيارات. أما صالة سينما الميناء التي يعود تشييدها إلى مطلع القرن الماضي فإن أطلالها لا تزال شاخصة في منطقة المعقل ولا تلوح في الأفق أي مؤشرات توحي بإمكانية إعادة إعمارها بعد أن أنهار سقفها ونخرت الأرض جدرانها الآيلة إلى السقوط. وبشأن صالات الجيل الأول، ومن أبرزها السندباد والحمراء والبصرة وشط العرب والرافدين والفيصلية والنصر فقد اندثرت خلال العقود القليلة الماضية، ولم يبق إلا أسماؤها راسخة في أذهان من ارتادوها يوماً ما.
 
مرحلة غير مسبوقة من التدهور
ومن وجهة نظر مدير دائرة السينما والمسرح في البصرة جاسم حمادي فإن واقع صالات السينما في البصرة "بلغ مرحلة غير مسبوقة من التدهور بعد عام 2003".
ويقول حمادي في حديث لـ "السومرية نيوز" إن "ما تبقى من صالات السينما هي صالات تجارية ومن السهل على أصحابها هدمها أو تغيير نشاطها وفق الجدوى الاقتصادية التي يرونها مناسبة".
وحول مدى إمكانية النهوض مجدداً بواقع صالات السينما يعرب حمادي عن اعتقاده بأنه "من الممكن أن تزدهر صالات السينما مرة ثانية في حال قدمت عروضاً سينمائية رصينة وابتعدت عن الأفلام المبتذلة التي تسيء إلى الذوق العام".
ويطالب حمادي "المؤسسات الحكومية بالاهتمام بالإنتاج السينمائي لأن هذه الصناعة سوف تلقي بظلالها الإيجابية على واقع صالات السينما".
ويوضح حمادي قائلاً "عندما تشرع أبواب صالات السينما أمام الجمهور وتعرض الأفلام السينمائية الرصينة سوف نشعر بأن البصرة استعادت عافيتها من الناحية الثقافية، أما أن يعلن عن إعادة افتتاح صالة واحدة معظم مقاعدها محطمة، فيصبح من الأفضل إبقاؤها مغلقة".
 
نوادي السينما وسائل تشجيع
ويرى نقيب الفنانين في البصرة إحسان وفيق السامرائي أن "إحياء صالات السينما يظل مرهوناً بتجديد نشاط نوادي السينما الصغيرة، التي كانت ظاهرة فنية منتشرة لكنها سرعان ما انحسرت خلال العقد الأخير من القرن الماضي".
ويشير السامرائي في حديث لـ "السومرية نيوز" إلى أن "تلك النوادي كانت تلعب دوراً كبيراً في تحفيز المواطنين على ارتياد صالات السينما لأنها تنظم حلقات نقاش حول الأفلام السينمائية التي تعرض في الصالات".
أما الإعلامي عباس الفياض فيعتبر أن "انتشار أجهزة الستلايت التي لم تكن متوفرة قبل عام 2003 فضلاً عن توفر الأفلام المنسوخة على أقراص مدمجة أدى الى انحسار رغبة المواطنين في ارتياد صالات السينما".
ويضيف الفياض سبباً آخر وهو أن "المواطنين لم يصدقوا بعد أن هناك صالة سينما مفتوحة في البصرة".
ومن وجهة نظر الصحافي جواد كاظم فإن "عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية في البلد لا يتيح للمواطنين فرصة زيارة صالات السينما أو حتى التفكير بذلك".
ويقول كاظم في حديث لـ "السومرية نيوز" إن "صالات السينما كانت حتى العقد السادس من القرن الماضي النافذة الوحيدة التي يطل من خلالها المواطن البصري على العالم في ظل عدم توفر أجهزة التلفاز".
ويشير كاظم إلى أنه "بإمكان الحكومة بناء صالات جديدة لكنها لن تستطيع ترغيب المواطنين بارتيادها"، معرباً عن اعتقاده بأن "عودة المواطنين إلى صالات السينما يتحقق من خلال إنشاء صالات حديثة لدى إدارتها القدرة على التعاقد مع شركات عالمية للإنتاج السينمائي حتى تزودها بالأفلام الجديدة قبل عرضها على شاشات التلفاز".
ويوضح كاظم، الذي سبق وأن نشر خلال ثمانينات القرن الماضي سلسلة من المقالات حول تاريخ صالات السينما في محافظة البصرة، إلى أن "تلك الصالات كانت خلال ثلاثينيات القرن الماضي تحصل على الأفلام من خلال تعاقدها مع شركات عالمية مثل فوكس وكولومبيا ومترو غولدن ماير. وكانت الأفلام الحديثة تعرض آنذاك في صالات البصرة قبل عرضها في صالات العاصمة بغداد لأن أشرطة الأفلام كانت تستورد عن طريق الموانئ".
 
سينما الهواء الطلق
في منتصف العام الماضي بادر عدد من الفنانين الشباب بإطلاق مهرجان للسينما المتنقلة شمل محافظات عراقية عدة بينها البصرة التي شهدت عرض أربعة أفلام قصيرة، بعضها حائز على جوائز في مسابقات خارجية، لكن الأفلام لم تعرض في صالات مغلقة وإنما في حدائق وساحات عامة إضافة الى معسكر للجيش العراقي.
وبحسب مدير المهرجان يحيى العلاق فإن "الهدف من اعتماد هذه الطريقة هو جعل الفن السينمائي في متناول الجميع"، مشيراً إلى أن "الفكرة ليست جديدة بل كانت رائجة في السابق".
ويوضح العلاق في حديث لـ "السومرية نيوز" أنه "العراق كان يضم 270 صالة سينما خلال منتصف العقد السادس من القرن الماضي وتراجعت أعدادها حتى بلغت 150 صالة في الثمانينات. ولم يتبق منها حالياً إلا القليل وهي إما مغلقة أو غير صالحة لاستقبال الجمهور، وعليه فإن الوقت حان لإعادة إحياء ظاهرة السينما المتنقلة".
ويعرب الفنان المسرحي آزاد قاسم عن اعتقاده بأن "صالات السينما لن تتمكن من استعادة مكانتها السابقة".
ويوضح قاسم في حديث لـ "السومرية نيوز" أن "صالات السينما تحولت بعد حرب الخليج الثانية إلى أماكن لتجمهر العاطلين عن العمل ومدمني المخدرات، وكانت تعرض الأفلام التي تسيء إلى الذوق العام والتي تتخللها مشاهد إباحية".
ويرى قاسم أنه "لو كانت هناك صالات حديثة تؤمن بفن السينما لأقبل المواطنون بكثافة على ارتيادها أيام العطل على الأقل، ولكن في ظل غياب هذا النوع من الصالات من الأفضل تحمل لسعات البعوض ومشاهدة الأفلام في الهواء الطلق عن طريق السينما المتنقلة".
يذكر أن السينما المتنقلة كانت من المظاهر الفنية الرائجة في جنوب العراق خلال سبعينيات القرن الماضي، وهي على ما يبدو لم تعد تتمتع بالتأثير الذي كانت عليه في السابق لأن الدعوة إلى مشاهدة الأفلام التي تضمنها مهرجان السينما المتنقلة الذي شهدته محافظة البصرة لم يستجب لها المواطنون مع أنها كانت عامة ومجانية، فالأماكن التي عرضت فيها تلك الأفلام لو جردت من الصحافيين لخلت بالكامل باستثناء فيلم واحد عرض في معسكر للجيش وتوافد العشرات من الجنود على مشاهدته، ليس برغبتهم وإنما وفق أوامر عسكرية

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced