نُقلت 22 مومياء فرعونية ملكية، مساء السبت، في موكب مهيب من المتحف المصري بميدان التحرير وسط القاهرة إلى "المتحف القومي للحضارة المصرية" في مدينة الفسطاط، الواقعة جنوب العاصمة.
وقرابة الساعة 20:30 بالتوقيت المحلي (18:30 يتوقيت غرينتش) وصل موكب المومياوات إلى مقرها الجديد في المتحف القومي للحضارة المصرية.
وأطلقت المدفعية 21 طلقة تحية للملوك، قبل أن يستقبلهم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.
وضم الموكب 22 مومياء فرعونية، بينها مومياوات 18 ملكا و4 ملكات، من أشهرهم رمسيس الثاني وحتشبسوت.
وتقدمت الخيول الموكب عند تحركه وسط أضواء زرقاء وبيضاء مبهرة من أمام المتحف المصري في ميدان التحرير، الذي أعيد تخطيطه وافتتاحه لهذه المناسبة وتم تزيينه بمسلة فرعونية في وسطه أحيطت بأربعة كباش فرعونية كذلك، نقلت خصيصا من الأقصر.
ونُقلت المومياوات فوق عربات زُينت على الطراز الفرعوني، ونقشت عليها رسومات فرعونية.
وينتمي الملوك والملكات إلى الأسر الفرعونية الممتدة من السابعة عشرة إلى العشرين.
وبدأت الاحتفالية وسط اجراءات أمنية مشددة وأغلقت كل مداخل المناطق التي يمر بها الموكب.
وسار الموكب مسافة سبعة كيلومترات إلى المتحف القومي للحضارة المصرية، في رحلة استغرقت قرابة 40 دقيقة.
إغلاق الميدان
وأعلنت السلطات رسميا إغلاق محطة المترو، السبت، اعتبارا من الثانية عشرة ظهرا حتى التاسعة مساء. وأُغلق الميدان كذلك أمام السيارات والمشاة.
وقال عالم الآثار المصري، زاهي حواس، لوكالة فرانس برس إن "العالم كله سيشاهد هذا الموكب الملكي"، وأنها "ستكون أربعون دقيقة هامة في عمر مدينة القاهرة".
ويفتح المتحف القومي للحضارة المصرية، وهو مبنى حديث في مدينة الفسطاط التاريخية بمنطقة مصر القديمة في جنوب القاهرة، أبوابه الأحد، بعدما فُتح جزء منه في العام 2017.
لكن الجمهور لن يتمكن من رؤية المومياوات الملكية إلا اعتبارا من تاريخ 18 الشهر الجاري.
وتقدم الموكب الملك سقنن رع، من الأسرة الفرعونية السابعة عشر التي يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر قبل الميلاد، واختتمه الملك رمسيس التاسع من الأسرة الفرعونية العشرين التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد.
وضم الموكب "الذهبي للفراعنة" الملك رمسيس الثاني والملكة حتشبسوت المعروفين على نطاق أوسع بين الجمهور.
وصاحبت الموكب موسيقى عزفها فنانون مصريون.
عمل طويل
وقالت المديرة العامة لمنظمة يونسكو، أودري أزولاي، التي حضرت الاحتفالية إلى جوار السيسي، إن نقل المومياوات إلى المتحف القومي للحضارة المصرية هو "نتاج عمل طويل للحفاظ عليها وعرضها بشكل أفضل".
وأضافت أزولاي في بيان "أمام أعيننا يمر تاريخ الحضارة المصرية".
واكتُشفت معظم هذه المومياوات بالقرب من الأقصر اعتبارا من العام 1881، ولم تغادر المتحف المصري في ميدان التحرير بقلب العاصمة المصرية منذ بداية القرن العشرين.
ومنذ خمسينيات القرن الماضي، كانت المومياوات معروضة واحدة بجانب الأخرى في قاعة صغيرة، دون شرح كاف بجوار كل منها.
وأُقلت المومياوات كل في عربة بمفردها في غلاف يحتوي على النيتروجين، حتى تكون في ظروف مماثلة لتلك التي تُحفظ بها حاليا داخل صناديق العرض في المتحف المصري.
وزُودت العربات التي نقلت المومياوات بتجهيزات خاصة لاستيعاب الصدمات.
وفي المتحف القومي للحضارة المصرية، ستُعرض المومياوات داخل صناديق حديثة مزودة بتقنيات "لضبط درجة الحرارة ومستوى الرطوبة، أكثر تقدما من تلك الموجودة في المتحف القديم"، بحسب ما قالت أستاذة المصريات في الجامعة الأميركية بالقاهرة المتخصصة في التحنيط، سلمى إكرام، لوكالة فرانس برس.
وستُعرض كل منها منفردة إلى جانب التابوت الخاص بها بطريقة تشبه المقابر الملكية المدفونة تحت الأرض، مع نبذة تعريفية عن كل ملك وكل القطع الأثرية المرتبطة به.
ويقول حواس "ستُعرض المومياوات لأول مرة بطريقة جميلة لأغراض ثقافية وليس من أجل الإثارة".
ويضيف "لن أنسى أبدا عندما اصطحبت (الأميرة) مارغريت، شقيقة الملكة إليزابيث الثانية، إلى المتحف (..) أغمضت عينيها وهربت".
وإثر الضربات الموجعة التي تلقتها السياحة المصرية عقب ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس المصري السابق، حسني مبارك، تسعى مصر لاستعادة ملايين الزوار من خلال الترويج لمتاحفها الجديدة ومن بينها متحف الحضارة.
لعنة الفراعنة
كذلك، ستفتح مصر خلال شهور متحفا آخر هو المتحف المصري الكبير، قرب أهرامات الجيزة، الذي سيضم كذلك آثارا فرعونية أبرزها مومياء توت عنخ آمون والتي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ومجموعته كلها التي اكتشفت في العام 1922.
وقال مستشار وزير السياحة والآثار، وليد البطوطي، إن العرض "يبين أنه وبعد آلاف السنين، ما زالت مصر تكن تقديرا كبيرا لقادتها"، على قناة النيل الدولية.
وأثار "الموكب الملكي" تعليقات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يسلم من روح الفكاهة والتندر لدى المصريين الذين اعتبروا أن جنوح السفينة في قناة السويس وحادث قطار الصعيد الذي أودى بحياة 18 شخصا في الأيام الماضية هما نتاج "لعنة الفراعنة" الذين يعبرون عن استيائهم لنقلهم من مرقدهم الحالي.
واعتاد المصريون على وصف أي حدث حزين أو مأساوي بأنه نتاج "لعنة الفراعنة"، من باب التندر.
وسبق أن ورد ذكر "لعنة الفرعون" في عشرينيات القرن الماضي، بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وما أعقب ذلك من وفيات اعتُبرت غامضة بين أعضاء فريق علماء الآثار الذي اكتشفها.