الديمقراطية مصير الشعوب
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

لقد اعتادت الشعوب ومنذ الزمن القديم ان تجد شخصا من بينها فترفعه وتعلي شأنه وتغدق عليه العشرات من الاوصاف التي تجمل صورته ثم تسيده عليها وتجعله رمزا لها وتجله وتحترمه الى درجة التقديس في بعض الاحيان وتتأمل منه كل الخير نتيجة هذا الدعم والتعظيم00  فهذه هي الحالة وهذا هو الادمان الذي درجت عليه معظم الشعوب المتخلفة في العالم الثالث التي كان معظمها يعبد الاوثان والاصنام فاخذت تعبد الانسان وتقدسه وقد ينطلق هؤلاء الاشخاص الذين اسبغت عليهم الشعوب نفسها هذه الهالة من التفخيم والتبجيل ان يدفعهم جنون العظمة الذي ينتابهم فيصيبهم الغرور ويصدقون هذه الكذبة التي افتعلها الشعب نفسه واغدق عليهم هذه الصفات التي قد لايستحقها العديد منهم فيتحولون شيئا فشيئا الى طغاة مستبدين وينقلبوا على شعوبهم ويبدأؤوا بالفتك بهم 00 فلاجل التخلص من هذه الظاهرة التي تعاقبت عليها الشعوب نتيجة ضعفها وهوانها مما يجعلها تريد ان تخلق ماردا تتكيء عليه وتقف خلفه كي يحميها فاذا به اول من ينقلب عليها ويسحقها سحقا 00فعليها ان تدرك الشعوب بانها هي صاحبة السلطات وان تكون اكثر ثقة بنفسها فهي ليست بحاجة الى  صنع مثل هذه الرموزدينية كانت او دنيوية  وبامكانها ان تحكم نفسها بنفسها وان لاتحاول ان تجعل من الافراد رموزا لها وان لاتحصر السلطات بيد رجل واحد يتولى امرها ففي داخل كل انسان خصائص شريرة تحاول ان تبرز كلما سنحت لها الفرصة فالطمع والجشع والغرور والشعور  بالعظمة وحب  الذات  وما  يطلق عليه  ( النرجسية ) كلها خصائص راسخة في نفس كل انسان فعلى الشعوب ان تعي ذلك ولا تفسح المجال لاي من هذه الخصال ان تتحرك وتجد لها منفذا في شخص واحد يختاروه وانما عليهم ان يوزعوا ادارة شؤونهم بين مجموعة من الاشخاص كل يدير ناحية من نواحي حياة الشعب وهو ما يستقيم في الحكم الديمقراطي الذي لايعظم الرموز وانما يقيم المباديء والذي يحدد هيكلية الدولة بوجود مجلس للنواب الذين ينتخبهم الشعب بصورة مباشرة00 وينتخب هذا المجلس من يقوم بادارة مؤسسات الدولة من الوزراء وهكذا تتوزع الاعمال وتنعدم الرموز ويخلص الشعب من خطر الطغيان والاستبداد والانفراد بالسلطة 00 فالديمقراطية تعني حكم الشعب 0 وحيث ان الشعب بملايينه لايمكن ان يدير الدولة بمجموعه فانه يقوم باختيار نخبة من الاشخاص مما يثق بهم يقومون مقامه لمدة محدودة من السنين تحدد صلاحياتهم بدستور يشرع من قبل المختصين ويوافق عليه الشعب باستفتاء عام  ويراقب الشعب اداء هذه النخبة خلال فترة عملها فان وجدها غير مؤهلة وغير مخلصة سحب منها ثقته فيها وتخلص منها كي يستبدلها بمن هي اهل لذلك فان كان هناك عقد بين السلطة والشعب فيجب ان يكون عقد اذعان حتى لاتتسيد السلطة فيما بعد على الشعب وتستهين به فلا يمكن ان تكون السلطة سوى اجيرة لدى الشعب ليس إلا 00  وبهذه الطريقة فقط يمكنه ان يسقط كل احابيل ميكافيلي وتحريضاته ومكائده للحكام ضد شعوبها وإلاسوف نبقى تحت مضلة ميكافيلي والى امد الدهر  00 وبهذه الطريقة يمكن ضبط الامور وعدم افساح المجال لللانتهازيين وحتى لايكون بامكانهم استغلال مناصبهم وبناء علاقات وجسور مع اصحاب المصالح من المنتفعيين داخل البلدان او من خارجها  من قبل المصالح الاجنبية التي قد يؤسسون علاقات مشبوهة معهم او يعقدون صفقات تجارية او القيام بمشاريع استراتيجية ضخمة مقابل بعض الرشاوى يقدمونها لاصحاب النفوس الضعيفة من الوزراء او غيرهم من المسؤولين 00 فالديمقراطية بالاجمال هي ممارسات فعلية على ارض الواقع وليست مجرد شعارات يرفعها البعض متخفيا ورائها للحصول على المكاسب وخداع الشعب 0 فالديمقراطية هي اقوى سلاح يشهر في وجه الميكافيليين العتاة و هي  افضل المباديء التي تحقق العدالة الشاملة لجميع شرائح الشعب مهما تعددت الوانهم واعراقهم ومعتقداتهم 00

عليه فنحن نعلم بالطبع عندما نتكلم عن افضل الانظمة التي بامكان الشعوب التعايش ضمنها فاننا لسنا في معرض خلق او تكوين انظمة ننشأها بالكيفية التي نريدها وبالشكل الذي تكلمنا عنه فهذا امر غير ممكن00وانما دورنا ان نقيمها ونسبر اغوارها ونكتشف حقيقتها  لان الشعوب موجودة والانظمة موجودة فان وجد شعب من الشعوب ان هناك نظام يعيش في كنفه لايتلائم ورغباته ولايكون هذا النظام مجرد اجهزة خدمية تقدم خدماتها للشعب الذي فوضها على ادارة شؤونه فهي اذا  انظمة مستبدة فعليه تغييرها وهنا تقوم الاشكالية ويبدأ الصراع وهذا الموقف هو مادارت حوله معظم بنود رسائل ميكافيلي التي وجهها الى اسياده يبين لهم كيفية ادارة الصراع بينهم وبين شعوبهم الناقمة عليهم والذين تريد الشعوب الاطاحة بهم بوسائل واساليب ليست بالهينة 0فازالة الانظمة المتعسفة تتطلب تظافر جهود جميع شرائح الشعب الواقع تحت حكم الاستبداد وتقديم الكثير من التضحيات فالانظمة لاتستسلم بسهولة وتتخلى عن كراسيها ولربما هي بحاجة الى الكثير من تعاليم وطروحات ميكافيلي الخبيثة والاجرامية00 فلا يفل الحديد إلا الحديد فالحياة صراع ابدي وعلى الشعوب ان تكون مستعدة دائما للتصدي والوقوف في وجه الطغاة وان تكون سيوفهم دائما مشرعة وجاهزة كلما فكر القادة بالانحراف والتجاوز على حقوق شعوبهم 00 فالرقابة والمحاسبة والعقاب هي الاسلحة التي يجب ان تكون نشطة وفعالة في كل لحظة وهذا ليس بالامر الصعب او المستحيل فالبرلمان والقوانين والاحزاب والمنظمات وتوزيع الصلاحيات هي اهم العوامل التي تقف في وجه كل من تسول له نفسه بالانفراد بالسلطة والقفز فوق الشعوب وبذلك تكون الشعوب في منجاة من تسلط االفرد والزعيم الضرورة  0 فالثقافة هي الاساس في خلق الوعي والصحوة والانتباه ورفض الدكتا توريات التي نجدها دائما تبرز بين الشعوب الجاهلة والمتخلفة البعيدة عن مضمار الحضارة والتطور وخير مثال لنا مانراه اليوم في اوربا حيث انتفت الدكتا توريات في جميع اقطارها بسبب تقدمها العلمي وتنورها الثقافي وتطورها الحضاري وعلى العكس من ذلك فان هناك العديد من الديكتاتوريات لازالت تعيث فسادا في معظم الاقطار الافريقية والاسيوية المتخلفة فعلى الرواد والمثقفين والصفوة من ابناء هذه المناطق المتخلفة يقع عبىء خلق الوعي الثقافي لدى شعوبها ونشر العلم والمعرفة  داخل مجتمعاتهم حتى لايستطيع أي مخادع او انتهازي  سافل ان يخدع هذه الشعوب بما يرفعه من شعارات طنانة زائفة يضحك بها على عقول السذج من الناس وما اكثرهم في هذه الايام كي يرفعوه ويسيدوه عليهم فينقلب طاغية و وحش كاسر يفتك بهم ويستعبدهم اذلاء مهانين 00 ولتعلم الشعوب ان الحرية لاتمنح من قبل أي قائد او زعيم بل الحرية تنتزع وتفرض فرضا على القادة والزعماء حتى لو كان ذلك بالثورة وبقوة السلاح  فلم نسمع او نقرأ حتى في بطون التاريخ ان زعيما او حاكما منح الحرية لشعبه برضاه وبمحض ارادته بل الشعوب العظيمة هي التي استطاعت ان تمسك بمقود حياتها  فعاشت بسعادة وهناء ورخاء  كما نجد الحالة اليوم في العديد من الدول الاوربية التي وصلت الى اعلى درجات التقدم والتطور في العلم والصناعة 00 واضحت زمام الامور بايديهم يراقبون قادتهم مراقبة شديدة ويحاسبونهم اشد حساب وهم معرضون الى الامتحان والاختبار كل عدة سنوات لتجديد الثقة بهم من قبل مجلس الشعب او سحبها واستبدالهم بغيرهم ان اساؤوا التصرف او لم يقدموا الخدمات كما يجب00 و ان القادة والزعماء لم يعود بامكانهم التلاعب بمقدرات شعوبهم كما كانوا يفعلون في الماضي بل اضحى هؤلاء تحت الرقابة الدولية وعرضة للمسائلة من قبل المحاكم الدولية ايضا وهذه القوة العالمية اخذة في التطور والنموا والقوة و وهي سائرة لفرض ارادتها يوما بعد يوم  00 ولم يعد بامكان الحاكم في تلك البلدان من خداع الشعب بالوعود الكاذبة فالذي يحنث بوعده ولم ينفذ يتعرض الى اشد عقاب من قبل هذه الهيئات الداخلية كالبرلمان او الهيئات الخارجية كهيئة الامم المتحدة او مجلس الامن وهكذا فقد اخذت الديمقراطية تفرض ارادتها على الجميع حكاما وشعوب وستغادرنا الديكتا توريات التي حكمت قرونا منذ فجر التاريخ وحتى وقت قريب والى الابد 00  !!

  كتب بتأريخ :  الأحد 19-09-2010     عدد القراء :  2283       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced