سئلت اعرابية عن احب اولادها الى قلبها، فاجابت قائلة: صغيرهم حتى يكبر، ومريضهم حتى يشفى، وغائبهم حتى يعود.
كان الجوابُ فطرياً جسدت فيه تلك الام عاطفتها بكل صدق وشفافية، فالام لا تميز بين ابنائها في درجة محبتها لهم الا في حالات معينة كالمرض او الغياب او صغر السن، بحسب درجة احتياجهم لها.
اما الام العراقية فهي ليست كسائر نساء الارض، فقد ابتليت بمجتمع ذكوري وموروثات بالية ترى فيها نقصاً او عيباً، فكانت كقطعة الاثاث تنقل من بيت ابيها الى بيت زوجها دون ان يحق لها ان تعترض مجرد اعتراض.
ولقد جسدت احدى الشاعرات الشعبيات حالة المراة خصوصاً الريفية حين رددت قائلة :ما تنسمع رحايّ بس ايدي ادّير...اطحن بكايا الروح..موش اطحن اشعير
للتعبير عن عمق معاناتها في ذلك المجتمع البدائي، لكن همومها تضاعفت لتتضاعف معهادرجة احتمالها بسبب الحروب المتتالية التي افقدتها من تحب من ابنائها او اخوتها او زوجها.
وظل وجود المراة في بيتها كالملح في الزاد، فهي الام والزوجة والاخت والجدة التي تحرص على لم شمل عائلتها بكل ما اوتيت من قوة.
لكننا نرى تلك الام الرووْم تتألم من صدود ابنائها الذين افنت زهرة شبابها في تربيتهم وخدمتهم، ودور المسنين دليل واضح وجلي على تلك الحالات التي يكون فيها عقوق الابناء صارخاً لذويهم ولامهاتهم بشكل خاص.
فالام العراقية اعتادت ان تكون اول من يضحي واخرمن يستفيد، وصار لزاماً على اولادها ان يضحوا براحتهم من اجل اسعادها وخدمتها.
فرفقاً بشجرة العائلة وملاذها الامن ونحن لا نشعر بحنان الامهات الا بعد ان نفقدهن، فانهلوا من حنان الام قبل ان تفقدوه واسمعوها كلاماً جميلاً حتى لا يكون لسان حال امهاتنا يقول: كلبي على گلب اولدي.. وگلب اولدي من حجر.
كتب بتأريخ : الإثنين 05-07-2010
عدد القراء : 2560
عدد التعليقات : 0