ترتقي صياغة اللغة السردية الى النثر الشعري الشفاف . وسرد الاحداث الى التصوير من زوايا مختلفة للحدث السردي . معمقاً في عمق الرؤيا الفكرية , التي تناولت جوانب مختلفة من مجريات الواقع ومشاهداته الفعلية على الارض . في مرئيات الواقع المحسوس الذي يغوص في أعماق الاحباط والتشاؤم . التي من من شأنها ان تخلق الازمات النفسية والاجتماعية . المرهقة في الصراع القسري الدائر , بزعانفها البارزة في الظلم والحرمان والقهر , التي ترمي نزلاء ( الوطن ) الى المحاصرة بين حوافر .الموت والمنفى . في جوانبها السايكولوجية الاجتماعية الضاغطة عليهم . وينشدون الخلاص من هذا المأزق الذي يحاصرهم ويخنقهم , في المناشدة المحترقة في الذات عند نزلاء المنام ( من يطفئ تلك المصابيح / من يعبث بالضوء حولي ؟ أوقدوا المصابيح / أريد أن أنام ) فبدلاً المنام والاحلام للنزلاء , تهجم عليهم الكوابيس من كل جانب في اجواء وخيمة وثقيلة . هذا عمق الشفرات الرمزية في الإيحاء والمعنى والاشارة . لتدلل انهم محاصون في ازدواجية الفعل بين المنفى والموت . التي تدفعهم في الاتجاه السريالي في السلوك والتصرف . بهذا الاطار المرسوم في لوحاته السردية المرسومة , تتحرك شخوص المجموعة القصصية . في اتجاهات متعددة , لكنهم يقعون في براثن سلبية الفعل والتصرف في التعامل مع موجودات الواقع . مما تخلق أزمات ذاتية ونفسية في التعبير عن مكنوناتهم . ومنصات الحدث السردي ترصد وتلاحق الحدث من جوانبه المتعددة في الطرح والتناول . في اتجاهات متنوعة في اتجاهات الادبية في التعبير السردي , وابرزها الاتجاه الرمزي . الاتجاه السريالي . الاتجاه الواقعية الساخرة والانتقادية . وتفصيل هذه الاتجاهات في ابرز احداث السرد في القصص القصيرة :
× الاتجاه الرمزي : ابرز بعض قصصه القصيرة هي : قصة ماؤه المقدس . أمينة المجنونة . وصية الجثة .
1 - قصة ماؤه المقدس : الغراب بمنقاره الطويل المسؤول الاول عن شؤون رعيته , يطلب الى اجتماع عاجل , يلبون الدعوة بشكل سريع المناقير الاخرى من حاشيته . ووظيفتهم التصفيق عاليا بمناقيرهم واجنحتهم لغرابهم القائد . هذه اللوحة الرمزية تعني الكثير في التعبير في المعنى والمغزى . والتي تعبر عن الواقع المخيب التي تتحكم به المناقير .
2 - أمينة المجنونة . منذ الطفولة تعودت على هذه التسمية , وتطوف في المحلات والازقة والطرقات , وهي حاملة المذياع لتسمع بجنون وشغف ملهم الى خطابات الرجل الاسمر الضخم ( جمال عبدالناصر ) وهو يلقي بيانات في شعاراته النارية والبراقة . نحو الوحدة العربية , والقومية العربية , في شعاراتها البركانية التي تحطم صخور الجبال . وترتقي الى الدعوة الدولة الموحدة الوحدة للامة العربية وهو قائدها المنصور . لكنها في حقيقة الامر غير قادرة هذه الشعارات النارية ,على نهش ذبابة واحدة , وفي اول امتحان لها فشلت وتمزقت قبل ان يجف حبر اتفاقيتها ( الوحدة بين سورية ومصر والعراق ) . مثلما كان موت ( أمينة المجنونة ) بشكل غامض , حبيبها الرجل الاسمر الضخم , كان موته ايضاً بشكل غامض وتمزقت الاوراق الوحدة .
3 - قصة ستة عشر تمثالاً حجريا : بشاعة الحرب لا ترحم من فواجعها واهوالها حتى الاطفال . والحدث السردي يسجل حادثة مأساوية حدثت فعلاً , لذلك جاء الاهداء الى ( شهداء الحلوى من اطفال دوما السورية ) الذين تساقطت على روسهم الصخور ودفنتهم تحت الانقاض وتكسرت جماجمهم , وتناثرت الحلوى تحت التراب . تقدمت سيدة جميلة تحمل اطواق من الورد الياسمين الفواح , وتنثرها على قبور الاطفال الراقدين في جوف الارض .
× الاتجاه السريالي : من ابرز بعض قصصه القصيرة هي : قصة الرأس . عودة الرأس . الجثة . تعويذات . المرأة رقم 6 . المكابرة .
1 - قصة الرأس : اصبح الانسان في هذا الزمن , ينحر ويقطع رأسه كالشاة بالسكين بجز رأسه . هذه اللعبة الوحشية في بشاعتها طفحت على سطح الواقع المنظور , من خلال الفيديوهات التي يتبادلونها الناس , او عبر المشاهد الحية المتنقلة . لان الحياة سقطت في الهاوية واصبحت رخيصة , وانما اصبحت لعبة يمارسها القتلة المجرمين . ولكن بالمقابل بفعل الضغط الحياتي في المعاناة الجائرة , يأتي هذا الموت كرحمة لتخلص من الارهاقات الواقع , ضمن الاجواء الوخيمة ينظر رأس الضحية نظرة ارتياح الى جزاره لانه انقذه من ثقل المعاناة ان يذبح كالشاة ( اشعر بالرأس يحدق بي وهو ينزلق , لم تكن النظرة حقداً , او تضرعاً , أو استنكاراً . كان يشكرني , لانني استطعت أن ابتكر له ميتة مترفة , لا يحصل عليها مخلوق عادي ) ص15 .
2 - قصة المكابرة : ينتظر مجيء القطار الصباحي , وتسلى بقضم لقيمات من طعامه لقمة تلو الاخرى . أستقرت في حضنه حمامة , تنظر اليه بعطف وود وترفع منقارها اليه , عسى ان يعطف عليها بفتات من الطعام . ولكن الرجل غير مبال بالىتوسلات الحمامة , حتى انتهى من اخر لقمة . فداهم الحمامة الحزن وابتعدت عنه مخذولة بالاسى . هذا الجشع الانساني في الاستيلاء والاستحواذ .
× الاتجاه الواقعي في السخرية الانتقادية الواقع المخيب :
بعض قصصه القصيرة : قصة وصية جسد . خيمة لا تعرف المنام . شيء ما في الصورة . شوارب في سوق المدينة
1 - قصة شيء ما في الصورة : وهي تسخر من حطام الواقع المخيب والمحطم في مأساته , والذي يدفع عنوة الى الهجرة والرحيل عن البلاد عبر البحر , لكي يصل الى بلدان اللجوء . ولكن ينتهي بهم المطاف هم واطفالهم , ان يكونوا طعماً لحيتان البحر .
2 - قصة شوارب في سوق المدينة : وهي السخرية من الموروثات وتقاليدها , التي تعتبر معيار الرجولة هي الشوارب واللحى بذقونها الطويلة , ولكسر هذا التقليد ان يحلق شواربه ( وعندما بدأت بالقص والحلق , تجول المقص بين أصابعي الى مكوك متواتر السرعة , أخذ الشعر معه يرتمي فوق تراب السوق , كأنه تيقظ , غير أني تنبهت أني في الردهةا التي تحمل لوحات أنسبائي , وأنا أهتف بصوت مرتفع : ألا أونا , ألا دو . ألا تري . ) ص82
× الكتاب : المجموعة القصصية : نزلاء المنام
× المؤلف : الاديبة أمان السيد