ولا لتعديل قانون الاحوال الشخصية 188
شاركت رابطة المراة العراقية في مهرجان اللومانتيه الاممي الذي ينعقد سنوياً بباريس، وهو مهرجان ثقافي سياسي واجتماعي كبير تنظمه صحيفة "لومانيتيه" الفرنسية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتقدمية وأقيم هذا العام بين 13 و15 من أيلول الجاري، وهو مهرجان انطلق عام 1930، ويُعَدُّ واحدًا من أقدم المهرجانات والتظاهرات اليسارية في فرنسا؛ وهو مناسبة عالمية للتجمع، المناقشة، وتبادل الأفكار حول قيم التضامن والانفتاح والسلام.
وجاءت مشاركة رابطة المرأة العراقية ضمن خيمة طريق الشعب التابعة للحزب الشيوعي العراقي بفعاليتين، احداها ندوة مهمة حاضرت بها سكرتيرة رابطة المرأة العراقية السيدة شميران مروكل اوديشو وتمحورت حول التداعيات القانونية والاجتماعية والشعبية وحتى السياسية لمقترح التعديلات على قانون الاحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة 1959، القانون الذي يعد احدى مكتسبات الحركة النسوية المدنية في العراق منذ خمسينات القرن الماضي.
فقد بينت اوديشو أن التعديلات تنتهك بشكل صارخ 14 مادة دستورية وتنسف سيادة القانون ومبدأ الفصل بين السلطات وتتعدى على استقلال القضاء العراقي ويخلق سلطة تشريعية رديفة بيد الفقهاء المختلفين فيما بينهم، واحالة الاحوال الشخصية الى مدونات فقهية مجهولة تدق ناقوس الخطر لما يهدد وحدة النسيج المجتمعي وتدق اسفين الفتنة الطائفية داخل الاسر العراقية وتهدد استقرار المجتمع وتمنع الاختلاط بين المذاهب والاديان.
كما بينت ان القانون سيصادر حقوق النساء العراقيات واطفالهن بالكامل وسيجعلها عرضة للاذلال والاستعباد وللمختلف عليه لدى الفقهاء، وسيشرعن الزواج خارج المحكمة وسيحمل الفتيات القاصرات ما لا طاقة لهن في الحمل وتحمل اعباء الامومة مبكرا دون توفر ادراك ووعي كامل في تربية وتنشأة الاطفال بشكل سليم.
كما ان التعديلات ستفتح الباب بحجة القانون امام العوائل التي تعاني اقتصاديا او لا تملك وعياً لبيع الطفلات لان في اصل التعديل يبيح زواج القاصرات، وهذا سيسبب ايضا تراجعا كبيرا في نسب التعليم بين الفتيات، وسيزيد من معدلات العنف والاتجار بالنساء.
كما لم تخفي رابطة المراة العراقية من تخوفها وتحذيرها بان هذه التعديلات تحمل ابعادا سياسية وانتخابية ومحاولة واضحة للقوى الممسكة بالحكم في العراق للهيمنة الكاملة على السلطة والمال والنفوذ وسلخ الدولة من مدنيتها واسلمتها واسلمة المجتمع واخضاع كل القوى المدنية والديمقراطية من احزاب ومنظمات وحركات اجتماعية وثقافية وشعبية معارضة لنهج المحاصصة والطائفية وتحييد نشاطها عبر شيطنة شخوصها والمدافعات والمدافعين عن القانون النافذ وحقوق الانسان عبر وسائل عديدة تنتهجها السلطة عبر التهديدات العلنية تارة وتارة عبر كتب رسمية وتبليغات شفوية لموظفي الدولة من منع الظهور الاعلامي للمحامين واستاذة القانون والاكادميين، كذلك قامت مؤوسسات اخرى بتوجيهات رسمية وشفوية بعدم الحديث بمسالة تعديل القانون والاخبار عن اي احاديث سياسية ودينية داخل مؤسسات الدولة مؤخرا، اضافة لحملة اعلامية ممنهجة بالتحريض والتهديد والتسقيط، بل ان الامر تعدى ذلك حتى وصل الى ان بعض رجال الدين وبعض المنابر الدينية تجاوزت حتى على الاسلام والقيم الاخلاقية بتوجيهها الفاظا واساءات وتهما باطلة تحمل في طياتها تحريضا وتهديدا صريحا لكل المنضوين في (تحالف 188) الذي ساهمت الرابطة في تشكيله للدفاع عن قانون الاحوال الشخصية.
و قد يسر الندوة الاستاذ داود الأمين، وكان هناك تفاعل من قبل الحاضرين في خيمة طريق الشعب من العراقيين والمشاركين الاخرين من دول عديدة .
اما الفعالية الثانية للرابطة في مهرجان اللومانتيه كانت قد أعقبت الندوة بمسيرة لرابطة المرأة العراقية بشتى فروعها المنتشرة في دول اوربا والمشاركة في مهرجان اللومانتيه وساهم فيها العديد من النساء والرجال القادمين من شتى البلدان والمشاركين في فعاليات خيمة طريق الشعب حاملين الشعارات المناهضة لقرارات التعديل على القانون والمساس بمكتسبات المرأة العراقية خلال مسيرة نضال طويلة شهدت تضحيات كبيرة من قبل الرابطيات وبقية الحركة النسوية، وقد رددت الرابطة في مسيرتها الشعارات المؤيدة للحراك النسوي وحراك (تحالف ١٨٨) في العراق للدفاع عن قانون الاحوال الشخصية النافذ وعدم المساس وبمدنية الدولة والقيم الديمقراطية وكرامة المرأة وانسانيتها وحقوقها المشروعة.
دينا الطائي