أكد مدير برنامج الماء والإصحاح البيئي في منظمة اليونيسف في العراق، علي الخطيب، أن مسحاً شمل أكثر من 9 آلاف مدرسة بيّن أن 50% من المدارس في العراق لا يتوفر فيها مياه صالحة للشرب.
ولفت في مقابلة خاصة مع شبكة رووداو الإعلامية، أجراها دلبخوين دارا، وبثت الاثنين (25 أيلول 2023)، إلى أنه وفقاً للخطة الخمسية بين اليونيسف والحكومة العراقية "يوجد للسنة الحالية أكثر من 300 مشروع، على مستوى المدارس والمجتمع المحلي لتوفير المياه الصالحة للشرب التي قد تساعد في ديمومة إكمال الطلاب لدراستهم".
علي الخطيب أشار إلى أن اليونيسف قامت بدراسة موسعة على أثار التغيرات المناخية بالنسبة للأطفال والشباب، وخرجت بتوصيات بـ "أهمية تغيير وتنظيم استراتيجية اليونيسف في العراق لتتلاءم مع التغيرات المناخية والشحة المائية في الموارد بالعراق".
بشأن المناطق التي لا تصل لأطفالها مياه نظيفة، قال إن "أكثر المحافظات المتضررة هي في الوسط والجنوب، وبالتحديد المحافظات التي تعتمد على مصادر مياه من نهر الفرات، وهذا سببه انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات، وخصوصاً في مناطق الأنبار والديوانية والمثنى وذي قار"، مستطرداً أن "هنالك شحاً في المياه بإقليم كوردستان، خاصة في أربيل التي تعتمد على المياه الجوفية".
أدناه نص مقابلة رووداو مع علي الخطيب:
رووداو: العراق أحد البلدان التي تأثرت بشكل كبير من التغير المناخي.. فإلى أي مدى تغيّر المناخ في العراق أثّر على صحة الأطفال، ما حجم الضرر الذي أُلحق بالأطفال من التغير المناخي في العراق؟
علي الخطيب: تشير الإحصائيات إلى أن العراق يشغل التسلسل رقم 61 من أصل 163 بلداً حسب مؤشر اليونيسف عن مخاطر التغير المناخي على الأطفال والشباب، وضمن الوثيقة الأممية المناخية عالمياً يقع العراق في الترتيب الخامس من ناحية أثر نقص المياه وتغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، وكل ذلك يصب في مدى تأثير التغير المناخي على أطفال وشباب العراق.
بالعودة إلى آخر الإحصائيات المقدمة من وزارة التخطيط العراقية حول النسب السكانية، نرى أن 60% من الشعب العراقي ضمن خانة أقل من 25 سنة، أي أن المجتمع العراقي مجتمع شاب، لذا ينبغي دراسة آثار التغير المناخي على الأطفال والشباب.
التأثيرات تصب على 3 محاور أساسية، أولاً الصحة والنمو الجسماني وثانياً التربية والتعليم، وثالثاً توفير الخدمات الأساسية لنمو ازدهار المجتمع، من هنا قامت اليونيسف بدراسة موسعة على أثار التغيرات المناخية بالنسبة للأطفال والشباب، وخرجت بتوصيات بأهمية تغيير وتنظيم استراتيجية اليونيسف في العراق لتتلاءم مع التغيرات المناخية والشحة المائية في الموارد بالعراق، وكذلك تقديم الدعم الكامل للحكومة العراقية على أهمية تفادي مخاطر التغيرات المناخية على ازدهار المجتمع العراقي.
رووداو: أنتم المنظمة الأعلى مرتبة في الأمم المتحدة التي تهتم بشؤون الأطفال.. العراق كان يمكنه توفير المياه النظيفة اللازمة للأطفال.. لماذا المياه النظيفة لا تتوفر لأطفال العراق؟
علي الخطيب: تعمل اليونيسف بشكل مستمر مع وزارة التخطيط العراقية لإجراء مسوحات تكمن أهميتها في إعطاء قاعدة بيانات لتقدم مدى تغطية الخدمات لعموم الشعب العراقي. في سنة 2022 نفذت اليونيسف مع وزارة التخطيط ووزارة البلديات والإسكان ووزارة البلديات والسياحة في إقليم كوردستان المسح البيئي الشامل في 18 محافظة، أظهرت أن 84% من الشعب العراقي يحصل على خدمات مياه الشرب والصرف الصحي، 60% فقط يحصلون على مياه صالحة للشرب، فضلاً عن أن هناك تفاوت كبير وتباين شاسع في الخدمة بين الحضر والريف، حيث تبيّن أن 91% من سكان الحضر يحصلون على مياه الشرب، لذا يجب أن تتلاءم خدمة توفير المياه مع جودة المياه بحيث ألا تكون مضرة صحياً.
رووداو: دكتور إنها معادلة ليست بالسهلة أن الأطفال في العراق لا تتوفر لهم المياه النظيفة.. أيّ المناطق في العراق لا تصل لأطفالها المياه النظيفة؟
علي الخطيب: بحسب مسوحات 2022، نلاحظ أن أكثر المحافظات المتضررة هي في الوسط والجنوب، وبالتحديد المحافظات التي تعتمد على مصادر مياه من نهر الفرات، وهذا سببه انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات، وخصوصاً في مناطق الأنبار والديوانية والمثنى وذي قار، لكن لا يخفى أن هنالك شحاً في المياه بإقليم كوردستان، خاصة في أربيل التي تعتمد على المياه الجوفية، وانخفاض منسوبها أثر على ديمومة توفير المياه الصالحة للشرب في إقليم كوردستان.
رووداو: هل مياه الفرات ملوثة، أم أصابها التلوث إثر النفايات؟.. أقصد هنا نهر الفرات.
علي الخطيب: نعم، يوجد تلوث في نهري دجلة والفرات وسببه يعود سببه إلى عدم صيانة محطات معالجة مياه الصرف الصحي من محافظة بغداد إلى محافظة البصرة، وعدم وجود بعض محطات الصرف الصحي على مستوى الأقضية والنواحي، وكذلك إلقاء مخلفات مياه الصرف الصحي مباشرة في النهر مما يسبب ارتفاع نسبة الملوثات البيولوجية والبكتيرية، التي تعد مصدراً للمياه.
في إقليم كوردستان، في محافظة السليمانية بالتحديد، توجد نسبة عالية من التلوث في سد وبحيرة دوكان، وهو ناتج عن عدم وجود صرف صحي متكامل يتناسب مع المعايير الدولية.
رووداو: شيء آخر دكتور علي، كما تعلم فإن الحرارة ارتفعت هذا العام.. المياه الملوثة وغير النظيفة تتسبب بتفشي الأمراض، أو قد انتشرت أمراض حقاً، فما هي الأمراض التي تنتشر في العراق بسبب المياه الملوثة؟
علي الخطيب: أبرزها الإسهال والكوليرا والتايفوئيد، وهي منتشرة في الغالب بالمناطق التي لم تعالج فيها مياه الصرف الصحي، وبالتالي تكون بيئة خصبة لانتشار البكتيريا البيولوجية مما يسبب إصابة الاطفال والنساء والشباب بأمراض معوية التي تكون عائقاً لنمو الأطفال وخطراً عليهم وهم دون 5-6 سنوات.
رووداو: جيد، سآتي على مسألة الأطفال مجدداً، كما تعلم دكتور في العام الدراسي قد انطلق وشرعت المدارس أبوابها للأطفال، هل المياه النظيفة دكتور علي، ستصل إلى كافة المدراس؟ أو.. سأسألك بنمط آخر، ما المدارس التي لا تصلها المياه النظيفة في العراق؟ أي كم عدد المدارس العراقية المحرومة من المياه النظيفة خاصة بالتزامن مع انطلاق العام الدارسي؟
علي الخطيب: سؤال مهم جداً، يهمنا في اليونيسف مراقبة وتقييم الخدمات المقدمة للأطفال في المدارس العراقية، لذلك شرعت اليونيسف في سنة 2021 بتنفيذ مسح كامل بالتعاون مع وزارتي التربية الاتحادية وإقليم كوردستان بالتنسيق مع وزارة الصحة العراقية والجهاز المركزي للإحصاء، لكل من خدمات المياه والصرف الصحي شكل أكثر من 9 آلاف مدرسة على مستوى العراق، هذه المدارس كانت على 3 مستويات، الابتدائي والمتوسط والثانوي، وأظهرت هذه المسوحات أن 50% من المدارس في العراق لا يتوفر فيها مياه صالحة للشرب، وسبب ذلك يعود إلى أن تلك الأبنية تشغل أكثر من مدرسة ومستوى، لذا فإن أكثر من ألف طالب على الأقل في تلك المدارس لا يحصلون على المياه الصالحة للشرب، وهذه إضافة لعدم وجود المرافق الآمنة والنظيفة، أحد الأسباب التي أدت إلى عزوف الطلاب عن الدراسة وخاصة البنات في سن المراهقة بمرحلتي المتوسطة والثانوية.
رووداو: كما تقول فإن 50% من المدارس العراقية لا تتوفر لديها المياه النظيفة، والكثير من التلاميذ خاصة الفتيات، محرومون من تلك المياه النظيفة، ما هي برامجكم دكتور لتوفير المياه النظيفة في المدارس سواء في العراق أو كوردستان؟
علي الخطيب: وفقاً للخطة الخمسية بين اليونيسف والحكومة العراقية، فإنه يوجد للسنة الحالية أكثر من 300 مشروع، على مستوى المدارس والمجتمع المحلي لتوفير المياه الصالحة للشرب التي قد تساعد في ديمومة إكمال الطلاب لدراستهم في المستويات الثلاث، من هذه المشاريع هو الترشيد الاستهلاكي ونصب منظومة الطاقة الشمسية لتوفير إنارة متكاملة مع نظام تهوية بداخل المدارس يضمن توفير الطاقة الكهربائية لبعض مدارس العراق، ونستهدف هذه السنة أكثر من 250 مدرسة وأكملنا لحد الآن أكثر من 150 موزعة في محافظات بغداد والأنبار وكركوك ونينوى ومحافظات إقليم كوردستان، آملين التعاون بين الحكومتين الفيدرالية وإقليم كوردستان على تغطية أغلب المدارس الابتدائية في عموم العراق، وتوجد مشاريع رائدة بإقليم كوردستان لحصاد المياه والغرض منها هو رفد وضخ وإعادة تعبئة الآبار الموجود في أربيل والسليمانية وكركوك، ونفذت اليونيسف 6 مشاريع ريادية، 3 في أربيل و3 في دهوك، وهذا المشروه يساعد على تعزيز المياه الجوفية الموجودة وإحياء المنطقة السكانية ومساعدة المزارعين على إرواء وسقي مزروعاتهم وخلف بيئة ترفيهية.
رووداو: شيء آخر دكتور علي، مجموع كبير من أطفال روجآفاي كوردستان، يقيمون في المخيمات كلاجئين، وقد زرت شخصياً العديد من تلك المخيمات والمدارس بشكل خاص، لا تتوفر لهم المياه النظيفة دكتور، هل لديكم برنامج لأؤلئك الأطفال اللاجئين، كي لا يبقوا هم أيضاً محرومين من المياه النظيفة، خاصة المقيمين في المخيمات؟
علي الخطيب: بعد دخول أكثر من 500 ألف نازح سوري عام 2013 إلى محافظات الوسط وإقليم كوردستان، أنشئت مخيمات بالتعاون بين الحكومة الفيدرالية وحكومة إقليم كوردستان، وازداد عدد المخيمات في العراق بعد ظهور داعش عام 2014، إلى أكثر من 175 مخيماً، موزعة على محافظات إقليم كوردستان، وبغداد والمحافظات الجنوبية، وبعد انحسار أزمة داعش، قررت الحكومة العراقية إغلاق جميع المخيمات وعودة النازحين إلى أماكنهم الأصلية، بدأ التركيز والاهتمام على مخيمات النازحين السوريين في إقليم كوردستان، وبعد 9 سنوات من العمل، قامت بتدريب الكوادر وتم إدخال دورات على العاملين لكيفية الإدارة والتشغيل لاستمرار الخدمة النوعية في مجالات المياه والصرف الصحي، ومستمرون في تقديم هذه الخدمة من أجل إكمال أطفال اللاجئين لدراستهم من خلال وجود خدمات بالتعاون مع وزارة التربية عبر تخصيص مدارس تعنى بإكمال دراسة الأطفال السوريين في تلك المخيمات.
رووداو: دكتور علي في الدقائق الأخيرة المتبقية، لقد انتشر مرض الكوليرا مؤخراً، وبالتأكيد أضرّ بالأطفال بشكل كبير، وهم يصابون به قبل البالغين والكبار، ما هي أسباب مرض الكوليرا دكتور، وأنتم كمسؤول في يونيسف، بماذا تنصحون للحد من تفشي هذا المرض؟
علي الخطيب: الكوليرا من الأمراض المزمنة والمتوطنة في العراق، وظهرت أول وجبة وبائية سنة 1967، ومن خلال تراكم الخبرة، هناك محافظات لديها مؤشرات عالية لتفشي وانتشار الكوليرا مرة ثانية، وهو وباء دوري يتكرر كل سنتين أو ثلاث، وتكون في موسم الخريف أو الربيع قبل انحساره في فصل الصيف، وهو ناتج من تلوث المياه بالدرجة الأولى وتلوث الأغذية خاصة غير المعاملة حرارياً بشكل صحيح.