حياة جديدة تعيد لبغداد البريق بإعتبارها عاصمة للثقافة العربية
نشر بواسطة: Adminstrator
الخميس 22-04-2010
 
   
ايلاف   
القاهرة: تنشر اليوم مجلة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا ً مطولا ً عن الوضعية التي آلت إليها الحياة الفنية في العاصمة العراقية، بغداد، التي كانت تعد على مدار عقود عاصمة ً ثقافية للعالم العربي. وفي مستهل حديثها، الذي تمحور حول هذا المضمون المأساوي، تلفت إلى ما قاله شخص يدعى، قاسم السبتي، عن أولئك الأشخاص الذين ينتمون إلى تنظيمات إرهابية، ويهددون بشكل متكرر القيام بمهاجمه معرضه الفني الكائن في وسط بغداد. كما تبرز ما قاله أيضا ً عن مسؤولي وزارة الثقافة، الذين أقدموا على وضع الميزانية المالية المحدودة المتبقية للفنون في العراق داخل جيوبهم. ثم يتحدث السبتي عن ما وصفه بـ "غزو غير المتعلمين"، ذلك الأمر الذي يعتبره أكبر مآسي العراق. وهنا، تنقل عنه المجلة قوله :" لقد اجتاحنا الأميركيون في البداية. ثم عقبهم الرعاع. وقد انتقل أي شخص كان بمقدوره المشي، من الريف إلى بغداد. وقد تسبب هؤلاء الأشخاص في تدمير جميع الأشياء التي جعلت من بغداد عاصمة ً ثقافية للعالم العربي".
ورغم ذلك، تمضي المجلة لتقول إن البعض ربما ينظر إلى ما تحدث عنه السبتي على أن هراء نخبوي. وتشير في هذا الشأن إلى أن أغلبية العراقيين لديهم بواعث قلق وخوف أكثر إلحاحا ً من مجرد ما يقال عن تراجع الاهتمام بعالم الفن. حيث ساقت عوامل عدة من بينها الحرب، والإرهاب، والفقر، والبطالة، الملايين من الأشخاص إلى النزوح للمدن العراقية المختلفة، آملين في العثور على وظيفة وشعور بالأمان لا يكاد يذكر.
وفي ملمح يكشف عن مدى التراجع الذي تعيشه البلاد في هذا الجانب المحوري الذي ساهم بشكل كبير في تسطير تاريخ وحضارة العراق، تقول المجلة إن أي فرد يرغب في زيارة أي معرض للفنون في بغداد، عليه أن يمر عبر عدة نقاط تفتيش، وكذلك تفتيش سياراتهم بحثا ً عن المتفجرات، من قِبل جنود مدججين بالسلاح. كما تلفت إلى أن الجيش العراقي يعمل على التأكد من تأمين اللقاءات التي تجمع بين النحاتين والرسامين والمسرحيين والشعراء في الفناء الخاص بالمعرض الذي يمتلكه قاسم السبتي، حيث يتطرقون هناك للحديث عن الزملاء وهواة الاقتناء الذين ذهبوا للعيش في المنفي، وكذلك المشكلات المادية التي يعاني منها أولئك الذين آثروا البقاء في العراق.
وبينما يواجه الفنانون حول العالم صعوبة دائمة في ما يتعلق بمسألة التربح من وراء أعمالهم الفنية، تؤكد المجلة على أن ذلك المفهوم يعد جديداً نسبيًاعلى الفنانين العراقيين، الذين تعودوا على أن تحظى أعمالهم بالرواج، ولما لا، والعراق كان يعد طوال القرن العشرين بمثابة المحور الثقافي للعالم العربي. كما كانت بغداد قبلة ً للإبداع العربي في عهد صدام حسين، الذي كان يحب أن يرى نفسه ممجدا ً في صورة تماثيل منحوتة ولوحات مرسومة، كما كان يحظى كل من يمتلك الموهبة بالتشجيع. كما كان يحصل كل من كان مواليا ً للنظام على دعم معيشي، وعمولات حكومية منتظمة، أو أستاذية.
ثم يعاود السبتي في سياق حديثه مع المجلة ليقول إنه وبالرغم من تسبب غزو القوات الأميركية للبلاد عام 2003 في هدم المشهد الفني العريق، إلا أنه وفي خلال سنوات الحرب الأولى، كان لا يزال بوسع عدد كبير من الفنانين المحليين أن يكسبوا قوت يومهم من خلال أعمالهم الفنية. ويضيف في تلك الجزئية بقوله :" في البداية، كان يأتي موظفو الأمم المتحدة، والصحافيون، وكذلك الجنود الأميركيون، إلى معرضي، ويقومون بشراء أعمال فنية". وتقول المجلة إنه ونتيجة لتراوح سعر لوحة زيتية متطورة ما بين 800 و 2000 دولار، بدأ يعشق كثير من الغزاة الفن العراقي. إلى أن حلَّ عصر الإرهاب، بدءا ً من عام 2005، حتى بدأت تنخفض المبيعات.
أما النحات والكاتب العراقي عبد الله أحمد، فيقول:" تهدد بغداد بأن تصبح مدينة بلا وجه. فقد تم تدمير الأعمال الفنية القديمة هناك، لأنها كانت تُمول من جانب صدام. وفي الوقت نفسه، لا تُمول أية أعمال جديدة. وهو ما يزيد من فرص تحول العراق إلى مجتمع بلا وجه". ثم تشير المجلة إلى ما يبذله عبد الله من جهد، رفقة أصدقائه، لإنقاذ ما يمكنه إنقاذه. وتلفت إلى الصعوبة التي وجدها مع مجموعة قليلة من الأفراد الذين يفكرون بنفس عقليته في إقناع غيرهم من العراقيين بعدم الإقدام على صهر تمثال "سيدة الأهوار" البرونزي، على اعتبار أنه من صنع النحات الشهير خالد الرحال، الذي يعد أهم فنان عراقي في القرن العشرين. حيث قرر الإسلاميون عقب توليهم السلطة أن يزيلوا ذلك التمثال الذي كان يُزيِّن الساحة المركزية لمدينة الصدر، الضاحية الفقيرة في بغداد، لأن حلمات أثدائها كان يمكن مشاهدتها بصورة غامضة. وتنقل المجلة هنا عن عبد الله، قوله :" يتجمع التراب الآن على التمثال في الطابق السفلي من وزارة الثقافة".
ويتابع أحمد :" بمجرد أن بدأت الحرب، توقفت عن ممارسة النحت. لأني لم أكن أريد أن يدخل أي أحد في مواجهة مع شناعة الحرب في قطعة فنية بالحجم الطبيعي. فما هو الأمر الجيد إن ترجمت ما يراودني من مشاعر رعب وخوف إلى نحت ؟ فلن أقوم حينها إلا بنقل نفس مشاعر اليأس التي تتملكني إلى المشاهد. وفي العراق المعاصر، أعتقد أن الفن شأنه شأن الشعب العراقي نفسه: كلاهما ضحية للحرب. فالحياة اليومية محزنة، للدرجة التي لا تدع للعمل الإبداعي إمكانية للتواجد. وبالنسبة لأولئك الأشخاص الذين مازال بمقدورهم مزاولة مهنة الرسم، لم يعد بوسعهم بيع أي شيء. فمن يريد أن يُعلِّق صورة لجثة مقطوعة الرأس على طاولة الطعام الخاصة به ؟".
ورغم ذلك، تقول المجلة إن عبد الله يعلق آمالا ً كبيرة على الجيل الجديد من العراقيين، الموجودين حاليا ً في مدرسة الفنون. وتنقل عنه قوله :" توجد بعض المواهب الحقيقية التي تدرس هناك. وفي سنوات قليلة، سيقوم هؤلاء الوافدين على نحو مأمول ببث نوع جديد من أنواع الحياة في المشهد الفني العراقي، ومن ثم تحويل بغداد إلى عاصمة ثقافية مرة أخرى. وإن تحسن الوضع، وإذا ما تمكن الشباب من التعبير عن الحب والسعادة في أعمالهم، فلن يكون المستقبل من نصيب الفن العراقي فحسب، وإنما للعراق نفسه أيضا ً".

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced