مرت على العراق أحداث مأساوية رهيبة أصاب طائفتنا الجزء الأكبر منها
نظراً لما يتمتع به أبنائها من وعي سياسي واخلاقي وبأخلاص للوطن
فمن ألضروري هنا عدم التغاضي والخوف من ذكرها حاليا ولتعرف
الأجيال اللاحقة حقيقة تلك الاحداث وما جرى فيها لأن معرفتهم بها من جانب واحد
وربطها بما يجري ألأن للطائفة من تهميش وأبعاد واقصاء متعمد
وكما تبين في المؤتمر الأول الذي انعقد في أربيل من اننا تركنا ورائنا كل شيىء
من أجل النجاة بارواحنا
وقبل 46 عاما وفي صباح يوم (8) شباط الاسود أستفاق الشعب العراقي
على انقلاب حبلت به الرجعية وأعوانها لسنوات طوال لم تلد غير سفك الدماء
والتعذيب وتوالت بياناتها بالأعدامات والتنكيل بابناء الشعب العراقي البطل
ولم تسلم الطائفة من هذا العنف الدموي .
فقد زج بأبناء وبنات الطائفة في المعتقلات والسجون وتعرضوا لأبشع صنوف
التعذيب والارهاب.
لهذا قررت نخبة من أبنائنا انه من ألأفضل لهم ترك البلاد
حينما أمتزج في قلوبهم أليأس الذي أصاب الشعب عموما بالأمل بالنجاة
توجهت المجموعة الأولى من المناضلين وأصحاب الحرف الى
ناحية (الحلفاية ) تمهيداً لغرض الذهاب الى أخوان لهم في أيران
وقد ذكر الاستاذ الاديب مديح الصادق الجهود التي قام بها
ابناء الطائفة من أجل المحافظة عليهم وأيصالهم الى أيران
وأضيف هنا ما أتصف به أبن الطائفه هاشم هذال الزهيري
من نخوة مندائية. حيث قام بأصطحاب الأخوة الثلاثه
وهم الفقيد عبد الواحد مطشر . وحميد. .وسعيد.. والسير بهم
ليلاً في الهور وأيصالهم الى عائلة مندائية في البسيتين.هي عائلة (غافل) ذهب عن هذا الطريق عدد من الأخوة منهم كلدان كبيص مصبوب
ونوري عبد الرحيم الناشي.وفاضل رشم الجاري.وسعد مشط علوان ويحيى حنتوش الذي أصيب
بمرض التدرن الرئوي في ايران نتيجة قساوة المعيشة هناك والظروف الاقتصادية حيث لم يعالج للظروف الصعبة التي صادفت
وكان هذا المرض سبب وفاته
المجموعة الثانية- عن طريق البصرة شط العرب - المحمرة
ومثقفي الطائفة منهم الفقيد المحامي طالب بدر لسان حال الطائفة المناضلين
حيث كانت كلماته أشعارا يشهد لها في المواقف الحرجة . وحمودي مطشر الهلالي
كذلك ابن الطائفة الحقوقي عربي فرحان وزكي فرحان. وبديع سبع
وأبن الطائفة الكاتب الروائي توفيق جاني سهر . وعيسى خضر الخميسي وياسين الناشئ وارجو المعذرة للذين لم تحضرني اسمائهم حاليا
وبعد أن القي القبض على والدي في ميسان وسجنوه بدل عن أولاده الأربعة
وأبنته ارسل لي رسول يحثني على ترك البصرة ..
وفضل التعذيب على ذكر مكان تواجدي
وبعده عدة ايام القي القبض على عدد من أبناء الطائفة في محلة الجمهورية
وأخذ زوجي سامي عبد الجادر عندما كان يعالج المرضى في مستوصف
الجباسي قرب شط العرب حيث دخلت عليه مجموعه من الحرس القومي سئ الصيت
وبصوت عال هنا (صبي من جماعة عبد الكريم قاسم) وزج به في مواقف التعذيب
بعد هذه الاحداث المؤلمه التي أجتاحت البلاد ذهبت أنا والأخ وليد عبد الجادر
بمساعدة أبن الخال النائب ضابط مجيد جابك الزهيري, حيث أوصلنا الى حدود المحمرة حيث
أوهم زوارق الحرس بأننا في وليمة عند أحد المعارف وكان مرتديا بزته العسكرية
وصل الكثير من المندائيين وغير المندائين ومنهم الشاعر مظفر النواب وعبد الصاحب الحميري وكوادر كثيرة غيرهم حيث سكن معظمهم في مدينة الاهواز والحويزة التي سكن فيها اخي حميد واصبح شخصا محبوبا ومرحبا به وذات سمعة طيبة حيث استضافته
عائلة الأخوان(ناعم أبو شنيشل.وغانم أبو نيسي) حيث أشتغل في محل الصياغة
ونال أعجاب سكان المنطقة
وفي الأهواز تجمع العدد الأكبر من الفارين من هذا الأنقلاب الأسود
ورحبت بنا عائلة (اَل خشان حسن أبو كريم ويحى ابوحامد )حيث وفرت لنا كل ما نحتاجه انا واخي سعيد الذي وفروا له ادوات الصياغة داخل الدار واعتنوا بنا حيث كنت حاملا انذاك وهناك
التقيت بالأخت المناضله خولة الرومي التي كانت تشع ذكاء وحيوية ومعنويات عالية
حيث ذكرت لنامشاهد من رفض مشاهير بغداد للانقلاب الفاشئ الاسود
بعد خمسة اشهر قبض على العدد الأكبر من الفارين من قبل أمن الشاه.
وتم تسليمهم للسطات البعثية الحاكمة وكان من ضمنهم اخي عبد الواحد وسعيد
عندما كنت في مشفى شبرا خورشيد ولادة ابني عادل سامي
التحقت بأخي حميد في الحويزة ثم أرسل بطلبنا الاخ حمودي في
قرية الحايي على شط الكرخة ووفر لنا دار من القصب والبردي
وفيها محل للصياغة واشتغل الأخوان بتصليح وصياغة المصوغات المختلفة وكان مع الاخوان
نوري عبد الرحيم وذهب الاخ وليد الجادر مع بعض الاخوان صاغة متجولون حيث تم القاء القبض عليه واودع في سجن الاهواز
بقينا في هذه القرية لغاية الشهر الرابع من سنة ( 1964
وفي هذا التأريخ فر أبن الطائفة كلدان كبيص مصبوب من سجن
قرب الأهواز حيث أشتغل مدة شهر في قص ثلاث أسلاك من شبا ك غرفة
السجن ووصل الى قرية الحايي يسأل عن وجود صاغة
بعد ثلاثة ايام جاء مسؤل المنطقة وقال للاخوان انكم من العراق
لم نصادف في حياتنا أشخاص بهذه الأخلاق والطيبة . بعد ان انكشف امرنا بالمنطقة قررنا العودة الى العراق بعد سقوط نظام البعث بمجئ حكومة عبد السلام عارف
أوصلني الاخوان الى عائلة ال خشان التي أوصلتني الى البصرة
الى بيت العم صدام الهلالي
رجع كل من حميد وحمودي الى العراق عن طريق المشرح
ثم الى بغداد بزي سكن سيارة حمل
حين وصولنا الى بغداد عرفنا ان اغلب أبناء الطائفة سجناء
في سجن نقرة السلمان وسجن الحلة وسجن الفضيلية .والسجن المركزي
اغلبهم ُسجن بمحاكمات صورية . يوضع المتهمون مجموعات في
قفص الأتهام ويطلب منهم السب والشتم للقوى الوطنية ورموزها حيث انهم كانوا يمتنعون ويرفضون ومتمسكين بمبداهم
فما كان من الحاكم وبجرة قلم 10 سنوات لكل واحد
كان زوجي من الذين حكموا بهذا الحكم
ونتيجة للمعاناة التي مر بها والتعذيب الذي تعرض له ساءت حالته الصحية
وأصيب بجلطة قلبية متكرره التي كانت سبب لوفاته لاحقا ونقل من سجن نقرة السلمان ثم الى مستشفى الحلة العسكري وبعدها الى مستشفى الشعب العسكري .
كان الشعب العراقي يغلي ضد هذه الاوضاع الشاذة
انضممنا انا والاخوان الى لجان الدفاع عن السجناء والمفصولين
وشاركت عوائل السجناء رغم كل اساليب السلطة
بفعاليات في الكاظم وباب الشرقي تطالب بأطلاق سراح السجناء واعادة
المفصولين وارساء الحريات والديمقرطاية واستمر هذا الحال لغاية عام 1968
خلال هذه الاحداث من القهر والتشريد كنا نتغنى باشعار المناضل الشاعر مظفر النواب
في ايران
عفاك اٍشكدْ مصايِب علكَلُب لاجن
طَريد بلا وطن لادار لا جْن
اغداي تراب الهم قسم لو جان
واظل ابن الشعب حتى المنية
كتب بتأريخ : الثلاثاء 17-02-2009
عدد القراء : 3317
عدد التعليقات : 0