توفي في يوم 23 حزيران 2021 خيري الضامن أحد رواد الترجمة البارزين من اللغة الروسية الى اللغة العربية، والذي أبدع بقلمه ترجمة أكثر من 50 كتابا من عيون الأدب الروسي.
ولد خيري الضامن في عام 1936 في مدينة القرنة بجنوب العراق، وفي عام 1960 إلتحق بالدراسة في جامعة الصداقة بموسكو. وفي عام 1965 بدأ العمل مترجما في القسم العربي بوكالة تاس، وفي عان 1970 إنتقل للعمل في دار النشر "التقدم" وأحيل في عام 1999 الى التقاعد. لكنه واصل العمل في قناة "روسيا اليوم" العربية في عام 2007 لمدة ثلاثة أعوام.
وبرز خيري كمترجم لامع وأحد مؤسسي مدرسة موسكو للمترجمين التي ضمت غائب طعمة فرمان ومحمد المعصراني وحسيب الكيالي وا بوبكر يوسف وغيرهم. وقام بترجمة رواية تورجينيف " الآباء والبنون" ورواية الكسي تولستوي " طفولة نيكيتا" ورواية راسبوتين " الحريق" ورواية فادييف " الهزيمة" ورواية شوشكين "العناقيد الحمراء" وكذلك أعمال بلاتونوف ورسائل دوستويفسكي(سرقت الترجمة من إحدى دور النشر العربية حيث نشرت طبعة أخرى بإسم سامي الدروبي) ورسائل تشيخوف(لم تنشر بعد). إنني لا أود كتابة رثاء لخيري الذي كان من أقرب الأصدقاء لي في روسيا ، فهو بالنسبة لي يبقى حيا في الذاكرة .وقمت معه منذ ثلاثة أعوام برحلة نهرية في نهر الفولجا الى مدينة أستراخان وتمتعنا خلالها بالتعرف على المدن والمعالم التاريخية ونبادلنا الآراء حول الأدب الروسي وما يجب ترجمته الى اللغة العربية . وتعرفت عندئذ على ثقافته العالية وألمه لتدهور الثقافة في العراق. وآثر في السنين الأخيرة الإنتقال من موسكو الى الريف . وحاول إقناعي بشراء شقة مجاورة له في الريف بضاحية بالاشيخا بضواحي موسكو. وهكذا بدأ حياة الإنعزال حيث كان يواصل ترجمة أعمال غير أدبية من أجل كسب لقمة العيش ، ولا يكتب إسمه على الغلاف عادة. أما علاقاته فكانت منحصرة بالأصدقاء القدامى القلائل وتتم بواسطة الهاتف. وكان يهتف لي يوميا أحيانا لتتبع الأخبار حول الكتب الصادرة مؤخرا.
وقد لمع إسمه منذ أيام الشباب في القرنة حيث كان يكتب في مجلة " الآداب " البيروتية ونشر دراسة حول الشعر العربي المعاصر. ولهذا عندما بدأ العمل مترجما بموسكو سرعان ما ذاع صيته بين أفضل المترجمين من الجيل الأقدم لجزالة إسلوبه وغنى مفرداته.وعانى مثل غيره من المترجمين في الفترة السوفيتية . وقال حول ذلك في حديث مع جريدة " الأخبار "اللبنانية : لم يكن أحد من المترجمين العرب المقيمين في روسيا، وأنا مقيم هنا منذ عام 1960، يستطيع أن يتملص من ترجمة «الكتب السوفياتية».إن الدولة التي توفر لهم الإقامة، تتولى شؤون الطباعة والنشر حصراً، وهذا معروف. وترجمت «رحى الحرب» وهي الجزء الثاني من ثلاثية سيمونوف «الأحياء والأموات» بخمسة مجلدات، وعدد صفحات الترجمة العربية يتجاوز الألفين. وأنا الآن، بعد مرور سنين، أشعر ببعض الأسف لأنني ضيعت شبابي عليها وعلى غيرها. يومها كنت أحلم بدوستويفسكي، إلا أن الناشرين العرب، سامحهم الله، حولوا هذا الكاتب العظيم إلى بقرة حلوب. فعمد إلى ترجمته مع باقي أساطين الأدب الروسي كل من هب ودب من غير الملمين باللغة الروسية، حتى آل الأمر أخيراً إلى فرض احتكار على ترجمة روايات دوستويفسكي عن الفرنسية. وما كانت السلطات السوفياتية ساعتها تشجع كثيراً على نشر كتابات الروائيين الروس بسبب تعارضها عموماً مع توجهات السوفيات. فكنا نحن المترجمين العرب نتحسر ونترحم على عمالقة الأدب الروسي".