حَياة شَرارة .. عراقية من زمن التوهج
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 30-04-2010
 
   
الجيران
صدر الملحق الاسبوعي " عراقيون من زمن التوهج" الذي يهتم بالشخصيات العراقية صاحبة الإنجاز الثقافي والتاريخي والادبي .. شخصية العدد لهذا الأسوع هي الأديبة حياة شرارة .. كتبت شقيقتها بليقس شرارة مقدمة لرواية حياة شراراة " اذا الايام اغسقت قالت فيها :
عندما عادت «حياة» من موسكو إلى بغداد، انخرطت في سلك التعليم الجامعي، و لكن لم تمر إلا بضعة أعوام حتى تم تسييس التعليم العالي، من قبل حزب البعث الذي سيطر على جميع مرافق الدولة، و نصّب نفسه الممثل الشرعي للسلطة،
و تعرض أساتذة الجامعة و منهم «حياة» إلى ضغوط شديدة و تهديد لمستقبلهم، و وجدوا أنفسهم أمام خيارين لا غير، أما ترك الجامعة أو الانتماء إلى حزب البعث. و نتيجة لمثل هذا الضغط السياسي، انتقل بعض الرفاق من الالتزام الشيوعي إلى الالتزام الآخر، و ذلك عندما وجدوا أن التزامهم الأول يتعارض مع مصلحتهم.
و تلونوا بكل الألوان الممكنة، و أصبحوا جزءا من القطيع الذي اخذ يصفق و يعزف لحن الحزب الواحد و الرؤية الشمولية، كالأستاذ «وجدي» في رواية « إذا الأيام أغسقت» حيث أصبح من مثقفي السلطة، و تنازل بذلك عن وظيفة المثقف المستقل و المقاوم لمجرى الأحداث التي تفرضها عليه السلطة في الكلية. لأن الأستاذ الذي صار عضواً في حزب البعث أصبح يتمتع براتب أعلى و امتيازات كبيرة، وألقي على عاتقه الدور الأمني و البوليسي الذي يؤديه العميد أو رئيس القسم في الكلية كما هو واضح في رواية " إذا الأيام أغسقت".
و لكن «حياة» لم تسمح لها كرامتها التي تمسكت بها كتمسك الشعرة بأهداب العين، بالانتقال من التزام إلى التزام آخر، لأن الالتزام عندها هو مقياس أخلاقي، و ظلت مستقلة في موقفها البعيد عن تأييد السلطة و عن المثقفين التابعين لها، مقاومة لضروب التسلط في جميع أشكاله، و لازمتها الكرامة كظلها، حتى في الظروف القاسية التي عنها. و معروف إن الفئة المثقفة هي الفئة الأولى التي تتعرض عادة للضغط السلطوي في المجتمع الشمولي. و ما يهم السلطة المستبدة هو إخضاع ضمائر تلك الفئة أو تهديدها بمعيشتها و شل تفكيرها. و لا تخاف السلطة المستبدة على شرعيتها أكثر من المثقف الحر المستقل التفكير الذي يكّون خطراً عليها، والتاريخ مملوء بالشواهد على ذلك.
الحزب الشمولي والحياة الجامعية لذا قاست "حياة" كثيراً في حياتها الجامعية، عندما رفضت الانتماء إلى حزب البعث، مؤكدة بحزم موقفها المستقل و التفرد الذي لا يتحمله الفكر التوحيدي و الأنظمة الشمولية، مما أدى إلى تعرضها إلى صعوبات، و خلق مشاكل كثيرة لها، أثناء وجودها في الجامعة. و عندما تضاعف العنف و اضطهاد الناس الذين لا يخضعون إلى فلسفة حزب البعث في تلك الفترة، أتخذ قرار بالتخلص من جميع الأساتذة الذين لا ينتمون للحزب.
كانت «حياة» على رأس القائمة، عندما نقلت إلى مشروع صناعي في مدينة الديوانية. و لكن أعيدت إلى الجامعة بعد فترة قصيرة، حيث لم يجدوا أستاذا يشغل منصبها، و لكنها تعرضت في الوقت نفسه إلى المراقبة الدائمة من قبل مكتب ضابط أمن الجامعة، و أصبحت من المشكوك في ولائهم، بما في ذلك فتح الرسائل التي كانت ُتبعث لها من قبل عائلتها. و كانت تُقرأ من قبل ضابط أمن الجامعة، قبل أن تقرأها «حياة»، بالرغم من أنها بدرجة أستاذ. إذ ليس هنالك قدسية و احترام أعز ما يخص الفرد، و هو قراءة مضمون الرسائل الخاصة به، و التدخل بخصوصيته، بهذا الشكل المفضوح و النابي.
و لأن الفكر الشمولي يفترض تنظيماً اجتماعياً موحّداً و فكراً موحّداً، لذا يطلب الالتزام الصارم، و العمل على خضوع الآخرين لأرادته. و يتم بذلك استغلال الفرد و سحق تفرده. فتفتيش رسائل الأساتذة هو جزء من الإجراءات لتوحيد الفكر، و يعُتبر خطراً أي سلوك خارج عن تفكير المنظومة الحزبية، بل يعتبر جسما غريبا، يجب مراقبته و اقتلاعه و القضاء عليه. وبذلك تحولت المؤسسات العلمية إلى مراكز أمنية ضمن الجامعات و انتشر فيها المخبرون بحجة حماية الأمن الوطني من الأعداء الذين لا يؤمنون بفلسفة الحزب.

وكتب د. صباح نوري المرزوك " حياة شاراة الثائرة الصامتة" : كان للنعي الذي رفعته كلية اللغات بجامعة بغداد على جدران مجمع الكليات في الوزيرية سنة 1997م أثره البالغ في نفوس من قرأ هذا النعي وعرف عنوانه، لاسيما انه يتعلق بأستاذة فاضلة ومترجمة متمكنة في ميدانها وهي الدكتورة حياة شرارة، أستاذة الأدب الروسي.
وكان الحديث يومئذ همسا يدور حول انتحار الدكتورة مع ابنتها مها، هل هو انتحار فعلي ام ان يدا خفية من وراء ذلك، ولكن ما جاء في رواية (اذا الأيام أغسقت) التي كتبتها الراحلة وقامت بنشرها وكتابة المقدمة لها شقيقتها بلقيس شرارة يؤكد ان الحدث هو انتحار بسبب فقدان الأمل والإحساس بانها أمام منعطف الهاوية عندما فقدت الحياة مغزاها وهدفها، لان زوجها الطبيب محمد صالح سميسم الذي كان ضمن قائمة الشهداء الذين أعدمهم النظام السابق.
قام السيد خالد حسين سلطان كونه واحدا من المعجبين بأدب الراحلة ان اعد هذا الكتاب عنها وقامت دار الخالدي للطباعة والنشر في بغداد بنشره في (138) صفحة من القطع المتوسط.
كتبت شقيقتها بلقيس عن سيرة حياة الفقيدة بالتمهيد للحديث عن مدينة النجف كونها مدينة ذات أجواء دينية معروفة وصدرت فيها صحف دعت الى الإصلاح الاجتماعي وفي هذا الجو ولدت حياة سنة 1935م وكان والدها فرحا بها رغم ان المجتمع كان لا يشجع على التمجيد بولادة الإناث، فقد كان يطلق عليها (ثالثة الاثافي) لأنها البنت الثالثة وكونها هادئة صامتة في طبعها، وتنقلت حياة مع أبيها الأستاذ محمد شرارة المدرس في ثانوية الناصرية ورافقته بالسفر الى لبنان، وبعد عودتها أصيبت بمرض التايفوئيد لكنها تعافت، أظهرت حياة موهبة أدبية منذ طفولتها وأحبت الشعر الحديث وكان ذلك بتأثير من والدها، وبعد انتقال الأب الى بغداد في منتصف الأربعينيات كان بيته منتدى وملتقى لكثير من الشعراء والأدباء والمفكرين حيث كان اللقاء أسبوعياً وكانت تستمع عن كثب الى تلك الآراء والطروحات والمناقشات لاسيما ان بدر شاكر السياب ولميعة عباس عمارة ومحمد مهدي الجواهري وحسين مروة ونازك الملائكة وبلند الحيدري من رواد هذا الملتقى.
أكملت حياة دراستها الأولية والثانوية في بغداد وتعذر عليها دخول جامعة بغداد لصعوبة الحصول على شهادة حسن السلوك بسبب الانتماء السياسي فتركت بغداد وذهبت إلى سوريا ومنها سافرت الى مصر والتحقت بقسم اللغة الانكليزية بجامعة القاهرة.
ثم اختارت السفر إلى موسكو عام 1961م وظلت تدرس فيها حتى عودتها الى العراق 1968م، وكانت تقضي وقتها في الدراسة والمطالعة، تعينت في كلية الآداب ثم نقلت الى وزارة الصناعة لأسباب سياسية ثم نسبت الى العمل كمترجمة في إحدى المشاريع الروسية في الديوانية ثم انتقلت للعمل في كلية اللغات في قسم اللغة الروسية وقد أشرفت على إصدار كتابي والديها على المتنبي والدراسات الإسلامية وقد نشرت عددا من الكتب التي ترجمتها عن الروسية : ديوان الشعر الروسي 1983م، مذكرات صياد 1984م، رودين من تأليف تورغينيف 1985م، الأفكار والأسلوب 1986م، مسرحيات بوشكين 1986م، عش النبلاء لتورغينيف 1987م، وقد اتجهت في ترجمة جميع اعمال الكاتب الروسي تورغينيف وأكملت ترجمة روايتين من اعماله ثم بدأت في العمل الثالث الا انها أصيبت بخيبة أمل لعدم توافر ناشر لهذه الكتب، وقد كتبت ذكرياتها التي نشرتها أختها.
وقد كتب الشاعر العراقي محمود حمد المقيم في الإمارات قصيدة عنها نشرت في صفحات 74ـ76، ثم كتب الكاتب جمال كريم موضوعا بعنوان: حياة شرارة سيرة حافلة بالعطاء الإبداعي والإنساني، أضاف فيها الى ترجماتها: فن الترجمة، تشيخوف بين القصة والمسرحية، وصفحات من حياة نازك الملائكة ولها ديوانان من الشعر مخطوطان هما: قصائد قديمة وشفق الفجر.
وكتب محمود الأحمد عن " حياة شرارة .. الموت من أجل الحياة تناول روياتها الشهيرة اذا الأيام اغسقت ذكر فيها : ما بين متن الرواية ومقدمتها مدّ من العبير، وجسر من التوثيق، ونهج من التواصل. حيث ما فات أن ُيذكر في الرواية المكتوبة في العراق عن سوء حال الإنسان العراقي، قد ذكرتهُ المقدمة التي كتبت خارج أسوار العراق.
تلك الرواية الوثيقة بطبعتها الأولى صادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2000، فكتبت للرواية مقدمة (بلقيس شرارة) الشقيقة المغتربة في مدينة (كنكستن) الولايات المتحدة، و ألحقتها بملحق تعريفي ادرج فيه قائمة الكتب المؤلفة، والمقالات والكتب المترجمة المنشورة.
كم هي بديعة سيرة الأديبة الأستاذة (د. حياة شرارة)، ولكن سيرة موتها هو الذي كان اكثر نبلا، ورقياً، واحتجاجا..
لانها رفضت الحياة، الخالية من الكرامة، (فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) وراحت تدون روايتها التي خير سيرة بطولة، ومسيرة تحد عظيم، ومكابد.
كانت الرواية تبرر أسباب ذلك الانتحار الذي تكتم يومها الإعلام، محاولا أن يجعل من ذلك الاحتجاج البطولي أمرا غير ذي بال.. تسرد أحداث الرواية مشقة أستاذ جامعي في عشرة فصول.. ما بين بيته وفصله الدراسي، تحت نير الاستغلال، والثقل البالغ الذي حفر الظهر بنير أقسى من السياط، وسحق منه العظم.. أيام حصار جائر تقصد فيه الحاكم الدموي البشع (الصادم) أن ينال من كل شهادة علم هو لم يستطع أن ينلها (كونه لم يحصل حتى على الإعدادية).. فما كانت شهادة الأستاذ الجامعي هي إحدي أهدافه ليوجه إليه كل قسوته، بغية تفريغها من محتواها المنير في المجتمع، فقصدته في اللقمة والهواء، وقيدته بحثالة من الأراذل تراقبه، وراحت شرطته السرية تعدّ عليه الأنفاس. أينما يذهب تطل عليه تريد الاطلاع حتى على أحلامه التي بقيت غاية لا تدرك، فباع أغلى ما يملك، حتى الكتب وتشرد وراء ألف نجمة شاردة إلى وراء الشمس..
بقي المثقف ــ يقصده الراوي ممثلا بذاته.. عندما ألف الضياع الذي يلف بجيله من الأساتذة الجامعيين الشرفاء، بل شمل حتي الطلبة بكل أطيافها، وبدد الحرمات الجامعية، إذ تخللت درس العلم.. سوسة الرشوة الفاسدة، وصارت ديدناً يقوض كل المثل التي يحاول البطل الرواي المحافظة على عطرها الذكي في كل خطوة، متحديا كل ذلك الجبروت، ومنطلقا.. في بحثه ودرسه، يدون مسلة الانهيار، ولا يبالي بالمعاول التي ما أن يمر يوما حتى يجدها تحفر قدامه، وحوله تريد طمره.. (لم ينج منه أي مخلوق، حتى أولئك الذين كانوا أداته المباشرة في القول والتنفيذ، فقد كانوا اشد ذعرا من غيرهم فلأنهم يحيون بالقرب منه، ويمارسونه صباح مساء، وكانت آثاره الدبقة تلتصق بثيابهم، وتعبر عنها مشيتهم والتفاتاتهم المتجهمة القاسية اللامعة بالشر والتهديد، وهي أول ما يلاحظه المرء فيهم ــ ص 85 ــ الرواية)..

فتارة يأتي فصل الطريق إلى الجامعة، حافلا، دقيقا، ومدونا لعلامات ذلك الزمن. وتارة أخرى محملا بالجدية في أروقة الجامعة، وممراتها.. حيث التدوين الدقيق هو وجه النضال واحد، فيبقى في كل زمان ومكان، وهو ضد التعسف في الرأي، وقمع الرأي الآخر بتجاهله، أو بتسفيهه، أو تأجليه إلى غير فاعليته.. والمبادئ دائما هي المسيرة النزيهة البعيدة عن الوصولية نحو تحقيق آمال الشعوب، والنضال هو إزاحة الخوف القديم المترسب الكامن استقرارا من جراء نهج متواتر بالبشاعة.
فتطلب من الرواية أن تكون بفعل متواز يستند إلى ديمقراطية شجاعة مارستها الكاتبة (د. حياة شرارة) تعادل تكميم الأفواه، ويستند إلي بوح حقيقي من اجل عبور كل ما سنه ذلك العهد المخلوع..
و الإزاحة مارستها الرواية/ الراوي بحيوية بطلها المحوري، حيث بقي يحلم، ويحلم بحرية، بالتغير، وبتسنين الدستور الراسخ، والثابت الذي لا يستثني أحدا، ولا يقيم فرقا بين هذا، وذاك.. لا على أساس عرقي، أو اثني.. الكلّ متساو كأسنان المشط.. الكلّ مشمول في الحق الشرعي للمعتقد، وصراحة الرأي.

وعن فن الترجمة التي عملت فيه شاراة كتب عبد الهادي فنجان الساعدي " حياة شرارة وفن الترجمة " ذكر فيه : لقد اختارت الدكتورة حياة شرارة هذا العنوان لترجمة كتاب “فن الترجمة” اما المضمون فكان ثلاث مقالات لثلاثة كتاب ومترجمين افذاذ هم: الارمني ك. سورينيان والكاتب البلغاري فلورين والكاتب السوفيتي روسيلس. وقد اضفنا للعنوان كلمة الفرسان الثلاثة لما لهؤلاء الكتاب الثلاثة من قوة تأثير ولما تركوه من اثار متميزة في مقالاتهم واثارهم الثقافية.

لقد كانت كلمة التقديم في هذا الكتاب علمية مما حدى بنا إن نستخلص منها الكثير لننير الطريق امام القراء او اصحاب الاختصاص وطلبة اقسام الترجمة في جامعاتنا عند انبثاق هذا الفجر الجديد فجر حضارة العراق القادم.
“فليس المترجم الجيد من يترجم من لغة لأخرى بل من يمتلك مدى رحبا للعمل فهو يترجم تفكيرا لغويا معينا الى تفكير مغاير، ومن مجموعة معقدة الى مجموعة معقدة اخرى ولا يقتصر على نقل المدلول الدقيق انما النبرة والايقاع والوتيرة والنغمة وبكلمة اخرى: اللون العاطفي الفردي المكثف للنتاج الفني فهو يترجم الاسلوب وروح النتاج الادبي عبر الادوات اللغوية”.
المقالة الاولى للكاتب الارمني سورينيان يتعرض فيها لتجربته في ترجمة رواية “الاخوة كارامازوف” للكاتب الروسي دستويفسكي. والمقالة اضافة الى دخولها في باب نظرية الترجمة الا انها تنطوي على ملاحظات نقدية فيما يخص تجربته في النقد والترجمة.
وبالرغم من كل الملاحظات الابداعية التي صاغها ونقله للتجربة التي خاضها الا انه كان يغالي بعض الشيء في مهمة المترجم حتى لقد وصل به الامر إن يصرح بأنه لهدف إن يترجم لدستويفسكي قبل بالذهاب للدورات الادبية العليا في موسكو باعتباره كاتبا وعضوا في اتحاد الكتاب ” وذهبت لهذه الدورات لغرض العيش في موسكو والاختلاط بالروس والتشبع بقدر الامكان بروح الشعب الروسي والتعرف على معيشته وعاداته والاحاطة بالسمات المميزة للفرد الروسي وسماع جزيئات اللغة الروسية ودراستها سمعيا اضافة الى ناظري”.
ومما يسجل له كمترجم مبدع او ككاتب، ملاحظاته الدقيقة والشيقة حيث يعتبر الترجمة “لحظة سيكولوجية معينة “كما انه يعتبر” الترجمة الفنية - عملية ابداعية” حتى لقد وصل به الاعتقاد بان المترجم “يجب إن يشعر بأنه هو الذي يقوم بكتابة هذا النتاج “كما انه يعتبر افضل ترجمة” هي التي تنسي القارئ بانه يقرأ كتابا مترجما”.

هنالك الكثير من الملاحظات التي تتعدى عملية الترجمة الى النقد والتشكيل والموسيقى وعلاقة هذه الفنون بفن الترجمة.
اما المقالة الثانية للكاتب البلغاري فلورين فهو يتعرض فيها لأهمية استعمال المعاجم مهما تمكن المترجم من اللغات التي يترجم منها واليها فيقول: “مترجم الادب الفني الذي يترجم بدون استعمال المعجم، ليس مترجما على العموم” وهو بالاضافة الى تركيزه على استخدام المعاجم يتفق مع سورينيان على إن الترجمة هي عملية ابداعية اضافة الى تشكيلها اسهاما في الادب الوطني وفي الثقافة لشعبه.
مما لا شك فيه إن على المترجم إن يمتلك زمام اللغة التي يترجم منها وان يكون على اطلاع واسع باللغة التي يترجم اليها وبالرغم من ذلك يتحتم عليه إن يجعل القاموس ملازما له والهدف من ذلك هو “ايجاد الجملة المرادفة لتلك الجملة في الحالة الراهنة”.
“ولا يستثنى من ذلك سوى بضع كلمات وعبارات منفردة تتخطى حدود المعارف اللغوية والثقافة العامة”.

وكتبت الدكتور نادية غازي العزاوي " : حياة شرارة في: نصوص مزدوجة في السيرة و السيرة الذاتية" جاءت فيه : على مدى حلقات متفرقة ومقالات متباعدة زمنيا نشرت د. حياة شرارة نصوصاَ من نمط خاص يمكن نعتها بالنصوص (السيَريّة المزدوجة)، تداخلت فيها على نحو حميم وقائع مجتزأة من حياتها ومن عاشت معهم وواكبتهم وعرفتهم عن كثب، وقد شكل اهتمامها بهذا النمط من الكتابة ومثابرتها عليه حالة خاصة وملحوظة جداً ضمن توجّهات الأدب النسويّ العراقيّ الحديث، وان توزع جهدها في هذا الجانب على أكثر من كتاب ومقالة، نذكر منها – على سبيل التمثيل لا الحصر:
أ – صفحات من حياة نازك الملائكة، دار الريس، بيروت 1994.
ب – مقدمتها لكتاب والدها (محمد شرارة) الذي جمعته وحققته: (المتنبي بين البطولة والاغتراب)، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1981.
ج – (تلك ايام خلت)، ثلاث حلقات من ذكرياتها، مجلة الأقلام: ع7/1987، ع 1/ 1988، ع 9/ 1989.
د – ندوة الشعر في بغداد الأربعينيات، ملحق جريدة النهار، عدد 299، تشرين الثاني 1997 (1).
ومن المفارقة أن لا يمهلها الزمن – الذي ظلت تخشى جبروته ومصائبه – الوقت الكافي لاتمام (مشروعها/ حلمها) في كتابة سيرة ذاتية كاملة.

ويفترض هذا الجنس من الكتابة الابداعيّة في مَن يتصدى له توافر نزعتين متلاحمتين لديه على مستوييْ الوعي و المعالجة أو المنظور والأداء: نزعة تأريخية تؤمن بأنّ استرجاع الوقائع الوسيلة المثلى لتقييدها وانقاذها من الضياع والشتات والنسيان، ونزعة ابداعية تتحرّى جماليات اللغة وطرائق السرد التي تنقل من خلالها تلك الوقائع.

وقد تهيّأ لها هذا كما تهيّأت لها عوامل نجاح للتميّز في هذا المجال من الكتابة: فقد اختزنت حياتها الشخصية وواقع اسرتها خاصة عناصر اثراء وفرت لها مادة ممتازة للاستذكار، بدءاً من الأسرة اللبنانيّة الأصل التي سكنت العراق واحبّته وتجنسّت بجنسيته، وولادتها في (النجف)، والتجربة السياسية: انتماءً واعتقالاً ونفياً ومطاردة بشخص والدها وعمها، ثم انخراطها المبكر هي نفسها في صفوف الحزب الشيوعي العراقي وتولّيها أعباء ومسؤوليات التنظيم و التحامها بالأحداث السياسية ((وهي ما زالت بريعان الصّبا، مندفعة بعاطفة جارفة لمحاربة التعسّف والظلم ومتطلعة الى حرية الانسان وتحطيم قيوده)) حتى انها ((رُشّحت ولم تبلغ السابعة عشرة من العمر لحضور مؤتمر السلام الذي عقد في براغ عام 1952

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced