سلط موقع "ميديا لاين" الأمريكي الضوء على الصراع الدائر بين "سرايا السلام" وبين عصائب اهل الحق، مشيرا إلى أن الحكومة ما تزال مترددة في التدخل لإنهاءه على الرغم من ان صراعهما اوقع اكثر من 200 قتيل حتى الآن، وهو يثير مخاوف من تحولها الى اقتتال اهلي بين العراقيين.
وأوضح الموقع الأمريكي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، إن الحرب غير المعلنة بين الميليشيات المدعومة من إيران، داخل عدة محافظات عراقية، بما في ذلك بغداد، أسفرت خلال الشهور الاخيرة، عن مقتل ما لا يقل عن 200 مسلح.
وبحسب التقرير، فإن هذه الاشتباكات، بدأت في البصرة في 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بين سرايا السلام التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وبين عصائب أهل الحق التابعة لقيس الخزعلي الذي كان قد انشق في السنوات الماضية عن تيار مقتدى الصدر.
وبالاضافة الى ذلك، اشار التقرير الى وقوع اشتباكات متفرقة بين حزب الله العراقي وعدة ميليشيات مسلحة خلال الشهرين الماضيين.
وتابع التقرير، أن مقاتلين تابعين لسرايا السلام عمدوا خلال الاسبوعين الماضيين، الى احراق مقر عصائب اهل الحق، التي رد مقاتليها بإحراق مقر سرايا السلام.
ورأى التقرير، أن الحكومة العراقية لم تتدخل حتى الآن في معظم هذه الاشتباكات، وآخرها ما جرى في حي العامل في بغداد، والتي سقط فيها عدد من عناصر الميليشيات كما جرح مواطنون اخرون في الاشتباكات.
واشار التقرير الى ان حادثة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي حيث يقوم أحد المواطنين بالاتصال برقم الطوارئ التابع لوزارة الداخلية (130) للابلاغ عن سماع اطلاق نار بالقرب من منزله، حيث يرد عليه متلقي الاتصال "ليس بمقدورنا التدخل، اتركهم لبعض الوقت وسوف يهدأون".
والى جانب ذلك، قال التقرير إن الاشتباكات تجددت مساء الثلاثاء بعدما حاول عناصر من العصائب تعليق صور نائب قائد الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس وقائد قوة القدس الايرانية قاسم سليماني اللذين قتلتهما واشنطن بغارة جوية في العام 2020، ثم قام عناصر من سرايا السلام بمنعهم من تعليق الصور، فاندلعت اشتباكات ادت الى جرح شرطي.
وبحسب التقرير، فإن هذه الاشتباكات سبقتها اغتيالات طالت العديد من عناصر وقيادات الميليشيات، غالبيتها جرت في محافظة ميسان ومحافظات جنوبية.
ونقل التقرير عن "حمودي كاظم"، وهو أحد سكان حي العامل ببغداد، قوله إن "نوافذ منزلي تحطمت بسبب الرصاص الطائش عدة مرات.. وانا شخصيا لا اجرؤ على الخروج وسط هذه الاشتباكات، ونعلم ان القوات الامنية لن تتمكن من التدخل، وهم كانوا بالقرب من مواقع الاشتباكات المسلحة عدة مرات، إلا أنهم لم يفعلوا أي شيء".
كما نقل التقرير، عن عاصم السعدون، وهو أحد سكان محافظة البصرة، قوله "نسمع كل يوم اصوات الرصاص، بينها ما هو اشتباكات بين مليشيات مسلحة، وبينها ما يكون بسبب خلافات عشائرية تتحول إلى اشتباك مسلح".
وأضاف أن "القوات الامنية لا تتدخل إلا في النزاعات العشائرية، والوضع بائس، واحيانا ليس بامكاننا ان ننام بسبب اصوات الرصاص، ولا نستطيع ايضا الخروج". وتابع قائلا انه "في اليوم التالي، عندما يكون هناك قتلى، تنظم الجنازات، ويجري إغلاق الشوارع القريبة من منزل القتيل، ونحن في ورطة حقيقية".
ونقل التقرير عن الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية محمد علي الحكيم قوله إن "الاشتباكات المسلحة التي وقعت بين الفصائل في بغداد أساسها صراع سياسي وعلى مناطق النفوذ، وهي ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة".
وبحسب الحكيم، فان "هذا الصراع مستمر منذ سنوات، ويمكنه أن يتجدد في أي لحظة، خصوصا بسبب الصراع السياسي المحتدم بين انصار الصدر والميليشيات المسلحة الاخرى، والاطار التنسيقي الحاكم في العراق".
واعتبر الحكيم ان هذه الاشتباكات تؤكد "استمرار فشل الحكومة في حصر السلاح بالدولة، واستمرار بقاء السلاح خارج سيطرتها، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا للسلام المجتمعي والأهلي ويمثل تهديدا للدولة نفسها ايضا".
واضاف قائلا ان "هذا الصراع تحول إلى أداة مستخدمة في الصراع السياسي والصراع على فرض النفوذ".
وحذر الحكيم من أنه في حال تواصل هذه الاشتباكات، فإنها قد "تمتد الى مناطق اخرى في العاصمة وربما إلى محافظات في الوسط والجنوب"، مضيفا ان هذه المواجهات المسلحة "تشكل تهديدا للاستقرار وقد تؤدي الى اقتتال اهلي، وهذه المسألة لها تداعيات كبيرة وخطيرة على العراق والعراقيين".
وبحسب عبد المهدي الحميداوي، وهو من قادة سرايا السلام، فان قواته تساعد القوات الامنية العراقية، حيث "إننا جزء لا يتجزا منها، ولسنا مخربين او ميليشيات".
وتابع قائلا ان "الاشتباكات التي تحدث بين الحين والآخر هدفها فرض الامن والاستقرار، وهناك مجموعات من المخربين يحملون أسلحة ونحاول منعهم" وفق ما جاء في التقرير.