اعتادت (أم علي) على السير خلف زوجها ببضعة أمتار، تنفيذا لأوامره،لأنه كان يرى ان المرآة، يجب ان تسير خلف زوجها بمسافة، اما للتعبير عن احترامها وطاعتها له او تطبيقاً لمقولة وراء كل رجل عظيم امرأة.
وفي احد الأيام خرجت (ام علي) خلف زوجها للتسوق! وفجأة انفجرت عبوة ناسفة وقتلت زوجها في الحال ونجت (ام علي)، لأنها كانت تسير خلفه ببضعة أمتار!!
المهم ان مسار حياة (أم علي) قد تغير بالكامل منذ لحظة الانفجار، وانهار النظام الذي اعتادته دفعة واحدة، لتجد نفسها وقد تحولت بين ليلة وضحاها الى ارملة مسؤولة عن إعالة أطفالها الخمسة.
في البداية ساعدها البعض من الأقارب والأصدقاء، لكن التزاماتهم العائلية وقفت حائلا دون استمرار تلك المساعدات، فسنوات الحصار علمتنا ان لا نتقاسم لقمة عيشنا مع احد وحتى في اقسى الظروف. اما اخوة زوجها فقد زاروها عدة مرات ليتفقدوا اطفالها وما يحتاجونه في هذا الزمن، ولكنهم انقطعوا بعد فترة قصيرة بسبب الحاح زوجاتهم اللواتي خفن على ازواجهن من الارملة التي قد يفكر أي من اخوة زوجها في الزواج منها!
وتحولت (ام علي) الى امراة اخرى تصارع من اجل لقمة عيش لاطفالها فعملت "خّبازة" تبيع الخبز للجيران، لكنها لم تستطع ان تلبي حاجات اطفالها، فبدأت ببيع اثاث البيت قطعة وراء اخرى. وبكت ايام زوجها رغم دكتاتوريته، لكنها على الاقل لم تفكر في توفير لقمة عيش لافواه جائعة وصغيرة.
لكنها تذكرت فجاءة انها تحمل شهادة المتوسطة وفعلا بدات تنتقل من دائرة الى اخرى بحثا عن وظيفة، وفعلا وبمساعدة احد الجيران حصلت (ام علي) على وظيفة ككاتبة في احدى المدارس الابتدائية لتحصل على وارد شهري لاباس به، وحين يشح المال في يدها تلجأ الى الخبز ، وهكذا استطاعت (ام علي) ان تقف على قدميها بعد وفاة زوجها الذي عاشت في حياته مهمشة، لكن فقدانه علمها ان تكون قوية وشجاعة لتجنب طفالها مستقبلا قاتما ، ولتحفظ ماء وجهها.
والسؤال الذي يطرح نفسه ترى كم عدد الارامل اللواتي حصلن على فرص عمل جيدة، او على راتب تقدمه الدولة لهن يعينها على تحمل تكاليف معيشتها هي واطفالها لها بما يضمن حياة حرة وكريمة.
ان واجب الدولة هو مساعدة الارملة لا عن طريق رواتب شهرية فقط بل عن طريق توفير فرص عمل لهن، حتى تتغلب على شعورها بالضعف وتمنحها ثقة كبيرة بنفسها وبالاخرين.
كتب بتأريخ : الإثنين 02-08-2010
عدد القراء : 2230
عدد التعليقات : 0