الانتماء إلى العراق
نشر بواسطة: Adminstrator
الخميس 11-03-2010
 
   
الحياة
الانتخابات في العراق، على حداثة تجربتها، تفتح الباب امام مخاض لا بد أن ينتهي الى الخيار الصائب كي لا يتحول هذا البلد لبنان ثانيا. والعراقيون الذين ذهبوا الى صناديق الاقتراع وهم منقسمون بين ولاءات متضاربة، بعضها قومي خبروا أذاه في الماضي، وبعضها ديني يعيشون مآسيه حالياً، يلزمهم بعض الوقت قبل ان يتمكنوا من حسم انتمائهم الى العراق وحده، مستفيدين من هامش الحرية المتاح ومن ثروة بلدهم الاقتصادية والبشرية، وملتزمين مواصلة التعبير السلمي عن اختلافهم، وهما أمران نادران في محيطهم الذي لا بد ان يقاوم رغبتهم في العودة الى مصاف الدول المقررة في المنطقة.
فالشعارات القومية كما عرفها العراق وبعض جواره كانت ولا تزال ستاراً يخفي وراءه نزعات الاستبداد والبطش والإخضاع والترهيب واللون الواحد والفكر الواحد واللسان الواحد. شوفينية لا تفرق بين الطوائف والأديان والطبقات، بل تصهرها قسراً وتعالج تناقضاتها بالقهر وتلغي تعددها وغنى تمايزها. نقاش افكار القائد خيانة، والاجتهاد فيها من المحرمات، والسجن والتعذيب مدرسة لا تضاهى في فن الإقناع.
وقد دفع العراقيون ثمناً باهظاً للخروج من نفق "البعث"، وقبلوا موقتاً استبدال الاحتلال بالظلم والحصار، لكن البديل الذي فرض نفسه عليهم لم يكن افضل على الإطلاق: انقسام مذهبي أحيا تاريخاً من الفتن وعنفها، وولاءات للخارج المتطاحن على ارضهم وبدمائهم، وتمزق ديموغرافي وحدود وجدران هددت وحدة بلادهم ومستقبلها.
وكان لإيران المثقلة بعقود، بل بقرون، من العداء مع بلاد الرافدين، دور أساس في تغذية الانقسام الطائفي وتغليب الانتماء الديني على الوطني، بالسياسة والمال حيناً وبنشاط الميليشيات التابعة لها حيناً آخر، مستندة الى العلاقة الخاصة التي قامت بينها وبين بعض العراقيين خلال عهد صدام. وهي ستسعى بالتأكيد، وبكل الوسائل، للحيلولة دون عودة اي نظام الى بغداد قد تعتبره عائقاً امام نفوذها. ومع ان العلاقة الطبيعية بين أي بلدين متجاورين يفترض ان تقوم على مبدأ حسن الجوار واحترام السيادة المتبادل، فإن طبيعة النظام الايراني لا تسمح كثيراً بهذا الافتراض. وقد شهدت الحدود العراقية الإيرانية قبل شهور قليلة نموذجاً من سلوك طهران عندما ارسلت قوة عسكرية عبر الحدود لاحتلال بئر نفطية عراقية، ثم لم تلبث ان سحبتها بعد احتجاج العراقيين من دون ان توحي بأن الأزمة حلت نهائياً وان اختراق الحدود لن يتكرر.
ومثلما توسلت إيران في مقاربتها لقضية فلسطين محاولة نزع الطابع العربي عنها وتحويلها الى قضية إسلامية فقط، ما يبرر لها التدخل وتعطيل الإجماع العربي واتخاذ صفة الشريك في الحلول المطروحة، فإن ما تعمل له في العراق يخدم بقاءه دون الدولة القادرة وهويتها الموحِدة.
لكن نظرة سريعة الى توزع الاصوات في انتخابات الاحد الماضي تظهر ان العراقيين بدأوا يتلمسون طريق الخروج من معازلهم، وانهم تخطوا الاسوار المفتعلة التي قسمتهم كيانات منفصلة، وان السياسة في طريقها الى الحلول مكان الغرائز في العراق الجديد، مع ان ذلك لا يلغي المخاوف المشروعة من سعي اطراف خارجيين الى تكريس تدخلهم في شؤونه بحجة ملء "الفراغ" الذي قد ينجم عن انسحاب الاميركيين.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced