يقع سوق السراجين في منطقة الميدان في الجهة المقابلة لمقهى الشهباندر ومن الجهة الثانية عند بداية جسر الشهداء من الرصافة وكان السوق عبارة عن دكاكين ومحال صغيرة متخصصة بعمل السروج (جمع سرج ) وهو ما يستخدم في الخيول التي كانت منتشرة في بغداد كوسيلة نقل تسمى
( الربل ) أضافة الى تخصصها في صناعة السيور والحقائب الجلدية وكانت تتم داخل السوق ولتسليط الضوء على هذا السوق الاثري و لما له من من مكانة خاصة لدى الناس ولدى السواح عند زيارتهم لمدينة بغداد.
عند تجوالنا في السوق كانت لنا هذه الوقفة مع السيد كامل السراج ( ابو ليث ) وهو أحد الحرفيين الذي مارس المهنة في الستينيات توارثها عن والده حيث تحدث قائلاً كانت بداية الصناعات في هذا السوق صناعة لوازم الخيول و ملحقاتها وكذلك محافظ الاسلحة ( الاغماد ) و الافرشة العسكرية التي يحملها الجنود في التدريب و الفرضيات. مبينا: ثم توسعت لتشمل صناعات اخرى مثل الجود لعدم توفر الثلاجات الكهربائية في ذلك الوقت وايضا شملت صناعة الاحذية والحقائب الرجالية و النسائية ونقوش عليها الاسماء او بعض التسميات حسب رغبة الزبون تباعاً. مضيفا: ان السوق أخذ في الفترة الاخيرة بالتلاشي والاندثار بسبب زحف محلات القرطاسية او استخدام محلات السوق كمخازن لخزن البضاعة وهذا يسبب اختفاء الملامح التراثية لهذا السوق العريق .
في حين يقول عايد المياحي و الذي بدأ حديثه بألم وحسرة لما يعانيه هذا السوق التراثي من الاهمال وقلة الاهتمام من قبل الجهات المعنية قائلا: هذا السوق كان يشهد اقبالا شديدا من السواح الاجانب الذين كانوا يتوافدون على مدينة بغداد وزيارة الاماكن الاثرية و الاسواق التراثية ، ويعبرون عن اعجابهم الكبير بهذه الصناعات التراثية الحضارية الشعبية .لافتا: احدى السائحات من المانيا ومن شدة اعجابها بهذه الصناعات قدمت له هدية عبارة عن ختم صغير فيه عدة نقشات يتم نقشها على الجلد. منوها: الى ان بعض معاناتهم هو عدم تقدير الزبائن لهذه المهنة ومدى الجهد الفكري و الفني الذي يبذل في اخراجها بهذا الشكل الجميل وهذه المعاناة اليومية بسبب قلة الوعي لهذا الصناعات التراثية .
اما الحرفي ابو زمن الملقب ( رجل المهمات الصعبة في السوق ) تحدث قائلا عن هذا اللقب انه كان متخصصا في تنفيذ و صناعة بعض المهمات الخاصة المطلوبة من قبل اصحاب المعامل و المصانع بتصنيع القوايش و القوالب الخاصة التي يصعب على الاخرين في تنفيذها و صناعتها وفق المواصفات التي تمتاز بالجودة العالية .
وقفتنا الاخيرة مع الحرفي ابو عبد الله حيث تحدث قائلا ان هذه المهنة صعبة وتحتاج الى دقة و تركيز واحيانا تتطلب الوقوف لفترات طويلة مما تسبب لهم الالام في الفقرات العنقية بسبب هذا الجهد الكبير في هذه الصناعات التراثية و الحرفية القديمة التي يقابلها تقييما لا يتناسب مع الجهد الكبير المبذول فيها من قبل بعض الزبائن و في الختام اجمعوا هؤلاء بطلبهم من الجهات ذات العلاقة ان يولوا اهتمامهم الكبير لهذا الصرح الاثري و المحافظة عليه من الانداثار ليبقى سوقاً شامخاً في مدينة بغداد ؛
تأريخ السوق
يعود تأريخ السوق الى القرن الثالث عشر الميلادي ابان فترة الحكم العباسي في زمن الخليفة ابو جعفر المستنصر بالله الذي أمر ببناء اسواق عديدة ومتخصصة مثل ( الوراقين – البزازين – العطارين – سوق الصفافير ) . وتعود التسمية الحالية للسوق لزمن والي بغداد حسين باشا السلحدار.