في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات الشعبية على شحة تجهيز الكهرباء في عموم العراق وإنطلاق مظاهرات عارمة في العديد من المحافظات ، يتوقف البعض عند دوافع هذه الاحتجاجات والقوى التي تقف ورائها ، في محاولة لحرف النظر عن الاسباب الحقيقية لهذا التحرك وجعله ذو أهداف سياسية تتعلق بالصراع بين القوى اللاهثة خلف تقاسم المناصب ، قبل أن تكون أهدافه إنسانية مطلبية ملحة . والحقيقة فإن أزمة الكهرباء واحدة من أزمات إنسانية عديدة يعيشها المواطن العراقي منذ سنوات ربما تمتد لأكثر من سبع ، جاءت نتيجة سياسات خاطئة ، كان المواطن يعول على إنتهائها بتغيير النظام الذي كان يحكم ، لكن الزمن كشف إن ألازمات إزدادت حدة وتعمقت تأثيراتها وغدت ظاهرة تترسخ . لكن المواطن العراقي لم يستطع الى الان هضمها أو تقبلها على إنها أمرا واقعا والدليل هو عمليات الاحتجاج التي تتناقلها وسائل الاعلام مع تبريراتها ودفاع المسؤولين عن أنفسهم بل عن نظامهم الذي حمى كل فسادهم وإفسادهم ، وهنا بيت القصيد ، فما يعيشه الوطن ليس أزمة كهرباء أو أزمة خدمات أو أزمة تشكيل حكومة ، وإنما الازمة الاكبر هي أزمة النظام السياسي نفسه الذي بُني على أساس المحاصصة المقيتة والتي أدت الى أن يحتل أشخاص ليسوا ذوي كفاءة لمواقع هامة وحساسة في حياة المواطن والوطن ، كل كفائتهم إنهم ينتمون الى هذه الكتلة الطائفية أو تلك القومية ولايهم بعدها ماله وما عليه من إمتيازات أم هنات ... وتلك هي المصيبة !!! إن أزمة تشكيل الحكومة والفراغ الامني لاتُحل عن طريق التوافقات والكواليس والتقسيمات للنفوذ والمغانم ، بل إنها ذات عمق أكبر يمتد الى طبيعة القوى التي تتصدر العملية السياسية والنفوذ البرلماني ذو الاشكاليات الدستورية الكبيرة ، وأزمة الكهرباء وأزمات الخدمات الاخرى ، هناك من يسند بقاءها وديمومتها، ذلك هو الفساد المالي والاداري المستشري الذي يلقى الرعاية والدعم من لدن قوى المحاصصة والتي بدورها تستفيد من بقاء تلك الازمات لتكريس أسس نظامها في رهان خاسر على حاجة المواطن وما يعانيه من نواقص تمس ـ كما تتصور تلك القوى ـ قدرته على التحرك والاحتجاج . لكن الحقيقة هي غير هذه ولا تلك ، إنها رفض المواطن لطبيعة النظام الذي أتى بكل تلك الازمات وبالتالي فلابد لهذا الاحتجاج أن يأخذ مداه الحقيقي ، وأن يكون العنوان الابرز هو المطالبة برحيل نظام المحاصصة المقيت ، وإلا فإن القوى التي إستفادت منه سترحل هي عاجلا أم اجلا ,
كتب بتأريخ : السبت 26-06-2010
عدد القراء : 2366
عدد التعليقات : 0