حذرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال، الدكتورة نجاة معلا مجيد من تزايد الاستغلال الجنسي والإساءة إلى الأطفال عبر الإنترنت، مشيرة إلى أن تأثر حوالي 300 مليون طفل حول العالم بهذا الأمر لا يعكس الواقع الحالي حيث إن هناك مشكلة في الإبلاغ عن حالات العنف، كما لا تتوافر كل البيانات.
وفي حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة، تحدثت الدكتورة مجيد عن تقريرها الذي صدر اليوم الخميس تزامنا مع مرور خمسة عشر عاما على تعيين أول ممثلة خاصة للأمين العام معنية بالعنف ضد الأطفال، والذي يعد فرصة لتقييم الجهود المبذولة لمعاجلة دوافع العنف ضد الأطفال ومظاهره.
وبالحديث عن العنف الذي يتعرض له الأطفال عبر الإنترنت، أشارت الدكتورة مجيد إلى أن المشكلة في ازدياد لاسيما أن هناك "المزيد من الأطفال الأصغر سنا متصلون بالإنترنت، وكذلك هناك المزيد من المفترسين والمجرمين الجنسيين المتصلين بالإنترنت".
وتطرقت إلى أنواع العنف الأخرى التي يتعرض لها الأطفال لاسيما في المدارس وحولها، مضيفة أنه "يجب ألا ننسى الحرب حيث تستهدف القنابل المدارس". ووصفت عمالة الأطفال بأنها "عنف ضدهم، لأن الأطفال ينبغي أن يكونوا في المدارس، لا أن يعملوا".
ونبهت كذلك إلى أن نفس الطفل قد يقع ضحية لأشكال مختلفة من العنف في ظروف مختلفة. وأشارت إلى "نقطة أخرى لا نتحدث عنها كثيرا تتعلق بقضية العنف النفسي والعاطفي لأنه من الصعب جدا قياسه، لكنه موجود".
وأكدت المسؤولة الأممية أن "الأطفال ليسوا مشكلة يجب حلها، بل ثروة ينبغي الاستثمار فيها".
فيما يلي نص الحوار الذي أجريناه مع الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال، الدكتورة نجاة معلا مجيد.
أخبار الأمم المتحدة: عندما نتحدث عن العنف ضد الأطفال، يتبادر إلى أذهان الكثيرين الصراع. فهل تشمل ولايتك معالجة العنف ضد الأطفال الناجم عن الصراع أم أنها تقع حصريا في نطاق تفويض الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح؟
نجاة معلا مجيد: أعي أن هناك نوعا من الغموض فيما يتعلق بهذا الأمر. ولكن الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح تتعامل مع ستة انتهاكات جسيمة بما فيها القتل والتشويه، والعنف الجنسي، وجميع أشكال التجنيد داخل القوات المسلحة أو الجماعات المسلحة، والهجمات على المدارس والمستشفيات، ومنع إيصال المساعدات الإنسانية.
ولكن النقطة هنا هي أن العنف ضد الأطفال أوسع نطاقا مما يحدث فقط أثناء الصراعات. ما هو مهم أيضا، وفيما يتعلق بولايتي، هو تفويض أوسع تم إنشاؤه بعد دراسة الأمم المتحدة عن العنف ضد الأطفال، والتي أظهرت جميع أشكال العنف في جميع البيئات.
أعمل عن كثب مع زميلتي فيرجينيا غامبا (الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح). ويمكن أن يكون نفس الطفل ضحية لجميع الانتهاكات الستة الجسيمة وأشكال أخرى من العنف.
كما تعلمون، فإن الاتجار بالبشر يتزايد، والتهريب يتزايد، والاستغلال الجنسي، وعمالة الأطفال، وزواج الأطفال كل ذلك يتزايد. نعم، الانتهاكات الستة الجسيمة مهمة، ولكن ارتباطها بالأشكال الأخرى مهم أيضا.
أتعامل أيضا مع هؤلاء الأطفال قبل الصراع، وأثناء الصراع وبعد الصراع، علاوة على كل الأطفال الذين يفرون من الصراع، ويبلغ عددهم ما يقرب من 43 مليون طفل.
إذا هؤلاء أيضا ضحايا لأشكال مختلفة من العنف والاستغلال، لذا فإن المهمة أوسع. ولكننا نعمل معا عن كثب لأن ما يهم هو كيف يمكننا منع العنف واكتشاف مبكر لكيفية حماية هؤلاء الأطفال ليس فقط ضد الانتهاكات الستة الجسيمة، وإنما أيضا كيف يمكننا بعد الصراع، التفكير في كيفية إعادة البناء والتأكد أيضا من أننا نأخذ في الاعتبار كل ما يحدث.
أخبار الأمم المتحدة: إذا انتقلنا إلى التقرير الجديد الذي أصدرتموه اليوم. أظهر التقرير أن حوالي 300 مليون طفل تأثروا بالاستغلال الجنسي والإساءة للأطفال عبر الإنترنت خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. هل يمكنك أن تخبرينا بالمزيد عن هذا الرقم المذهل؟
نجاة معلا مجيد: هذا العام هو الذكرى السنوية الخامسة عشرة لتأسيس مكتب الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف ضد الأطفال، لذلك قررت أيضا ألا أقيم احتفالا بهذا الأمر، بل أيضا أن أراجع ما يحدث وأين نحن الآن.
سترى في هذا التقرير أن لدينا نفس أشكال العنف التي ورد ذكرها في تقرير عام 2006، ولا تزال باقية. وهذه الأرقام التي أشرتَ إليها، هي الاتجاهات الناشئة والاتجاهات المتزايدة فيما يتعلق بما يحدث عبر الإنترنت.
وعدد 300 مليون طفل هم ضحايا الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت لا يعكس الحقيقة، لأن المشكلة تتعلق أيضا بالإبلاغ وليس لدينا كل البيانات. لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة؟ لأن لديك المزيد من الأطفال المتصلين المزيد من الأطفال الأصغر سنا المتصلين بالإنترنت. النقطة الأخرى هي أن هناك أيضا المزيد والمزيد من المفترسين والمجرمين الجنسيين المتصلين.
أضف إلى ذلك ما يتعلق حاليا بقضية كبيرة وهي الافتقار لسلامة الأطفال عبر الإنترنت، فضلا عن استخدام الذكاء الاصطناعي. وإذا أضفت إلى ذلك الاستغلال عبر الإنترنت والألعاب الإلكترونية، فإن المشكلة جنونية. لم نر ذلك أبدا.
ولدينا أيضا أرقام مروعة فيما يتعلق بزيادة الابتزاز المالي والجنسي الذي يستهدف الأطفال، لأن الأطفال يقومون بتحميل صورهم الخاصة وبعد ذلك يتم تهديدهم وما إلى ذلك. لذا فإن المشكلة كبيرة حقا.
هذا هو السبب وراء سعينا إلى التوصل إلى الـميثاق الرقمي العالمي. وقد عدت للتو من منتدى الأمن السيبراني العالمي، من أجل السعي إلى التأكد من تضمين حماية الأطفال على الإنترنت بشكل صحيح. ويجب أن يتم تضمينها كما تعلمون، من خلال التصميم، دون انتظار.
أخبار الأمم المتحدة: هناك قضية مرتبطة بذلك، فقد أشار التقرير إلى أن 15 في المائة من الأطفال في جميع أنحاء العالم يُبلغون عن تعرضهم للتنمر الإلكتروني. لماذا تعتقدين أن لدينا هذه النسبة الكبيرة؟
نجاة معلا مجيد: مرة أخرى، هذا لا يعكس الواقع بالكامل لأن التنمر الإلكتروني هو أحد الشواغل الرئيسية للأطفال أنفسهم. أعمل كثيرا مع الأطفال، وأناقشهم وأستمع إليهم، وأعلم أن التنمر الإلكتروني يتزايد. هذا النوع من العنف الإلكتروني بين الأقران ليس من السهل التعامل معه، ويؤثر على الأطفال، فيما يتعلق في بعض الأحيان بصحتهم العقلية، فيحاول البعض الانتحار مثلا.
هي مشكلة ليس من السهل حلها لأن لديك ثلاثة عناصر يجب أن تأخذها في الاعتبار، وهي الأطفال الضحايا، والأطفال الذين يمارسون التنمر، والمتفرجون. وهذا أمر مهم جدا. ولدينا أمثلة رائعة حاليا في العديد من البلدان حيث يشارك الأطفال ويعملون معا في مجال الحصول على الاستشارة بين الأقران والتوجيه بين الأقران.
دور المعلمين ودور الآباء مهم أيضا، لأنك بحاجة إلى أن تكون على دراية وتتأكد من قدرتهم على الإبلاغ، لأن العديد من الأطفال الذين يتعرضون للتنمر يشعرون بالذنب ولا يبلغون عن هذا الأمر. نعمل مع قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين جميع آليات حماية الطفل والإبلاغ التي يمكن أن تضمن الإبلاغ السريع. ولكن في الوقت نفسه، نتأكد من أنهم آمنون ويمكن للأطفال الوصول إلى الدعم الجيد الذي يحتاجون إليه.
أخبار الأمم المتحدة: إذا انتقلنا إلى قضية أخرى مهمة، فإن 160 مليون طفل ما زالوا منخرطين في عمالة الأطفال. ماذا يعني هذا على صعيد العنف ضد الأطفال؟
نجاة معلا مجيد: أولا، تعتبر عمالة الأطفال بمثابة عنف ضدهم، لأن الأطفال ينبغي أن يكونوا في المدارس، لا أن يعملوا.
المشكلة حاليا هي أن هذا العدد مرتفع بسبب ما يحدث في جميع أنحاء العالم. فلدينا كما تعلمون كل هذه الأزمات، والنزوح القسري، وانعدام الأمن الغذائي، والفقر، والتفاوتات الاجتماعية، والصراع، وأزمة المناخ. وعدد الأطفال المسجلين في عمالة الأطفال - وفي كثير من الحالات في أسوأ أشكال عمالة الأطفال - يتزايد حقا. والعديد من الأطفال هم ضحايا للعنف في مكان العمل.
لكن العديد من الأطفال الذين يقعون ضحايا عمالة الأطفال هم أيضا ضحايا للاتجار، والتهريب، وللاستغلال الجنسي. يتم التعامل مع بعضهم كمستعبدين، لذا فهي قضية ضخمة ولا يمكننا حلها إذا لم نتعامل معها إذا لم نتمكن من التصدي لمسبباتها.
ولكن في نفس الوقت يجب التأكد من حصول الأطفال على التعليم، ومحاربة الفقر، والحماية الاجتماعية. ولهذا السبب أصر على حقيقة أن العنف هو نتيجة لعوامل عديدة، وإذا لم نتعامل مع جميع المسببات الرئيسية، فلن نتمكن من إنهائه أو منعه.
أخبار الأمم المتحدة: إحدى نتائج التقرير أيضا هي أن ما يقدر بنحو 246 مليون فتاة وفتى يتعرضون للعنف في المدارس وحولها. ما هي أنواع العنف التي يتعرضون لها؟
نجاة معلا مجيد: لديك العديد من الأطفال الذين يقعون ضحايا أثناء توجههم إلى المدارس لأنه كما تعلم في بعض البلدان لديك مشكلة الطرق غير الآمنة. وعندما تعيش في مناطق نائية، لا توجد أضواء، وبالتالي لديك الكثير من المخاطر.
وداخل المدارس أيضا، قد يكون هناك العقاب البدني، والعنف الجسدي، والتأديب من قبل أقرانهم، ومعلميهم. وقد يكون هناك كذلك التنمر والتنمر الإلكتروني، والإساءة الجنسية، وكل أنواع التحرش عندما يشعر الأطفال بأنهم لا ينتمون إلى المجموعة. وفي نفس الوقت، فإن ما نراه حاليا في العديد من البلدان هو تعاطي المخدرات داخل المدرسة وحولها.
وهناك المزيد من الجماعات المسلحة التي تحيط بالمدارس. وهناك إطلاق النار في المدارس. ويجب ألا ننسى الحرب حيث تستهدف القنابل المدارس. ونشهد أيضا إطلاق نار من قبل الشرطة في بعض الأماكن لمكافحة انعدام الأمن، حيث يطلقون النار على المدارس أيضا. وهناك كذلك إطلاق النار داخل المدارس حيث الأسلحة مسموح بها. ونحن هنا مثلا في بلد يسمح فيه بذلك.
أخبار الأمم المتحدة: ما هي أكثر أنواع العنف الأخرى ضد الأطفال الأكثر انتشارا؟
نجاة معلا مجيد: يا إلهي. من الصعب جدا أن أصف لك ما هي أكثر أنواع العنف انتشار، لأن المشكلة تكمن في عدم وجود آلية جيدة لجمع المعلومات، لماذا؟ لأن العديد من البلدان لا تمتلك هذه المعلومات. ولكن هناك نقطة أخرى وهي أنه من الصعب جدا الإبلاغ عنها لأن النقاط المهمة الرئيسية هي أن العديد من حالات العنف تظهر في دائرة الثقة، ولا يمكنهم الإبلاغ عنها بسبب الخوف، أو الخوف من الانتقام، أو الوصمة، أو المحرمات.
وهناك نقطة أخرى وهي أنه عندما يبلغون عن العنف، فإنهم غير متأكدين من أنهم سيحظون بالثقة في أن الآلية ستعمل. وليس من المؤكد أنهم سيحظون بالقدرة على الوصول إلى كل الدعم وكذلك العدالة والعلاج. ومن ثم، فإن المشكلة الحالية هي أنه لا يوجد بلد محصن، ولا يوجد طفل محصن. ففي جميع البلدان، نجد العديد من أشكال العنف.
ويمكنك أيضا أن تجد نفس الطفل ضحية لأشكال مختلفة من العنف في ظروف مختلفة. وقد يكون ذلك عبر الإنترنت وبعيدا عنها، أو أن يبدأ على الإنترنت ثم ينتقل إلى خارجها. لذا فهي ليست مهمة سهلة حاليا.
أخبار الأمم المتحدة: بالحديث عن البلدان والمناطق، هل لاحظت انتشارا للعنف ضد الأطفال في مناطق أو بلدان بشكل أكبر؟
نجاة معلا مجيد: عند النظر إلى مناطق مثلا حيث توجد عصابات مسلحة أو شبكات إجرامية، نجد أن المشكلة توسعت حقا. الشيء الآخر الذي تعاني منه جميع البلدان هو العنف في دائرة الثقة والعنف الجنسي، وهو ما نراه في العديد من البلدان.
لكن لا يعني عدم توافر معلومات لدينا عن هذه البلدان، أن المشكلة غير موجودة. هناك التنمر الإلكتروني الذي يتزايد في جميع أنحاء العالم. نقطة أخرى لا نتحدث عنها كثيرا تتعلق بقضية العنف النفسي والعاطفي لأنه من الصعب جدا قياسه، لكنه موجود.
هناك الاتجار بالبشر الذي يتزايد أيضا، حيث يوجد سوق كبير لهذا الأمر، في ظل تشرد العديد من الأطفال. وإذا أضفت إلى ذلك كل التقنيات التي تسهل الجريمة، فيصبح الأمر جنونيا. ولديك أحد الأشياء الشائعة حاليا عبر الإنترنت، ليس فقط العنف الجنسي، ولا مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، ولكن لديك خطاب الكراهية، ولديك معلومات مضللة، ولديك الترويج للانتحار، والترويج لإيذاء النفس، لديك فقدان الهوية.
هذا جنون، والقائمة تطول. في بعض الأحيان، يصيبك هذا الأمر باليأس، ولكن يمكن القول أيضا إننا قادرون على مواجهة ذلك.
أخبار الأمم المتحدة: هل شهدتم تحسنا في الجهود الرامية إلى الحد من العنف ضد الأطفال وأسبابه الجذرية؟
نجاة معلا مجيد: أزور العديد من البلدان، وما أستطيع أن أقوله لكم، إن لديهم العديد من الممارسات الرائعة الواعدة. التقيت بالعديد من الأشخاص الملتزمين حقا وصناع السياسات. المشكلة هي أن لديك مثالا رائعا مثلا فيما يتعلق بالوقاية، وأن لديك مثالا رائعا آخر يتعلق بالاستجابة. ولديك تشريعات وسياسات رائعة في مكان آخر.
المشكلة تكمن في عدم تنفيذ كل هذا، وكيف يمكن تطبيق هذه الممارسات الواعدة. المشكلة هي أن حماية الطفل ورفاهه لا ينبغي أن ينظر إليها فقط ضمن عمل وزارات الشؤون الاجتماعية أو شؤون الأسرة، بل هو أمر يمتد لجميع القطاعات، بما فيها التعليم، والصحة، والعدالة، وإنفاذ القانون، والمالية. وهذا مهم جدا.
إذا لم نتأكد من أن هذا الأمر على مستوى عالٍ من الأجندة السياسية، وأنه جزء لا يتجزأ من خطة التنمية الوطنية والخطط المحلية، فإن الأمر لن يفلح.
أخبار الأمم المتحدة: فيما يتعلق بالعواقب طويلة الأمد. ما هي الخسائر والتداعيات الأكبر التي تنجم عن العنف ضد الأطفال؟
نجاة معلا مجيد: العنف يؤثر على الأطفال وعلى صحتهم العقلية لفترة طويلة. لقد تحدثت عن عدد حالات الانتحار، والاضطرابات السلوكية، واضطرابات الأكل، وإدمان المخدرات، واليأس، واضطراب ما بعد الصدمة.
وهناك تأثير على تعليمهم وأدائهم وتعلمهم. وهناك أيضا خطر تكرار هذه الدورة المفرغة التي يمكن أن يقع فيها الأطفال، لأنهم قد يشهدون العنف المنزلي وعنف الشريك الحميم. وهناك تأثير آخر وهو التأثير الاقتصادي. ولأننا أجرينا تقييما للتكاليف المباشرة وغير المباشرة للعنف ضد الأطفال، فإن التكاليف تختلف من بلد إلى آخر. ولكنها قد تصل إلى 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني. إنها تكلفة ضخمة.
وفي بعض البلدان، تبلغ تكاليف العنف سنويا ستة أضعاف الميزانية السنوية لوزارة الصحة. لذا أعتقد أنه عندما نتحدث مع وزراء المالية والاقتصاد، أستطيع أن أقول لك إنهم يفهمون جيدا وينظرون للأمر باعتباره استثمارا. وإذا لم ننظر إلى حماية الطفل باعتبارها استثمارا، لن ينجح الأمر. وينبغي التوقف عن رؤية كل هذه القضايا المتعلقة بحماية الطفل، ضمن خطط واستراتيجيات موازية، لأنها يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من المنظومة.
أخبار الأمم المتحدة: سيعقد المؤتمر الوزاري العالمي الأول لإنهاء العنف ضد الأطفال في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر. ما الذي ينبغي أن نتوقعه من هذا المؤتمر التاريخي؟
نجاة معلا مجيد: لدي الكثير من التوقعات، لأنه بالنسبة لي، هو أول مؤتمر يحضره أكثر من 100 وزير. يجب أن يكون المؤتمر صانعا للتغيير، ويجب أن نتحدث خارج الصندوق ونكون مستعدين لأننا نعرف بالفعل ما هو مفيد.
نعرف بالفعل ما يجب القيام به، ونعرف تكلفة عدم القيام بذلك، ونعرف العائد على الاستثمار إذا قمنا بذلك بشكل مختلف. لذا، فإن القضية هي حقا ربط النقاط بين كل هؤلاء الأشخاص وجعلهم يتحدثون، بصراحة ومعرفة كيف يمكننا المضي قدما. هناك أمثلة رائعة، وإذا انتقينا مثالا من هنا وآخر من هناك ثم مراجعة الأمر عبر نظام متعدد الأطراف فعال يركز على الأطفال، فيصبح الأمر ممكنا.
لذا فإن توقعاتي ليست مجرد إقامة عرض كبير، بل المؤتمر بالنسبة لي خطوة واحدة، وسنستمر في البناء عليها. ويرتبط الأمر كذلك بمبادرة إيجاد الطريق، وإنهاء العنف ضد الأطفال 2.0 التي أقودها حاليا، والتي تجمع العديد من البلدان للعمل معا، وهناك رغبة قوية، لربط الناس وإظهار أننا قادرون على تحقيق ذلك.
هناك نقطة أخرى، فبعد المؤتمر الذي ينعقد في بوغوتا، عاصمة كولومبيا، لدينا اجتماع الشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال. وهذا مهم، لأنه في العديد من البلدان يتم استخدام الأديان لتبرير الممارسات الضارة والعنف ضد الأطفال. وهنا لدينا معايير للحماية، ويتعلق الأمر بالتحول من الأقوال إلى الأفعال والتصرف بسرعة من أجل الأطفال، والأهم من ذلك، النظر إلى الأطفال، كجزء من الحل.
لقد تبنينا مـيثاق المستقبل، وأعتقد أنه ليس لدينا وقت نضيعه. ونتطلع إلى خطة 2023، حيث وعدنا بإنهاء جميع أشكال العنف ضد جميع الأطفال في جميع البيئات بحلول عام 2030. ولهذا يتعين علينا أن نسرع من الأمر ونراه كاستثمار.
الأطفال ليسوا مشكلة يجب حلها، بل ثروة يجب الاستثمار فيها. وأعتقد حقا أنه إذا لم نغير عقليتنا، فلن نحقق وعدنا. لذا آمل أن نفعل ذلك.