زواج القاصرات... بين النظرية والواقع والمأمول
نشر بواسطة: Adminstrator
الأحد 18-04-2010
 
   
حصة بنت سلمان بن عبدالعزيز آل سعود

شهدت السنوات العشر الماضية نقاشاً متزايداً في وسائل الإعلام حول قضية زواج الأطفال والعنف الأسري في المملكة العربية السعودية، بيد أن هناك في مجتمعاتنا من يحاول تهميش هذه القضية ويعتبرها من الظواهر نادرة الحدوث التي لا تستحق منا بالتالي كل هذا الاهتمام! ويرى هؤلاء أن بعض وسائل الإعلام تبالغ في تصوير القضية من أجل زيادة مبيعاتها، وربما تلجأ أحياناً لرواية أحداث كاذبة، الأمر الذي يؤثر على إمكانية الوصول إلى تقييم حقيقي لحجم المشكلة في الواقع.

وتجدر الإشارة هنا إلى حالات لزواج القاصرات نالت اهتماماً إعلامياً كبيراً، كان من بينها حالة الطفلة اليمنية نجود علي، المطلقة رغم أن عمرها لم يتجاوز العشر سنوات، وألفت كتاباً نال شهرة عالمية وترجم إلى عدة لغات، كما سمعنا أيضاً خبر الطفلة اليمنية الأخرى البالغة 12 عاماً، والتي زوجت من شاب عمره 20 عاماً، مما قاد إلى وفاتها مؤخراً بسبب أضرار فسيولوجية عقب الزواج مباشرة. أما في المملكة العربية السعودية فتأتي قصة فتاة «القصيم» لتؤكد أن هناك مسألة تستحق النقاش، حيث أقدم والد تلك الفتاة على تزويجها برجل سبعيني مقابل (85 ألف ريال) وهي لم تتجاوز بعد الـ 12 ربيعاً لتقوم والدتها برفع دعوى ضد الأب لموافقته على زواج ابنتهما الصغيرة، وحظيت القضية باهتمام من منظمات حقوق الإنسان الحكومية وغير الحكومية وكذا دعم المحامين، لكن الأم سحبت القضية التي كان يأمل الناس في أن تكون سابقة تمهد الطريق لمستقبل أفضل.

ويتعلل البعض في سياق الجدل الدائر حول هذه المسألة بزواج النبي «صلى الله عليه وسلم» من السيدة عائشة رضي الله عنها وهي بنت 9 سنوات. وهؤلاء لم يعطوا لأنفسهم حتى فرصة تأمل حقيقة تمكنهم من فهم هذه الواقعة على صورتها الصحيحة.

وقد قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (والاستدلال بقصة عائشة فيه نظر، ووجهة النظر أن عائشة زُوِّجت بأفضل الخلق – صلى الله عليه وسلم- وأن عائشة ليست كغيرها من النساء، إذ إنها بالتأكيد سوف ترضى وليس عندها معارضة، ولهذا لمّا خُيرت – رضي الله عنها - حين قال لها النبي – صلى الله عليه وسلم - (لا عليك أن تستأمري أبويك)؛ فقالت: إني أريد الله ورسوله، ولم ترد الدنيا ولا زينتها» وقال أيضاً رحمه الله: «فمن هذه حالها لو استؤذنت لأول مرة أن تتزوج الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - هل تقول: لا؟! يقيناً لا، وهذا مثل الشمس، فهل في هذا الحديث دليل لهم؟! ليس فيه دليل).

ثم إن هناك آراء مختلفة في تحديد عمر السيدة عائشة وقتئذٍ، ما بين التاسعة والـ 19، حيث صارت قادرة على رواية الحديث وتبليغ الدعوة، ولكن الأسانيد الصحيحة تؤكد أنها كانت في التاسعة من عمرها وإنها كانت تتميز بنمو عقلي وجسدي له خصوصيته، وأيضاً لأن الناس في ذلك الزمان قد يكونون مختلفين فسيولوجياً عما عليه الناس الآن، إضافة إلى أنه لا يمكن مقارنة مجتمع قوامه 26 مليون نسمة بالجماعة الصغيرة التي كانت تحيا في زمن الرسول «صلى الله عليه وسلم» خصوصاً أن مسألتنا هذه ليست من أصول الدين ولا من الثوابت؛ بل هي من مسائل الفروع التي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص.

وبعض الناس يأخذ بالعموم في فعل النبي «صلى الله عليه وسلم» في زواجه من عائشة «رضي الله عنها» وهي ابنة تسع سنين وإن هذا يعد فعلاً منه «صلى الله عليه وسلم» وليس بقول، وبعض أهل العلم من الأصوليين يعدون القول مقدماً على الفعل، وعلى هذا تصبح هذه الحالة من فعله صلى اللـه عليه وسلم دليلاً ليس في قوة القول وإرادة التبليغ.

ونعود إلى عصرنا الحالي، لنجد تقارير عن فتيات أعمارهن 8 سنوات، وقد تزوجن برجال بالغين تبدأ أعمارهم من 18 عاماً في أفضل الأحوال، بينما البعض الآخر تتجاوز أعمارهم 70 عاماً في أسوئها.

ورغم أن تعميماً صدر أخيراً عن وزارة العدل السعودية إلى المأذونين ينص على أنه لا يجوز تزويج الفتيات الصغيرات لرجال أكبر سناً منهن بكثير، فإن هذا التعميم يعتبر بمثابة حل لمشكلة أخرى، لأن المشكلة التي نحن بصدد الحديث عنها هي التعاقد على تزويج فتيات صغيرات في السن، وليست مشكلة الفجوة العمرية بين الفتاة والزوج.

ولا أريد هنا تكرار ما سبق من نقاش أو الدخول في المزيد من الجدل، إنما أريد أن أضيف إلى وجهات نظر المعنيين بالقضية أنه مهما كان نوع الجدل، فإننا جميعاً مسؤولون عن حماية أطفالنا ورعاية مصالحهم. وقد انضمت المملكة العربية السعودية إلى اتفاقية حقوق الطفل التي صدرت عام 1989، ويحدد التقرير الأول للاتفاقية الحد العمري الأدنى – من 15 إلى 18 عاماً – الذي يخضع الطفل فيه للعقاب حال اتجاره بالمخدرات، ويتم عنده قبوله في وظائف القطاع العام، ويمكن أن يعاقب عند بلوغه هذه المرحلة بالسجن حال انتهاكه القانون، ويلتحق بالقوات المسلحة في هذه المرحلة السنية، ويصبح له الحق في رفع دعوى أمام القضاء، وأن يلتمس الاستشارة القانونية أو الطبية دون إذن من أبويه. وتقّسم المملكة العربية السعودية الطفولة إلى أربع مراحل: من الميلاد حتى سن 7، ومن سن 7 إلى 10 ومن سن 10 إلى 15 ومن سن 15 إلى 18 عاماً

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced