بين العقل والحاسوب
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

خلق الله الانسان بأروع صورة وبأعقد تركيب فهذا الجسد الذى يحوي هذه الاجهزة المعقدة مثل جهاز الهضم والتنفس وكل تعمل باختصاصاتها وتنفذ واجبا يختلف عن واجب الاخر ولكنها تتحد بالهدف وهو ديمومة حياة الانسان وكل هذه الاجهزة الصغيرة تدار من قبل كرة صغيرة محفوظة في رأس الانسان وهو المخ الذي يحتوي العقل وهو الموجه والمسيطر والمرشد والمفكر كي يخرج بأجوبة مناسبة ومنطقية وعملية كردود فعل ٍ مادي حركي أو معنوي كنشاط فكري0 فالفعل المادي هو رد على مايصيب الجسد بالاحساس بالألم من إختلال في أحد أعضاءه أو إصابة جزء منه أو خارجي بما يتعرض له من أمور مادية أو ظواهر معنوية تؤثر فيه0 وقد بدأ الإنسان يدرس نفسه في العصور الحديثة وبدأ يحاكي جسده بكل تفاصيله ومختلف نشاطاته الفكرية والمادية،كما بدأ علم جديد يشتغل فيه الآلاف من الناس المختصين بدراسة هذه المعرفة الجديدة التي رأوا انها مهمة جداً بل أهم من كل المعارف التي قدمها الإنسان في العصور الغابرة وحتى يومنا هذا ولقد بحث الكثير من الأمور في الطب والفلك والكيمياء ولكنه نسي نفسه فلم ينتبه اليها وكيف تعمل وتتحرك كل تلك الأجهزة داخل جسده إلا بالنزر القليل، وهاهو اليوم يستيقظ ليستدير الى دماغه وكيف يعمل ويبحث في ذاته فيدرسها ويتعرف على خفاياها فإستنبط علم النفس وظهر علماء عديدون يهتمون بهذا العلم كفرويد وينج وغيره ولسنين عديدة وهم يتخبطون بين الروح والنفس والعقل وحقيقة الأحلام والدوافع التي تحرك الشخص وتحدد تصرفاته ووضعوا التفاسير والتحليلات بما طاب لهم ولكل هذه الظواهر والأنشطة البشرية التي تعمل داخل جسم الإنسان حتى جاء علماء آخرون فدرسوا الجسم وحركته من جانب آخر مختلف عما ذهب اليه أولاءك العلماء وبدأوا البحث في حقيقة عمل الدماغ وأهميته بالنسبة لجسم الإنسان وكيف يعمل وكيف يمكن لهذا الدماغ أن يحل الألغاز ويفك الطلاسم ويقدم النتائج الصحيحة وقد استفادوا من محاولات القدماء الذين استطاعوا أن يبتكروا أساليب متنوعة في حل الرموز ويستخرجون النتائج مثل الخوارزمي الذي وضع قواعد الحاسوب في حل بعض المسائل الرياضية بطريقة ساذجة لكنها كانت محاولة مفيدة أخذها منه العلماء المعاصرون ليجعلوها أساسا ً لأبحاثهم ونهجا ً في إسلوب تفكيرهم في فهم عمل الدماغ وكيف يحل الرموز وهكذا بدأ هذا العلم يأخذ منحا ً جديدا ًغير كل مفاهيم المعتقد القديم الذي طرحه فرويد ويانغ وإكتشفوا أن الدماغ ليس إلا جهاز يعمل وفق طريقتين الأولى هي بما طبع بهذا الدماغ من معلومات نقلت اليه وراثة وهو جنين في بطن أمه والتي تحوي خصائص وصفات ورثها من أسلافه وإنتقلت اليه جيل ٍ بعد جيل،والثانيةهي ما يصدر من أجوبة لأفعال نتيجة أحداث يجابهها في حياته اليومية ويرد عليها بعد معالجة سريعة داخل الدماغ ويقدم لها الجواب المناسب عملاً أو كلاما ًأو غير ذلك من النشاط البشري وهكذا أخذ العلماء في محاكاة الإنسان شيئا ً فشيئا ً وخطوة بعد خطوة فقد صنع الحاسبة البسيطة المحدودة الوظائف كالطرح والجمع ثم تدرج في التطور حتى وصل الى ما وصل عليه اليوم من مقدرته على صناعة أعقد الحاسبات الألكترونية التي يسخرها اليوم في ادارة الدول و شن الحروب ووضع الخطط العسكرية فهي تحلل وتعطي أدق التفاصيل وتكشف الآلاف من الطلاسم العصية على عقل الإنسان وهكذا تطور هذا العلم وغدا لربما من أهم العلوم وأعظم الإختراعات في العصر الحديث وأخذ العلماء يستفيدون من هذا الحاسوب فيصنعوا الإنسان الآلي (الروبوت) الذي طوروه حتى أضحى اليوم يحاكي الإنسان في أدق تفاصيل حياته بل وجعله يفكر ويعطي النتائج الرائعة لأعقد الأمور بل وأخذ يتفوق في بعض الأحيان بتقديم النتائج التي تستعصي على العلماء أنفسهم فأضحوا هم أنفسهم أسرى لهذه الآلة الجهنمية التي سيطرت على الإنسان ولم يعد بإمكانه الإستغناء عنها فقد دخلت كل بيت وكل مؤسسة وكل مرفق من مرافق الحياة في هذا العلم الفسيح وأصبحت الصديق الصدوق الذي يلازم صاحبه ولايفارقه فتجده أمامها يحتضنها ويبقى ساعات وساعات أمامها دون كلل أو ملل يحدثها فتجيبه ويطلب منها فتستجيب له فغدت ساعده الأيمن تعينه وتساعده في كل مايعجز عن تحقيقه بل وتفكر بدلا ًعنه لتقدم له أنجح السبل وأفضل النتائج بل وتسليه بوحدته وإسترخاءه كبيراً كان أم صغيراً بما تقدم له من ألعاب كما هي مكتبته الضخمة التي تحتوي الآف الكتب ليختار منها ما يشاء فهي رفيقة حياته0 كما استطاعت هذه الآلة العجيبة أن تنجب وتولد فقد أنجبت المئات من الأجهزة التي خدمت البشرية في السراء والضراء وفي السلم والحرب منها الموبايلات والستلايتات والكاميرات الديجيتل ودخلت في كل صناعة وكل جهاز وكل قطعة أثاث فالسيارات اليوم والطائرات والقاطرات تسير بالكومبيوتر ولن نستطيع أن نعد ما حشرت نفسها فيه هذه الآلة التي بدأت تنافس حتى الإنسان نفسه، فالعديد من المعامل أخذت تستغني عن آلاف العمال واكتفت بعدد قليل منهم فقد عوضها الكومبيوتر عن كل ذلك العدد الضخم وقلل كلف إنتاجها، وقد تصبح هذه الآلة في المستقبل عدوة هذا الإنسان الذي صنعها وأبدع فيها وإنقلبت علية فهي المارد الذي أطلق سراحه الإنسان من القمقم فبدلا ًمن أن يقول له (شبيك لبيك) تمرد عليه وسحقه وقد يكون هذا غضب الله على خلقه الذي تطاولوا على إبداعه وحاولوا أن يشاركوه في خلق هذا الإنسان الذي تفرد به رب العالمين0
فالحاسوب هو عقل كعقل الإنسان له نفس خصائصه ونشاطه فلو قارنا بين مكوناته ومكونات الدماغ لرأينا أن الحاسوب يحوي نفس أقسام الدماغ فهو يستلم الإيعاز بواسطة أحد منافذه فهو ًيستلم الصوت من المايكروفون وكذلك الدماغ يستلمه من الأذن أو يستلم الصورة من عدسة الكاميرا وكذلك المخ يستلمها من العين ويستلم الاحساس من الفأرة ويستلم الدماغ الاحساس من اليد ويدخل الحاسوب المعلومات الى المعالج وعن طريق البرامج يرسل الاجوبة والدماغ يفعل نفس الفعل فيستلم الايعاز مهما كان صورة او صوت فتذهب الى الخزين في داخله من المعلومات فيدرسها ويعطي الجواب اللازم، فالحاسوب وعند تصنيعه يخزن في داخله مجموعة من المعلومات حتى يتمكن من الإشتغال ويقدم الخدمات فمن دونها هو مجرد آلة لاحياة فيها وكذلك دماغ الإنسان يكون قد تلقى وهو جنين في بطن أمه كما أسلفنا بعض المعلومات والخصائص التي قد إنطبعت فيه وراثيا ًعن طريق الجينات والحمض النووي الذي أثبت العلم وجوده وتأثيره على شخصية الإنسان وقدراته وتصرفاته واستطاع أن يكتشف هؤلاء العلماء أكثر من خمسة عشر ألف خصيصة تنتقل بالوراثة وهي مطبوعة في دماغ الإنسان من جيل الى جيل وتبقى مخزونة فيه وبهذا يتمكن من الإستجابة لأي إيعاز خارجي من المحيط حوله أو داخلي من أحاسيس جسده وبهذا فقد اتضح بان العقل والحاسوب هما تؤمان سياميان متشابهان لاينفصلان عن بعضهما أبدا ً0 واخر ما يجب ان يقال بهذا الصدد بان الحاسوب سيطيح بجميع الخرافات التي التصقت بعقول البشر لقرون وعهود وعصور 00

  كتب بتأريخ :  الخميس 12-08-2010     عدد القراء :  4246       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced